آسفي و”المغرب الكروي النافع” !
أولمبيك آسفي فاز بلقب كأس العرش لأول مرة في تاريخه، بعدما استطاع الإطاحة بنهضة بركان الذي كان قد فاز هو الآخر بلقب البطولة الوطنية للمرة الأولى.
نحن أمام سابقة في تاريخ كرة القدم الوطنية، تتمثل في فوز فريقين بلقبي نفس الموسم من خارج المحور التقليدي للأندية الذي يمكن ان نسميه بقليل من التحفظ “المغرب الكروي النافع” الممتد من القنيطرة إلى فاس ثم مراكش.
وفي كرة القدم المتنوعة، وبالضبط في الفوتصال، خرج أيضا لوكوس القصر الكبير الفريق الفتي حديث التأسيس، ليستحوذ على لقب الدوري عن جدارة واستحقاق ويتوج بطلا لأول مرة في تاريخه بل وفي تاريخ المدينة التي ينتمي إليها.
فهل نحن أمام ملامح بداية انقلاب جذري في الخريطة الكروية بالمغرب، بعد هذا البروز اللافت لأندية مدن الهامش لتحقق بعض “العدالة الكروية” في الألقاب والكؤوس واحتلال الريادة في سبورات الترتيب ؟
الأمر يحتاج إلى بعض الوقت لتتضح الصورة الجديدة، التي بإمكانها أن تؤكد هذا المعطى. إذ يجب ان ننتظر المواسم القليلة المقبلة لنتأكد هل أن هذه الأندية المتألقة القادمة من المغرب البعيد، تفعل ذلك وفق استراتيجيات محكمة رسمتها لنفسها وفق هيكلة كروية حديثة ومتطورة، أم أن هذه الألقاب والتتويجات ليست سوى ضربات حظ ساعدت مجموعة من العوامل في تحقيقها.
لكن الثابت في الأمر هو أن المناطق المهمشة البعيدة في المغرب، كانت دائما خزانا هائلا للمواهب الفطرية في كرة القدم، فلم تخلو يوما من الكفاءات الكروية التي تجدها منتشرة في جميع الأحياء الشعبية بالمدن والقرى، وطالما كانت منجما لا ينضب بالنسبة لأندية “المغرب الكروي النافع” في ظل عدم وجود أندية كبيرة مهيكلة في منطقتها، تستقطب هذه المواهب وتصنع بها فريقا قويا يمثل المدينة أو المنطقة أحسن تمثيل.
معطى فوز أندية الهامش بأهم الألقاب الوطنية في كرة القدم، هو رسالة واضحة للجامعة الملكية المغربية، لكي تشتغل على تكريس هذه العدالة الكروية بين جميع مناطق البلاد، وتفتيت هذه المركزية المفرطة في “ضريب الحساب” للأندية القريبة من العاصمة، على حساب فرق وأندية الراشيدية وطاطا والناظور وتارودانت والسمارة والعيون وباقي المدن والمناطق المقصية من الإستفادة من “نعيم” كرة القدم المغربية حاليا.
أول تنظيمات الجامعة التي يمكنها أن تحقق هذا التوزيع العادل للتنمية الكروية التي يعرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة، هي العصب الجهوية، وذلك بعد إعطائها المزيد من الإستقلالية المالية والتدبيرية لكرة القدم بالجهة، لكي تصبح بمثابة “جامعات مصغرة” تدعم مشاريع الأندية الطموحة في منطقتها وتساهم معها في تطوير عمليات استقطاب وتكوين المواهب في أكاديميات ومدارس تشتغل بمناهج حديثة.. والهدف من كل هذا هو التوفر على ناد مهيكل وقوي ماليا وتقنيا قادر على اللعب باستمرار على الألقاب الوطنية ومنافسة الأندية التقليدية على مراكز الريادة في سبورات الترتيب.