story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

يشمل المجتمع المدني وقنوات سرية.. دعوة إلى حوار مغربي- جزائري برعاية أوروبية

ص ص

دعا تقرير حديث، نُشر على مجلة السياسة الدولية والمجتمع، الاتحادَ الأوروبي إلى رعاية مبادرات حوار بين المغرب والجزائر، تضم شخصيات مغربية وجزائرية، لتقريب وجهات النظر بين البلدين، وألا يكتفي بإدماج مفهوم “علاقات حسن الجوار” في مشاركاته الدبلوماسية.

وقال التقرير الذي نشرته المجلة التابعة لمؤسسة “فريدريش إيبرت” في بروكسيل إنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يفكر خارج الصندوق، ويروّج للتعاون الفني القائم على المكاسب المشتركة. ويرعى مبادرات حوار تدريجية تشمل مواطنين مغاربة وجزائريين من المجتمع المدني، والأوساط الأكاديمية، وقطاعات الأعمال.

وأوضح أن مثل هذه المبادرات من شأنها المساهمة في بناء الثقة، مما يمهد الطريق تدريجياً لإجراء محادثات رسمية، لإنهاء الخلاف وسوء الفهم بين البلدين، داعياً إلى الاستلهام من تجارب سابقة في منطقة المتوسط، حيث تمكنت أطراف متنازعة من التعاون في قضايا عملية تعود بالنفع على شعوبها، حتى وإن كانت لا تعترف رسمياً ببعضها البعض.

التقرير الذي أعده إيمانويل كوهين-هادريا عضو المجلس التنفيذي لمنظمة “دبلوميدز”، وهي مجموعة سياساتية عبر متوسطية تدعو إلى الحوار والتعاون وتسهل المحادثات السرية في المنطقة، أشار إلى أن التعاون بين المغرب والجزائر “يتطلب اتباع قنوات سرية ومنخفضة الظهور، كما يمكن أيضاً للمنظمات الإقليمية مثل ‘الاتحاد من أجل المتوسط’ أن تلعب دورًاً مهماً في تسهيل التعاون الفني”.

وذكر كوهين-هادريا أن الاتحاد من أجل المتوسط يستضيف مجموعة واسعة من الاجتماعات على المستوى الفني، تشمل مسؤولين مغاربة وجزائريين، كما أنها لا تجمع الوزراء فقط.

ويرى التقرير ذاته أن بروكسل تمتلك فرصة، مع شروعها في صياغة ميثاق جديد للمتوسط، لإثبات استعدادها لتجاوز الخطاب واتخاذ خطوات ملموسة نحو حل النزاعات.

ودعا التقرير بروكسل إلى تقديم دعم مالي للمبادرات المدنية التي تهدف إلى استعادة الروابط بين الشعوب، ومواجهة الخطاب الانقسامي، وتعزيز المصالحة، مشيراً إلى أن خطاب الكراهية “يتغلغل بشكل متزايد في الخطاب العام في كل من المغرب والجزائر، ويغذي العداء على المستوى الشعبي”.

ويرى أن الاتحاد الأوروبي وجد نفسه عالقاً في موقف غير مستدام، يحاول فيه الحفاظ على علاقات قوية مع كلا البلدين، بينما يتنقل بين مصالحهما المتضاربة ويخفف من آثار النزاع بينهما.

واعتبر أن هذا النهج “لم يعد لا قابلاً للاستمرار ولا مستداما”. إذ لم يعد السؤال ما إذا كان بوسع أوروبا أن تتدخل “بل ما إذا كانت تستطيع تحمل عدم المحاولة”.

وشدد على أن بداية هذه المحاولة يمكن أن تكون من خلال دبلوماسية “المسار الثاني” المنخفضة الوتيرة، والتي تشمل المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية.

ويؤكد تقرير مجلة السياسة الدولية والمجتمع ضرورة أن يدرج الاتحاد الأوروبي مسألة حل النزاع بين المغرب والجزائر على جدول أعماله مشيراً إلى أن كلا البلدين شريكان أساسيان له في مجالات الأمن والطاقة والهجرة.

ونبه إلى أن القطيعة الدبلوماسية بينهما منذ عام 2021 قد عمقت الانقسامات. ومع ذلك فإن الاتحاد الأوروبي تعامل مع النزاع بين الجزائر والمغرب لفترة طويلة على أنه قضية يمكن إدارتها.

ويفترض الاتحاد الأوروبي أن التصعيد العسكري بينهما غير مرجح، وأن العواقب الاقتصادية والأمنية للنزاع يمكن تحملها.

وفي هذا السياق، أفاد التقرير بأنه يجب أن تكون الأحداث في غزة بمثابة “تحذير صارخ ضد هذا التراخي”، مشيراً إلى أن أي تصعيد إضافي للأزمة بين المغرب والجزائر “ستكون له تبعات هائلة، بما في ذلك على أوروبا، من خلال تعطيل إمدادات الطاقة، وزيادة الهجرة غير النظامية، وزيادة زعزعة الاستقرار في منطقة المتوسط الهشة أصلاً”.

كما نبه المصدر إلى أن انهيار التعاون في تبادل المعلومات الاستخباراتية بين المغرب والجزائر أضعف بدوره جهود مكافحة الإرهاب، ومنع الجريمة العابرة للحدود والهجرة غير النظامية.

ويدفع الاتحاد الأوروبي، بحسب المصدر ذاته، حتى دون اندلاع مواجهة عسكرية، ثمن النزاع بين الجارين العربيين. إذ “يجد نفسه عالقاً في موقف غير مستدام، يحاول فيه الحفاظ على علاقات ثنائية قوية مع كلا البلدين، بينما يتعامل مع مصالحهما المتعارضة ويحد من آثار النزاع”.

وتوقف عند إغلاق خط أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي في عام 2021، الذي كان رابطاً حيوياً لنقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا والبرتغال عبر المغرب، وعدّه “مثالاً صارخاً على الكيفية التي تؤثر بها النزاعات الإقليمية بشكل مباشر على أمن الطاقة الأوروبي”.

وبناء على ذلك، خلص التقرير إلى أنه “لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يواصل ترك هذا الصراع على هامش أجندته للسياسة الخارجية”، داعياً إياه لقاومة الميل إلى اعتبار هذا النزاع مستعصياً على الحل، أو إلى الاعتقاد بأنه لا يستطيع فعل شيء حياله.

وحث الاتحاد الأوربي على أن يبدأ من حيث تكمن مصالحه المباشرة ويمكن أن يكون لتأثيره معنى، إذا كان يطمح حقاً لأن يكون “موثوقاً” في مجال الأمن. ودعاه التقرير إلى الاضطلاع بدور أكثر فاعلية في تعزيز الحوار، مشيراً إلى أنه لن يحمي مصالحه بذلك فحسب، “بل سيستعيد أيضاً مصداقيته المتلاشية بسرعة كقوة استقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط”.