story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

“العدالة لغيثة”.. فاجعة تهز شاطئ سيدي رحال وتحرك الرأي العام

ص ص

تحوّلت لحظات لهو بريئة على رمال شاطئ سيدي رحال، يوم السبت 15 يونيو 2025، إلى مأساة هزّت قلوب المغاربة، بعدما تعرّضت الطفلة غيثة، البالغة من العمر أربع سنوات ونصف، لحادث دهس مروّع بسيارة رباعية الدفع كانت تجرّ دراجة مائية (جيت سكي)، وسط ذهول المصطافين. الصغيرة كانت تلهو في حفرة رملية حفرها لها والدها، قبل أن يُفجع الأب بصوت الاصطدام وصراخ الحاضرين.

وفي تفاصيل الواقعة، ذكر والد الطفلة أنه اضطر لترك مكانه للحظات فقط بحثاً عن الماء، غير أن تلك اللحظات القليلة كانت كافية لتحوّل المشهد إلى كارثة، فقد اندفع السائق بسيارته وسط الزحام، ليصدم الطفلة بقوة على مستوى الرأس والفك، تاركاً جسدها الصغير ممدداً على الرمال.

وقد تم نقل غيثة على وجه السرعة إلى المستشفى، حيث خضعت لعملية دقيقة، وهي اليوم راقدة في قسم العناية المركزة، إذ قال الأب، وهو يغالب دموعه، “منذ أسبوع وأنا لا أستطيع العودة إلى المنزل، كانت تركض نحوي وتفتح لي الباب وتعانقني كلما عدت”.

لكن الجرح لم يتوقف عند حدود الحادث، بل امتدّ إلى ما هو أعمق، فقد كشف والد الضحية أن أحد أفراد عائلة السائق زاره في المستشفى، وتفوه بعبارة: “حنا عندنا الفلوس”، كلمات وصفها الأب بأنها “طعنة في كرامته” و”إهانة للعدالة”، إذ تعكس استهتاراً بالحياة وتلميحاً بأن المال يمكنه أن يطمس المأساة.

استنكار شعبي واسع

وأثار الحادث المؤلم الذي تعرّضت له الطفلة غيثة موجة غضب عارمة في صفوف المغاربة، حيث امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات الصدمة والأسى، وتعددت التدوينات والمنشورات التي تندد بما جرى، معتبرةً أن “ما حدث ليس مجرد حادث عرضي، بل نتيجة مباشرة للاستهتار وانعدام الرقابة في الفضاءات العمومية”.

وقد عبّر آلاف النشطاء عن تضامنهم المطلق مع أسرة الطفلة، معتبرين أن “غيثة ليست وحدها”، وأن صرخة والدها المكلوم تمثل صوت كل أب مغربي يخشى على أطفاله من الإهمال والفوضى، وانتشر وسم #العدالة_لغيثة بشكل واسع، ليصبح شعارًا لحملة تضامن وطنية تطالب بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين.

ولم يتوقف الغضب الشعبي عند حدود المطالبة بالمحاسبة فقط، بل طال أيضًا ما وُصف بـ”الوقاحة” التي أعقبت الحادث، بعدما نُقل عن أحد أقارب السائق قوله “حنا عندنا الفلوس” بعد أن زار أب الضحية في المستشفى، وهو ما اعتبره المواطنون “استفزازًا لمشاعر الضحايا” و”تحديًا سافرًا للعدالة”، حيث رأى كثيرون في العبارة دليلاً على عقلية الاستقواء بالنفوذ والمال.

استنكار حقوقي

وحقوقيًا أيضًا، أثارت الواقعة ردود فعل غاضبة من منظمات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية، التي اعتبرت ما جرى انتهاكًا صارخًا لحق الطفلة في الحياة والسلامة الجسدية، حيث دعت إلى ضرورة التحقيق في ملابسات الحادث ومحاسبة المسؤولين.

وفي هذا السياق، أدان إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، ما ورد في التصريح المنسوب إلى أحد أقارب المتسبب في الحادث، والذي تفاخَر فيه بأن الجاني “يمتلك المال ولن يصيبه أي مكروه”، مشيرا إلى أن مثل هذا الكلام، “لا يشكل فقط إساءة فادحة للعدالة، وإنما يطعن في مبدأ المساواة أمام القانون، ويُروّج لثقافة الإفلات من العقاب، مما يتنافى مع روح الدستور المغربي والتزامات المملكة بموجب الاتفاقيات الدولية”.

كما أوضح السدراوي أن هذا الحادث يسلط الضوء على “الاختلالات الخطيرة” التي تعرفها بعض الشواطئ المغربية، لا سيما فيما يخص غياب المراقبة وانتشار وسائل خطرة مثل السيارات الرباعية الدفع والدراجات المائية دون تأطير أو زجر، مشددا على أن استمرار هذه الوضعية يجعل من الشواطئ فضاءات مهددة لحياة المصطافين، وخصوصًا الأطفال الذين يفترض أن يكونوا في بيئة آمنة.

وفي غضون ذلك، دعا السدراوي إلى فتح تحقيق قضائي نزيه ومستقل في قضية الطفلة غيثة، مؤكدًا على ضرورة ضمان عدم الإفلات من العقاب، بغضّ النظر عن الوضع الاجتماعي أو النفوذ الذي قد يتمتع به الجاني، مشددا على أن العدالة يجب أن تكون فوق كل اعتبار.

كما طالب بمراجعة شاملة لتنظيم الشواطئ المغربية، محذرًا من استمرار الفوضى في غياب تأطير قانوني صارم لاستعمال الوسائل الخطرة مثل “الجيت سكي” والسيارات الرباعية الدفع، مؤكدا أن “حماية أرواح المواطنين، خاصة الأطفال، تستوجب وضع ضوابط دقيقة وزجرية، تمنع التهور والاستعراض في فضاءات يفترض أن تكون آمنة ومفتوحة للجميع دون تمييز أو تهديد”.