story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

دراسة: الصين وروسيا تعيدان تقييم مواقفهما من الصحراء المغربية

ص ص

أفادت ورقة بحثية حديثة صادرة عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن الصين وروسيا تعيدان تقييم مواقفهما من قضية الصحراء المغربية، وذلك في ظل إعادة تشكيل التوازنات الدولية.

وأوضحت الورقة أن هذا الملف، الذي طالما كان هامشيًا في أجندتي بكين وموسكو، بات يحظى باهتمام متزايد لديهما، مدفوعًا بمنطق الاستقرار الإقليمي والمصالح الجيوسياسية، مبرزا أن موقف البلدين يشهد تحولات تدريجية، تعكس تقاربًا غير معلن مع المقترح المغربي للحكم الذاتي.

وأضافت الدراسة الصادرة تحت عنوان: “الصين وروسيا في مواجهة قضية الصحراء المغربية: نحو تقارب في المصالح الاستراتيجية”،أن الصين، التي لطالما التزمت الحياد تجاه النزاع، بدأت منذ 2018 في دعم قرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى حلول واقعية وقابلة للتطبيق، كما أشار إلى أن بكين صوتت لصالح القرار 2602 في 2021، وهو ما اعتُبر تحولا نوعيًا في موقفها التقليدي.

وفي السياق ذاته، بيّن المصدر أن الموقف الروسي تطور بدوره من تأييد ضمني لجبهة البوليساريو خلال الحرب الباردة إلى موقف أكثر توازنًا في السنوات الأخيرة، موردا أن روسيا امتنعت عن التصويت على بعض قرارات مجلس الأمن المتعلقة بتمديد بعثة “المينورسو”، بعدما كانت تعارضها سابقًا، مفسرا هذا التحول برغبة موسكو في الحفاظ على علاقاتها المتوازنة مع كل من المغرب والجزائر.

واستنادًا إلى معطيات الدراسة، فإن زيارة الملك محمد السادس لموسكو سنة 2016 شكلت منعطفًا مهمًا في العلاقات الثنائية، وأفضت إلى إعلان شراكة استراتيجية، حيث ذكرت أن روسيا عبرت خلال هذه الزيارة عن أخذها بعين الاعتبار لموقف المغرب من النزاع، كما شددت على دعمها لحل سياسي متوافق عليه، تحت رعاية الأمم المتحدة.

كما أشارت إلى أن الصين والمغرب طورا علاقات اقتصادية متينة في السنوات الأخيرة، عززت من تقارب المواقف الدبلوماسية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 8 مليارات دولار في 2023، فيما تجاوزت الصادرات المغربية نحو الصين مليار دولار لأول مرة، كما تُعتبر الصين اليوم ثالث شريك تجاري للمغرب، وأول شريك آسيوي له.

وعلاوة على ذلك، أبرز المصدر أن الصين كثفت استثماراتها المباشرة في المغرب، خاصة في قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والطاقة، وسجلت سنة 2023 حضور الصين في 29% من مشاريع الاستثمار الأخضر في المملكة، فضلا عن اعتزام شركات صينية كبرى إنشاء مصانع للبطاريات الكهربائية ومجمعات صناعية في مدن كالقنيطرة والجرف الأصفر.

وتابع أن روسيا بدورها أبدت اهتمامًا متزايدًا بالفرص الاقتصادية التي يتيحها المغرب، رغم محدودية استثماراتها المباشرة، فقد تم توقيع اتفاقيات للصيد البحري في المياه الأطلسية التابعة للأقاليم الجنوبية.

ووفقًا للورقة ذاتها، ترى الصين في المغرب منصة استراتيجية ضمن مبادرة “الحزام والطريق”، تربط بين إفريقيا، أوروبا والأطلسي، مؤكدة أن استقرار الصحراء تحت السيادة المغربية من شأنه تسهيل تنفيذ مشاريع طموحة، كالممرات الطاقية والبنية التحتية العابرة للحدود، كما أن حل النزاع في إطار الحكم الذاتي سيعزز أمن الاستثمارات الصينية طويلة الأمد.

وفي الاتجاه نفسه، تابعت الدراسة أن روسيا تسعى للحفاظ على توازن دبلوماسي بين الجزائر والمغرب، دون الانحياز لأي طرف، مشيرة إلى أن أي تصعيد عسكري في المنطقة من شأنه أن يحرج موسكو ويقوض مصالحها مع كلا البلدين، وهو ما يجعل تبني حل سياسي للنزاع يخدم الاستراتيجية الروسية الرامية إلى التموقع كوسيط دولي محايد وفاعل في القارة الإفريقية.

وفي الختام، أكدت الورقة على أن التحولات الجارية في موقفي بكين وموسكو من قضية الصحراء تمثل فرصة استراتيجية للمغرب، إذ تفتح المجال لقيام تحالفات أوسع حول مبادرة الحكم الذاتي، وتدعم دينامية الاستقرار في شمال إفريقيا والساحل، كما تعزز فرص الاستثمار، وتُسهم في إعادة صياغة التوازنات الجيوسياسية الإقليمية بشكل يخدم السلم والتنمية.