story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رياضة |

تشابي ألونسو.. من بلاد الباسك إلى قيادة ريال مدريد

ص ص

عندما كان ينزل الطفل تشابي ألونسو رفقة أقرانه من بلدتهم الصغيرة المسماة تولوسا بوسط إقليم الباسك إلى شاطئ دي لاكونشا بسان سيباستيان، من أجل لعب كرة القدم على رمال الشاطئ، توطدت علاقته بطفل صغير من أبناء البلدة إسمه ميكايل أرتيتا، ونسجا صداقة متينة على إيقاع الشغف بعوالم الكرة، رسما فيها أحلامهما الصغيرة باللعب في الفئات السنية لأكبر أندية منطقتهم ريال سوسيداد.

لم يكونا يعلمان أن الأقدار ستباعدهما مباشرة بعد عام واحد من انضمامها لناد صغير في البلدة إسمه أنتيكويكو.. ليأخذ كل منهما مساره في كرة القدم والإنتقال إلى عوالم المجد والشهرة في أقوى أندية العالم، حتى شاءت نفس الأقدار أن تجمعهما حاليا تصنيفات وسائل الإعلام كإثنين من أبرز المدربين العالميين الذين سيغيرون الكثير من خطط كرة القدم، وطرقها التكتيكية.. كلاهما يصنعان سنوات مبهرة في الفترة الراهنة، الأول مع باييرن ليفركوزن الألماني والثاني مع أرسنال الإنجليزي.

تشابي ألونسو الباسكي

في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر من عام 1981، رأى تشابي ألونسو أولانو النور داخل أسرة رياضية، فأبوه بيريكو كان لاعبا مرموقا في صفوف نادي ريال سوسيداد وبرشلونة، وأخوه الأكبر ميكايل كان لاعبا أيضا في اتليتيك بلباو، فيما أخ آخر كان حكما في كرة القدم داخل العصبة الإحترافية الإسبانية.

بداية تشابي كانت ضمن ناد صغير في البلدة، حيث اشتهر وسط الأطفال من سنه بدقته في التمريرات الطويلة، ولمسته المهارية المتميزة، الشيء الذي جعل عيون المنقبين ترصده ليأخذوه بعدها إلى فريق شبان نادي ريال سوسيداد العريق، ومكث بهذه الفئة إلى حدود سن 18 حيث لعب أول مباراة له مع الفريق الأول ضد نادي لوغرونيو برسم منافسات كأس الملك تحت قيادة المدرب خافيير كليمينتي الذي قرر وضعه في لائحة المعارين إلى نادي إيبار لاكتساب مزيد من الخبرة واللعب أساسيا.

عاد تشابي بعد موسم واحد إلى ناديه سوسيداد ليجد المدرب كليمينتي قد رحل، وعوضه الويلزي الخبير جون توشاك الذي وثق بالشاب الصغير ألونسو ومنحه شارة عمادة الفريق رغم حداثة سنه، ليبصم على ثلاثة مواسم كانت أبرز إنجازاتها احتلال المرتبة الثانية في دوري لاليغا خلف ريال مدريد في موسم 2002-2003 وتأهلهم لأول مرة في تاريخ النادي إلى لعب دوري عصبة الأبطال الأوربية.

محطات في أندية عريقة كلاعب

تألق تشابي ألونسو مع ناديه الأم ريال سوسيداد جلب إليه اهتمام أندية أوربية كان أول العملاق الإنجليزي ليفربول بمدربه الإسباني رافاييل بينيتيز، حيث ضمه إلى صفوفه عام 2004 ليخوض تجربة جديدة مع ناد كان يطمح لإعادة أمجاده القديمة بعد فترة طويلة من التراجع والخفوت، بينيتيز رأى في ألونسو ومميزاته قطعة مهمة في مركز وسط ميدان فريقه، وشكل مع لاعبين إسبان آخرين كلويس غارسيا وخوسيمي، وأنطونيو نونييز ما يعرف ب”ليفربول الإسبانية”.

ألونسو استمر مع النادي الإنجليزي خمس مواسم حقق فيها مع “الريدز” لقب كأسي الرابطة والدوري في إنجلترا، بالإضافة إلى لقب دوري عصبة الأبطال الأوربية في مباراة نهائية تاريخية بمدينة إسطنبول جمعته بالعريق الإيطالي نادي ميلان، وكان منهزما أمامه بثلاثية نظيفة في الشوط الأول قبل أن يعود في النتيجة بتحقيق التعادل واللجوء إلى الشوطين الإضافيين وضربات الجزاء التي تفوق فيها ليفربول وعاد بالكأس الثمينة.

وأضاف تشابي ألونسو لقبا آخر مع ليفربول في الموسم الموالي عندما فاز بالكأس الممتازة الأوربية، وساهم تألقه فيها بجذب اهتمام رئيس نادي ريال مدريد فلورينتينو بيريز، الذي وضع في خزينة النادي الإنجليزي مبلغ 35 مليون أورو مقابل جلبه للنادي الملكي واللعب رفقة كريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة، والبرازيلي كاكا، تحت قيادة المدرب الشيلي مانويل بيليغريني.

مع ريال مدريد قضى ست مواسم ما بين سنتي 2009 و2015 فاز فيها بلقب الدوري الإسباني “الليغا” مرة واحدة وكأس الملك مرتين والكأس الممتازة مرة واحدة، كما فاز مع النادي الملكي بلقب دوري عصبة الأبطال الأوربية، ولقب الكأس الأوربية الممتازة.

وفي موسم 2014-2015 قرر قبول عرض باييرن ميونيخ الألماني بموجب عقد يمتد لسنتين وبمبلغ شراء يصل ل10 ملايين أورو مقابل فسخ عقده مع ريال مدريد، وساهم خلال فترته لعبه في النادي البافاري في الفوز بلقب البوندسليغا مرتين وكأس ألمانيا والكأس الممتازة مرة واحدة، وكانت لفترته لعبه في ألمانيا دور كبير في استكمال تكوينه التدريبي واستيعاب نظريات متطورة في كرة القدم داخل بلاد تراكم تجربة كبيرة في صناعة المدربين والمؤكرين الأكفاء.

تشابي ألونسو.. المدرب الواعد

بعد نهاية مشواره كلاعب في صفوف باييرن ميونيخ الألماني، اجتيازه للعديد من الدورات التكوينية لولوج عالم التدريب، عاد إلى إسبانيا وبالضبط إلى أكاديمية ريال مدريد ليشرف على تأطير فئة أقل من 14 سنة، وبعد موسمين، انتقل إلى ناديه الأم ريال سوسيداد ليشغل منصب مدرب الفريق الرديف لمدة موسم واحد، قبل أن يتلقى عرضا مهما من ألمانيا وبالضبط من نادي بايير ليفركوزن الذي كان يخطط مسؤولوه لبداية مرحلة جديدة يعودون فيها بناديهم إلى الأضواء بعد مرحلة طويلة كان فيه قاب قوسين أو أدنى من النزول إلى أقسام الظل.

مع بايير ليفركوزن عمل تشابي ألونسو في شهوره الأولى على تشكيل فريق شاب ومنسجم ووضع له طريقة لعب مبهرة أثارت انتباه الجميع، وبدأ النادي في موسمه الأول مع الإسباني يرسل الإشارات معلنا عن عودته إلى منافسة أقوياء البوندسليغا بعدما كان لسنوات يصارع في أسفل الترتيب بين الأندية المغمورة.

الموسم التالي فجر تشابي ألونسو كل ملكاته التدريبية مع فريق الشاب والمنسجم، حيث سيطر على ريادة ترتيب الدوري الألماني بفارق كبير عن مطارده المباشر العريق باييرن ميونيخ، بالإضافة إلى ليفركوزن يحطم رقما قياسيا في عدد المباريات بدون هزيمة حيث بلغت 34 مباراة منذ انطلاق الموسم.

هذا التألق اللافت رفع أسهم المدرب تشابي ألونسو في بورصة المدربين، وصار أبرز مدرب واعد على المستوى العالمي، الشيء الذي جعله محط أنظار الأندية الأوربية العملاقة وأولها ليفربول وباييرن ميونيخ وريال مدريد، ومع ما جرى للنادي الملكي من موسم “صفري”، ومن نتائج مخيبة لآمال جمهوره المتعود على الألقاب والبطولات.. وقرار إعفاء المدرب المخضرم كارلو إنشيلوتي من مواصلة المسير مع “الميرينغي” إلى آخر عقده مع الفريق، كان تشابي أول البدائل المطروحة، فهو إبن الدار والعارف بتفاصيلها والمدرك للضغوطات فيها، ولثقل قميص فريق تاريخي كريال مدريد، وطبعا لم يكن للباسكي المجتهد إلا تلبية النداء والعودة على عجل لإسبانيا.. وهذه المرة لمباشرة مهمة هي بمثابة حلم لكل من يمتهن تدريب كرة القدم.