story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

ملتمس الرقابة يسقط في فخ التشتت.. وخبراء يدقّون ناقوس “الخلل الديمقراطي”

ص ص

وئدت مبادرة ملتمس الرقابة قبل أن تولد، بعد إعلان الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية بمجلس النواب انسحابه من التنسيق مع باقي مكونات المعارضة، ما وجه ضربة قاضية لمبادرة كانت تسعى إلى محاسبة الحكومة داخل البرلمان.

وأوضح الفريق الاشتراكي، في بلاغ له الجمعة 16 ماي 2025، أن قرار الانسحاب راجع لعدم لمس الفريق “أية إرادة حقيقية وصادقة لإخراج المبادرة إلى حيز الوجود”، نتيجة ما وصفه بـ”الدخول في تفاصيل ذاتية وتقنية لا علاقة لها بالأعراف السياسية والبرلمانية المتوافق عليها والمعمول بها”.

أزمة أعمق

وتفاعلا مع الموضوع، اعتبر أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام، أن فشل المعارضة في التنسيق بشأن ملتمس الرقابة ضد الحكومة يعكس “أزمة أعمق” تتعلق بطبيعة النظام الانتخابي والعزوف الشعبي المتزايد عن المشاركة السياسية.

وأكد العلام، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن العزوف الانتخابي هو النقطة الأولى التي يجب التوقف عندها، باعتباره مؤشرًا على فقدان الثقة في الأحزاب والمؤسسات السياسية، مشددًا على أن هذا الوضع “ليس وليد اللحظة، بل تراكمي، وقد تفاقم مع طبيعة نمط الاقتراع المعتمد”.

وأوضح المتحدث أن نمط الاقتراع اللائحي النسبي، سواء باعتماد أكبر بقية أو أصغر بقية، أدى إلى إنتاج أغلبية مريحة من ثلاثة أحزاب فقط، مقابل معارضة مشرذمة وغير قادرة حتى على تفعيل أدوات الرقابة البرلمانية كطلب تشكيل لجان تقصي الحقائق، رغم أن الدستور لا يشترط وجود أغلبية لتفعيلها.

وأشار العلام إلى أن تقديم ملتمس الرقابة من طرف حزب واحد أصبح شبه مستحيل دون دعم باقي مكونات المعارضة، وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل التشتت الحالي، حيث لا تملك المعارضة حتى ثلث أعضاء مجلس النواب.

ودعا الخبير في القانون الدستوري إلى مراجعة نمط الاقتراع الحالي بشكل جذري، من أجل تعزيز التوازن السياسي داخل المؤسسة التشريعية، مقترحًا التفكير في نمط اقتراع فردي من دورتين، على غرار ما هو معمول به في عدد من الديمقراطيات الكبرى مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا.

وتابع العلام: “حين يكون الحزب الأول في الحكومة، ويشاركه الثاني أو الثالث أو حتى الرابع، بينما تتوزع المعارضة على 7 أو 8 أحزاب صغيرة، فإن النتيجة تكون دائمًا نفس الخريطة السياسية المختلة، وبالتالي لا معنى للحديث عن معارضة قوية أو فاعلة في مثل هذا السياق”.

وشدد المتحدث على أن هذا الإصلاح الانتخابي، رغم أهميته، يظل “حلاً تقنيًا ومؤقتًا”، مشيرًا إلى أن الحل الجوهري والدائم يكمن في استعادة الأحزاب السياسية لمصداقيتها عبر ممارسات ديمقراطية داخلية، وتوفير بيئة سياسية قادرة على إنتاج نخب حزبية قوية ومؤثرة.

ودعا العلام مؤسسات التنشئة السياسية، بما فيها المدرسة، الإعلام، النقابات، والأحزاب السياسية، إلى القيام بدورها التأطيري والتربوي، باعتبارها “الركيزة الأساسية لبناء ديمقراطية سليمة وقوية، بعيدًا عن المعالجات الظرفية أو الشعارات العابرة”.

“معارضة مفككة وضعيفة”

من جانبها، أكدت مريم ابليل، الباحثة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن فشل تنسيق المعارضة بشأن ملتمس الرقابة ضد الحكومة يكشف عن “عمق الأزمة البنيوية” التي تعيشها الكتل المعارضة داخل البرلمان، مشيرة إلى أن غياب رابط سياسي أو إيديولوجي جامع بين مكوناتها يجعل التنسيق بين أحزاب المعارضة “صعبًا ومستنزفًا”.

وأوضحت ابليل، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن ما يوحّد هذه الأحزاب هو تموقعها في صفوف المعارضة، بينما تختلف مرجعياتها الفكرية والتاريخية واختياراتها السياسية بشكل جذري.

وأبرزت أن الممارسة البرلمانية للمعارضة خلال الولاية التشريعية الحالية عرفت “تذبذبًا كبيرًا”، حيث لم تكتمل العديد من المبادرات التي تم الإعلان عنها، كتنظيم ندوة لتقييم الحصيلة البرلمانية بعد كل دورة، وأخيرًا محاولة تقديم ملتمس الرقابة، التي باءت بالفشل نتيجة الصراع حول من يتزعم المعارضة، بدل تغليب المصلحة المشتركة.

وأضافت الباحثة أن تشكيلة الحكومة من الأحزاب الثلاثة الأولى في الانتخابات تركت المعارضة “مفككة وضعيفة”، ما أثّر على وزنها التفاوضي وقدرتها على تقديم بدائل مؤثرة، مشيرة إلى أن “تدبير المبادرات السياسية يتم غالبًا من منطلق حسابات انتخابية ضيقة، على حساب المصلحة العامة وترسيخ قواعد الممارسة الديمقراطية، في ظل انعدام الثقة المتبادل بين الكتل البرلمانية، وتنامي التسريبات والمزايدات الإعلامية التي عمّقت الفجوة بينها”.

وشددت ابليل على أن النظام الانتخابي الحالي والنتائج التي أفرزها لم يمنحا المعارضة القدرة على “تشكيل كتلة وازنة قادرة على التأثير أو الضغط، وهو ما جعل محاولات التنسيق تبدو، في نظر الكثيرين، مجرد مناورات تفتقر إلى الجدية والفعالية”.