بسبب “غياب” الرقابة.. اعليا يحذر من تكرار سيناريو المحروقات في سوق غاز البوتان

حذر الخبير الاقتصادي ياسين اعليا من أن يشهد قطاع غاز البوتان تكرار قصة التواطؤ التي عاشها المغاربة بعد تحرير الأسعار في قطاع المحروقات، حيث كشفت لجنة الاستطلاع البرلمانية أن الشركات ربحت 17 مليار درهم بشكل غير مستحق.
وأوضح اعليا خلال حلقته “إيكوتراند“، الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، أنه “لا ضمانات حقيقية لعدم تكرار فصول نفس الحكاية، مادامت السوق تخضع لقانون حرية الأسعار، ومادام مجلس المنافسة عاجزًا عن مواجهة اتحاد موزعي المحروقات والغاز، بعد أن تعرض لهزائم متتالية في عدة محطات”.
ويترقّب المغاربة الزيادة الثانية في سعر قنينات غاز البوتان، والتي سترفع السعر إلى 60 درهماً، بعدما شرعت الحكومة منذ سنة 2024 في تنفيذ خطة تدريجية لتحرير الأسعار، حيث كانت أول زيادة قد رفعت السعر بـ10 دراهم ليصل إلى 50 درهماً، فيما تنص توقعات قانون المالية على زيادات مماثلة خلال سنة 2026، ليصل السعر خلالها إلى 70 درهماً ضمن مسار التحرير التدريجي للدعم.
وفي هذا السياق، أوضح اعليا من أن الفاعلين في سوق غاز البوتان هم أنفسهم موزعو الغازوال والبنزين، حيث أوضح أن السوق يسيطر عليه ثلاث فاعلين كبار، في مقدمتهم “أفريقيا غاز” التابعة لمجموعة “أكوا”، التي تستحوذ على أكثر من 42% من سوق الغاز المعبأ، ولديها بنية تحتية واسعة تضم مراكز تعبئة ومحطات تخزين موزعة على مختلف مناطق المغرب.
وأضاف أن “فيفو إنرجي” و”توتال إنرجيز” تعدان أيضًا من أبرز الموزعين، إذ تمتلكان شبكات توزيع قوية وتشارك كل منهما في ملكية عدة محطات تعبئة وتخزين، وهو ما يثير بحسبه تخوفات من تكرار سيناريو المحروقات، في حال لم تُعتمد ضوابط صارمة تمنع تواطؤ الشركات وممارسات الاحتكار التي ترفع من أرباحها على حساب المستهلكين.
وأشار إلى أن تجربة رفع الدعم عن البنزين والغازوال سنة 2015 أظهرت أن تحرير السوق دون رقابة فعالة يفتح الباب أمام الاحتكار وتحديد الأسعار بطريقة غير شفافة، مشيرًا إلى أن غياب جهاز رقابي قوي مثل مجلس المنافسة يجعل المستهلك الحلقة الأضعف.
وأوضح أن إصلاح صندوق المقاصة من حيث المبدأ هو عملية ضرورية لوقف عبث هدر المال العام، الذي تستفيد منه فئات غنية وشركات صناعية أكثر من المواطنين محدودي الدخل، وفي مقابل ذلك، التوجه نحو ورش تعميم التغطية الاجتماعية وتقديم الدعم المباشر للفئات المحتاجة.
إلا أن تجربة المغرب في رفع الدعم عن المحروقات، وفق اعليا، لم تُرافق بإنشاء آليات فعالة لمراقبة الأسعار أو حماية المستهلك، حيث أن الدولة تخلّت عن دعم الأسعار لكنها لم تُوفر في المقابل أدوات رقابية لحماية المستهلك من جشع الشركات.
كما أوضح أن صندوق المقاصة نفسه يعاني من ضعف في آليات المراقبة والتحقق، إذ لا يتوفر على نظام صارم لمتابعة كيفية صرف الدعم أو التأكد من أن المستفيدين الحقيقيين هم من يستفيدون فعليًا، وهو ما يسمح لبعض الفاعلين الاقتصاديين، بحسب اعليا، بتقديم تصريحات محاسباتية مضخّمة أو غير دقيقة، بهدف الحصول على دعم أكبر مما يستحقونه.
لمشاهدة الحلقة كاملة، يرجى الضغط على الرابط