المكملات الغذائية.. بين الإغراءات التسويقية والمخاطر الصحية

أصبحت المكملات الغذائية تغزو الأسواق المغربية بشكل كبير، مُغريةً بوعود لتحسين الأداء الرياضي، وتخسيس الوزن، أو حتى علاج بعض الأمراض المزمنة، وهو الأمر الذي يساهم في مضاعفات صحية خطيرة قد تودي بحياة صاحبها.
وتتنوع هذه المنتجات، بين الفيتامينات والمعادن والمستخلصات العشبية، وغالبًا ما يتم ترويجها بقوة عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث يتم استغلال شغف المستهلكين “بالحلول السريعة والسهلة”. وهنا يطرح التساؤل حول فعالية وآثار هذه المواد، ومدى احترامها لمعايير الصحة والسلامة.
وفي هذا الصدد أكدت الطبيبة الصيدلانية، صباح شوشو، أن ”استخدام المكملات الغدائية بشكل عشوائي ودون تشخيص طبي متخصص تترتب عنه مخاطر جسيمة”، مشيرة إلى أن “الغموض الذي يكتنف طبيعة وتركيبة العديد من هذه المنتجات المتوفرة في الأسواق، يزيد من حجم خطورتها على صحة الإنسان”
وأضافت صباح شوشو، في تصريح لصحيفة ”صوت المغرب”، أن ” الأخطر من ذلك، هو أن الاعتماد على هذه المكملات قد يؤخر التشخيص الدقيق للحالات الصحية الأساسية، مما يعيق الحصول على العلاج المناسب في الوقت المناسب”.
وأوضحت في هذا الجانب، أن هناك ”حالات تسمم ومضاعفات صحية ناتجة عن استهلاك بعض المكملات الغذائية، بحيث أن هناك مواد محظورة أو جرعات عالية من بعض المكونات قد تتفاعل سلبًا مع الأدوية الأخرى التي يتناولها المستهلك”.
ومن جانبها، عبرت سميرة لمدغري، وهي أخصائية التغذية والتغذية الكبرى (macro-nutrition) في تصريح لصحيفة ”صوت المغرب”، عن قلقها البالغ في ظل التراجع الملحوظ في وفرة العناصر الدقيقة لدى الأفراد في ظلّ نمط الحياة الحديث المتغير، سواء كانوا يعانون من السمنة أو النحافة أو حتى يبدون بصحة جيدة ظاهرياً. ”
واسترسلت مفسرة أن هذا النقص راجع إلى عدة عوامل متداخلة، يتعلق أولها بفقر التربة الزراعية الناتج عن الاستنزاف المكثف واستخدام المبيدات، مما يقلل من كثافة الفيتامينات والمعادن في الفواكه والخضروات، فيما أبرزت أن ثاني هذه العوامل يتعلق بضعف الامتصاص المعوي الناجم عن اضطرابات الهضم، متلازمة الأمعاء المتسربة، الالتهابات المزمنة، أو ضعف الميكروبيوتا.
وأضافت الأخصائية عاملا ثالثاً مرتبطا بالتوتر المزمن ونمط العيش السريع الذي يرفع الحاجة إلى مضادات الأكسدة والمغذيات دون تلبية كافية في الغذاء اليومي، مشيرة أيضا إلى العادات الغذائية الحديثة الغنية بالسعرات والفقيرة بالمغذيات والمعتمدة على الأغذية المصنعة.
وفي السياق داته، أكدت المدغري على ”أهمية الالتزام الصارم بقاعدة ذهبية لضمان فعالية وسلامة المكملات الغذائية”، والتي لخصتها في أربعة عوامل أساسية “لا يمكن إغفال أي منها”.
وهكذا، فقد أبرزت المدغري ضرورة تحديد الجرعة المناسبة لكل فرد بناءً على احتياجاته الفردية وحالته الصحية، وهذا يتطلب في الغالب استشارة مختص، فيما أشارت في العامل الثاني إلى أهمية المدة الزمنية المناسبة لتناول المكمل، حيث أن بعض الحالات تستدعي استخداماً مؤقتاً بينما يتطلب البعض الآخر فترة أطول لتحقيق النتائج المرجوة وتجنب أي آثار جانبية محتملة على المدى الطويل.
أما بخصوص العامل الثالث، فقد أكدت على أن التوقيت المناسب في اليوم يلعب دوراً حاسماً في امتصاص المكمل وفعاليته، حيث أن بعض الفيتامينات والمعادن يتم امتصاصها بشكل أفضل مع الطعام أو على معدة فارغة.
وأخيراً، أكدت على ضرورة التأكد من التركيبة النقية الخالية من المواد الضارة كالمواد المالئة غير الضرورية، والمواد الحافظة الصناعية، والمعادن الثقيلة، لضمان حصول الجسم على الفائدة القصوى وتجنب أي مخاطر صحية محتملة.
وأبرزت المدغري أنه في ظل غياب رقابة صارمة وقوانين واضحة تنظم سوق المكملات الغذائية في المغرب، يجد المستهلك نفسه عرضةً لمنتجات مجهولة المصدر، قد تحتوي على مواد ضارة أو بكميات غير آمنة.
وفي ذات السياق، أكد رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك، حسن أيت علي، أن ”المغرب يواجه تحديات كبيرة في سوق المكملات الغذائية، حيث تكثر المنتجات غير المنظمة والمعلومات المضللة”. علاوة على ”أن غياب التوعية الصحيحة يجعل المستهلكين عرضة لمخاطر صحية، ويعزز الاعتماد على حلول غير موثوقة.
وأوضح رئيس المرصد، في تصريح لصحيفة ”صوت المغرب” أن نقص التغطية الصحية الشاملة يدفع الكثيرين للبحث عن بدائل غير فعالة. مضيفا أنه ”من الضروري أن يتعاون الجميع، بدءًا من الحكومة إلى المجتمع المدني، لتعزيز الوعي حول المخاطر المحتملة للمكملات الغذائية وتنظيم سوقها بشكل فعال”.
ومن جانبه، قال الخبير في قانون حماية المستهلك ورئيس جمعية UNICONSO لحماية المستهلك، مديح وديع، ان ”القانون رقم 28-07 المتعلق بسلامة المنتجات الغذائية، ينص على أن تصنيع وتسويق هذه المكملات يخضع لرقابة السلطات المغربية، وعلى رأسها المكتب الوطني للسلامة الصحية.”
وأكد على ضرورة أن تتضمن بيانات المكملات الغذائية تصنيفات واضحة ومعلومات مفصلة على العبوة تشمل المكونات والجرعات، مع منع أي ادعاءات طبية غير مثبتة. كما يجب أن تتضمن تحذيرات واضحة تشير إلى أن المكمل الغذائي ليس دواءً، مشيرا في هذا الصدد إلى أن القانون يخول للمكتب الوطني للسلامة الصحية سحب أي منتج غير مرخص أو يشكل خطرًا على صحة المستهلكين.
وتابع ”يظل الواقع يشهد بعض الإشكاليات في هذا المجال، من أبرزها انتشار المكملات الغذائية غير المرخصة عبر الإنترنت، وهو أمر بالغ الخطورة”.
وحذر المتحدث أن ”بعض البائعين يستغلون هذه المنصات لتسويق منتجات غير مرخصة أو مهربة أو غير مطابقة للمعايير. كما يروج بعض المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي لاستهلاك هذه المواد، مما قد يؤدي إلى تضليل المستهلكين نظرًا لضعف الرقابة على هذه المنصات.”
وأشار مديح وديع إلى أن “غياب دراسات محلية حول الآثار طويلة المدى لهذه المواد، يعيق توفر معلومات موثوقة لتقييم مدى خطورتها عند الاستهلاك غير المدروس. كما أن تزوير المنتجات والتلاعب في مكوناتها يؤدي إلى اقتناء المستهلكين لمنتجات غير مصرح بها أو مزورة تُباع بطرق غير رسمية، مما يضر بهم”.
وخلص بالتأكيد على أن المستهلكين يتوجب عليهم توخي الحيطة والحذر عند شراء هذه المنتجات وتجنب اقتنائها من السوق السوداء أو الأماكن غير المعروفة وغير القانونية.”، موصيا أيضا باستشارة الطبيب قبل تناول أي مكمل غذائي، والحرص على شراء المنتجات التي تحمل علامة المكتب الوطني للسلامة الصحية، والتي تضمن سلامة وجودة المنتج. “فغياب هذه العلامة قد يشير إلى أن المنتج مزور أو مقلد أو مهرب.”
*سناء الأحبابي – صحافية متدربة