story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

خبير أمني: التصعيد بين الهند وباكستان مفتوح على حرب أكثر عنفاً

ص ص

يتواصل التوتر بين باكستان والهند، مع التصعيد الذي شهدته حدود الدولتين مساء الثلاثاء 6 ماي 2025، بعدما قصفت الهند تسعة مواقع داخل الأراضي الباكستانية، قائلة إنها “بنية تحتية تابعة لإرهابيين مسؤولين عن هجوم مسلح في كشمير” وقع الشهر الماضي.

وأسفر القصف الهندي عن مقتل 26 مدنياً وإصابة 46 آخرين، بحسب الناطق باسم الجيش الباكستاني، الجنرال أحمد رشيد، في حين نقلت وكالة “رويترز” عن الجيش الهندي مقتل 10 مدنيين وإصابة 35 آخرين بالقصف الباكستاني على الشطر الذي تسيطر عليه نيودلهي من كشمير.

ويفتح هذا التصعيد، الذي يتواصل منذ الهجوم المسلح الذي أودى بحياة 26 شخصاً على الأقل في إقليم كشمير المتنازع عليه في أبريل الماضي، الباب أمام تساؤلات بشأن مآلات هذه التوترات.

في هذا الصدد، يرى الخبير الأمني محمد الطيار، في حديثه لصحيفة صوت المغرب، أن ما يجري حالياً بين الهند وباكستان “مفتوح على تطورات أمنية خطيرة جداً”. وأشار الطيار إلى أن “سيناريو الحرب مطروح أكثر من سيناريو المواجهات المحدودة في هذه الفترة”.

وأوضح أن المواجهات العسكرية بين الهند وباكستان ليست جديدة، إذ تعود جذورها إلى عام 1948، مشيراً إلى انفصال باكستان عن الهند، والتهجير المتبادل للسكان، فضلاً عن تصاعد التوتر بسبب وضعية إقليم كشمير الحدودي.

وأضاف أن السنوات الماضية شهدت مواجهات محدودة بين الجانبين، بالإضافة إلى فترات تصعيد يتخللها تبادل لإطلاق النار وتبادل للاتهامات.

وربط الطيار التصعيد الأخير بالسياق الدولي الراهن، مشيراً إلى أن ما يجري يعكس “تصاعد استعمال القوة في تسوية العديد من الملفات الأمنية”، كما في الحرب الروسية الأوكرانية، واستيلاء روسيا على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك جزيرة القرم، فضلاً عن أمثلة أخرى مثل إسرائيل وليبيا، أو الأميركيين والإسرائيليين في علاقتهم مع الحوثيين، إضافة إلى الملف الإيراني.

وشدد على أن الأحداث الجارية في الحدود بين الهند وباكستان مفتوحة “على تطورات أمنية خطيرة جداً”، لافتاً إلى أن سيناريو الحرب “يبقى أقرب” في ظل التغييرات الجارية في طرق تسوية النزاعات الدولية.

وأضاف: “نحن أمام قوتين نوويتين، وهناك كذلك تطور ملحوظ في الصناعات العسكرية لدى الطرفين، وتشنج خطير، وتراكمات عدائية طيلة العقود السابقة”. مبرزا أن غياب تدخل فاعل من القوى الدولية قد يؤدي إلى “تفاقم الأمور واندلاع أحداث أكثر عنفاً”.

وأشار إلى أن المشاكل الحدودية لا تزال قائمة في هذه المناطق، كما هو الحال في مناطق أخرى من العالم، مشدداً على أن الوضع الحالي “يجعل الباب مفتوحاً على عدة احتمالات”.

وبدأ الصراع بين الهند وباكستان بشأن كشمير منذ تأسيس الدولتين، إذ قسمت المملكة المتحدة مستعمرتها الهندية في عام 1947 إلى دولتين: باكستان ذات الأغلبية المسلمة، والهند ذات الأغلبية الهندوسية، بينما تُرك مصير كشمير معلقاً، ما تسبب في توترات مستمرة بين الجانبين.

وبعد أشهر قليلة من التقسيم، اندلع أول نزاع مسلح بين الدولتين، اللتين طالبت كل منهما بالسيادة على الإقليم. وانتهى الأمر بانضمام الأمير الهندوسي الذي كان يحكم كشمير إلى الهند.

وفي يناير 1949، تدخلت الأمم المتحدة للتوسط في وقف إطلاق النار، ما أدى إلى رسم خط يقسم الإقليم ذي الغالبية المسلمة، بحيث تسيطر الهند على نحو ثلثيه، وتحتفظ باكستان بالثلث المتبقي. وكان من المفترض أن يكون هذا الخط مؤقتاً إلى حين التوصل إلى تسوية سياسية دائمة.

وفي عام 1965، اندلعت مواجهات حدودية في جنوب كشمير، سرعان ما تطورت إلى حرب شاملة استمرت قرابة ثلاثة أسابيع وخلفت دماراً واسعاً.

وفي يناير 1966، وقعت الدولتان اتفاقاً لحل الخلافات بالطرق السلمية، لكن الهدوء لم يدم طويلاً، حيث انفصلت بنغلاديش عن باكستان عام 1971، مما أعاد قضية كشمير إلى الواجهة.

وفي دجنبر 1972، أعلنت الهند وباكستان تسوية حالة الجمود حول خط وقف النار، وأصبح يُعرف رسمياً باسم “خط المراقبة”، مع احتفاظ كل دولة بالجزء الذي تسيطر عليه منذ أكثر من عقدين.

ومع اقتراب الألفية الجديدة، بدا أن البلدين يتجهان نحو السلام، إذ استقبل رئيس وزراء باكستان نظيره الهندي في زيارة رسمية في فبراير 1999، وتم توقيع وثائق تؤكد التزام الطرفين بتطبيع العلاقات.

وقال حينها رئيس وزراء باكستان، نواز شريف، في مؤتمر صحفي: “يجب أن نجلب السلام لشعبينا، وأن نحقق لهما الازدهار. نحن مدينون بذلك لأنفسنا وللأجيال القادمة”.

غير أن الحرب اندلعت مجدداً بعد ثلاثة أشهر، وكانت كشمير مرة أخرى نقطة النزاع.

وانتهت تلك الحرب بعد أن طلب شريف من المسلحين الانسحاب، نافياً تبعيتهم لباكستان، قبل أن يُطاح به في انقلاب عسكري قاده جنرال باكستاني، تبيّن لاحقاً أنه هو من أمر بالعملية التي أشعلت الحرب.

وكان آخر تصعيد كبير قد وقع عام 2019، حين قُتل ما لا يقل عن 40 جندياً هندياً في تفجير على الحدود، فردّت الهند بغارات جوية داخل الأراضي الباكستانية، قبل أن يُحتوى التصعيد في اللحظات الأخيرة ويُمنع اندلاع حرب شاملة.

وعلى إثر ذلك، ألغت الحكومة الهندية في غشت 2019 الوضع الخاص بكشمير، الذي كان منصوصاً عليه في الدستور الهندي منذ انضمام الإقليم إلى الهند.

ورافق ذلك إجراءات صارمة، منها حشد آلاف الجنود، وقطع الإنترنت والاتصالات في الإقليم، وتسلم نيودلهي إدارة الإقليم مباشرة، واعتقال الآلاف من الكشميريين، بمن فيهم زعماء سياسيون، وسط إدانات من المراقبين الدوليين.