story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

العمال الزراعيون في اشتوكة آيت باها.. أجور هزيلة.. تحرش جنسي وظروف عمل لا تطاق

ص ص

في خطوة تعكس تدهور الأوضاع التي يعيشها العمال الزراعيون في الضيعات الفلاحية بمنطقة اشتوكة آيت باها، خرج عمال الأسبوع الماضي للاحتجاج، مطالبين بتحسين أجورهم وظروف عملهم، وفي نفس السياق، كشف تقرير صادر عن جمعية “أطاك” عن معطيات خطيرة تظهر تعرض العاملات الزراعيّات للتحرش الجنسي في أماكن العمل، فضلا عن غياب أي احترام لمعايير الصحة والسلامة المتفق عليها قانونًيا.

صرخة بعد صبر طويل..

مليكة، عاملة زراعية بمنطقة اشتوكة آيت باها، روت قصص معاناتها اليومية بالضيعات الفلاحية، خلال حديثها مع صحيفة “صوت المغرب”، حيث قالت “لم نطلق هذه الصرخة إلا بعد نفاد صبرنا، ظروفنا أصبحت لا تطاق”، موضحة أن “الأجر الذي نتقاضاه لا يتجاوز 80 درهمًا في اليوم، بينما نتحمل مصاريف باهظة مثل الكراء وأعباء الأسرة”.

وأوضحت مليكة أن السبب وراء احتجاجهم هو الارتفاع الكبير في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، من غاز وزيت ودقيق وغيرها من المواد الغذائية، مشيرة إلى أن الأجور لم ترتفع لمواكبة هذه الزيادة، مما جعل من المستحيل تلبية احتياجاتهم اليومية.

وذكرت المتحدثة أنها تستيقظ كل يوم في ساعات مبكرة جداً، “ونغادر منازلنا في الظلام، حيث نكون منذ الرابعة فجراً في الطريق، ونتوجه إلى الموقف حيث نلتقي مع باقي العمال، ويتم تقسيمنا إلى مجموعات تتوزع على مختلف الضيعات”.

وأشارت في سياق حديثها أنها تعاني من وضع صحي صعب، بحيث أنها مصابة بمرض مزمن يتطلب منها شراء أدوية مكلفة يصعب عليها توفيرها، موضحة أنه لا توجد أي تغطية صحية توفر لها وللعاملين في مثل ظروفها الرعاية اللازمة، خاصة أن طبيعة عملهم في الأراضي الزراعية تعرضهم للإصابة بأمراض مزمنة مثل الربو وآلام المفاصل نتيجة العمل الشاق والمتواصل.

وعبرت مليكة عن غضبها مما تعرضوا له من أعمال عنف وتضييق خلال الإضراب الذي خاضوه للمطالبة بحقوقهم. وأشارت إلى أنهم تعرضوا للتهديد إذا استمروا في الاحتجاج أو فضح الأوضاع التي يعيشونها، قائلة: “لم يُسمح لنا بالتعبير عن مطالبنا أو الدفاع عن حقوقنا، وتم اتهامنا باستخدام وسائل غير شرعية للاحتجاج”، لكنني أؤكد مجددًا “أن احتجاجاتنا كانت سلمية بالكامل، وكان هدفنا الوحيد هو تحسين وضعنا وضمان كرامتنا.”

الجمعيات تدخل على الخط

من جهته، عبر الحسين أولحوس، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باشتوكة آيت باها، عن قلقه حيال الظروف الصعبة التي تعيشها هذه الفئة، مطالبا بضرورة تحسين ظروف عملها عبر تطبيق القوانين التي تضمن حقوقها الأساسية، وعلى رأسها الزيادة الفعلية في الأجور وتوفير التأمين الصحي لحماية العمال من مخاطر العمل.

وقال الفاعل الحقوقي في هذا الصدد إن “العمال يعانون من ظروف قاسية بسبب الأجور المنخفضة التي لا تواكب الارتفاع المتسارع للأسعار”، مضيفا أنهم “يعملون لساعات طويلة وبأجور زهيدة، كما أنهم يواجهون استغلالاً كبيراً من قبل أرباب العمل الذين لا يلتزمون بالحد الأدنى لحقوقهم الأساسية”.

وأشار أولحوس إلى أن القوانين المعمول بها لا تضمن حماية كافية للعمال الزراعيين، بحيث “لا يتم التصريح بهم لدى الصندوق الوطني الضمان الاجتماعي، مما يتركهم عرضة للعديد من المخاطر مثل حوادث العمل والأمراض التي تنتشر بشكل كبير بسبب ظروف العمل”، مضيفا أن “المشغلين لا يتحملون المسؤولية القانونية تجاه هذه الفئات، بل غالباً ما يلجؤون إلى شركات الوساطة لتجنب أي التزام مباشر معهم”.

وأوضح نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باشتوكة آيت باها أن “معظم العمال يتعرضون للتهديد والضغوط من طرف أرباب العمل، الذين يمنعونهم من المطالبة بحقوقهم، مشيرا إلى أنه “في الكثير من الحالات يتم طرد أي عامل خرج عن صمته وحاول الدفاع عن حقوقه والمطالبة بتحسين أوضاعه”.

وفيما يتعلق بتطورات الوضع الحالي، أشار أولحوس إلى أن “هناك بعض الشركات التي تقدم زيادات ضئيلة في الأجور، لكنها لا تشكل حلاً جذريًا للمشاكل الأساسية التي يعاني منها العمال، كما أنها لا تتماشى مع ارتفاع تكاليف المعيشة ولا تكفي لتلبية احتياجات الأسر”، مشددا على أن الوضع الحالي يتطلب تدخلًا حقيقيًا لتوفير الحماية لهؤلاء العمال.

تحرش جنسي وابتزاز

من جانبها، سلطت جمعية “أطاك” المغرب في تقرير حديث لها الضوء على وضعية العمال الزراعيين، حيث كشفت فيه عن الظروف الصعبة التي يعيشها هؤلاء العمال من هزالة الأجور وغياب التغطية الصحية وارتفاع عدد ساعات العمل، فضلا عن غياب المرافق الأساسية مثل المراحيض وأماكن تغيير الملابس، بالإضافة إلى ظروف التنقل السيئة التي تشكل خطرًا على حياتهم.

وأوضح التقرير أن أغلب العمال يشتغلون في ظروف غير إنسانية، حيث لا يحصلون على حقوقهم الأساسية مثل مكافآت المردودية أو الزيادات الخاصة بالأعياد، كما يتم حرمانهم من بعض الامتيازات كمنحة الأقدمية والتغطية الصحية والتقاعد، وذلك من خلال التحايل على التصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

كما أشار التقرير إلى أن “شركات الضيعات الفلاحية لا تحترم معايير الصحة والسلامة المتفق عليها قانونًيا، فمعظمها لا تعين لجانًا مختصة بصحة العمال، أو تقوم بإنشاء لجان شكلية فقط بهدف الحصول على شهادات التصديق على التصدير”، مضيفا أن “العمال يعانون من ظروف صعبة أثناء العمل داخل البيوت البلاستيكية، حيث يتعرضون لحرارة مفرطة ورطوبة عالية، في غياب وسائل الوقاية اللازمة من المبيدات الكيماوية”.

وفيما يتعلق بالمبيدات الكيماوية، أضاف التقرير أن أرباب العمل لا يصرحون للعاملين بالمعلومات الضرورية حول المواد السامة المستخدمة، مثل النوع والمادة الفعالة وأوقات عدم الدخول بعد رش المبيدات، كما أنه لا وجود للوائح إرشادات صحية أو معلومات حول كيفية الوقاية من أخطار هذه المواد داخل أماكن العمل.

ومن جهة أخرى، كشف المصدر ذاته أن النساء يشكلن أغلبية اليد العاملة في القطاع الفلاحي، خصوصًا في قطاع الخضروات، ما يزيد من تفشي ظاهرة التحرش الجنسي في أماكن العمل، حيث تتعرض العاملات لتهديدات بالطرد من قبل المسؤولين في الضيعات ومحطات التلفيف، كما يتعرضن للتحرش من قبل بعض العمال أثناء تنقلهن عبر وسائل نقل غير آمنة، حسب ذات المصدر.

وخلص تقرير الجمعية إلى أن العاملين في القطاع الفلاحي يعملون كمياومين بلا أي حماية قانونية، ويعانون من استغلال مستمر من قبل أرباب العمل، حيث يتلقون أجورا تتراوح بين 70 إلى 100 درهم في اليوم، وذلك في ظل غياب أي ضمانات للعمل المستقر، ما يجعلهم عرضة للبطالة في أية لحظة.