15 يوماً من الحصار.. الثلوج تعمق مآسي دواوير بوتفردة ببني ملال
لفت العديد من الحقوقيين إلى المعاناة التي يواجهها ساكنة جماعة بوتفردة بإقليم بني ملال، بسبب سوء الأحوال الجوية التي أدت إلى محاصرة عدد من دواوير المنطقة بالثلوج.
15 يوما تحت الثلوج
في هذا السياق، أوضح مصدر حقوقي من المنطقة، أن الأخيرة تعاني من ظروف مناخية قاسية، مشيرا إلى أن 16 دوار في جماعة بوتفردة بإقليم بني ملال لا زالت محاصرة بالثلوج لمدة تقارب نصف شهر وهو ما عمق من معاناة الساكنة خاصة في ظل التضاريس الصعبة للمنطقة.
ورغم جهود السلطات المحلية من أجل إعادة فتح الطرق من خلال استعمال الآليات المخصصة لذلك، يضيف المتحدث، إلا أن عدم ترقيم بعض الطرق في المنطقة يصعب من مهمة تحديدها من أجل إعادة فتحها.
كما أشار المصدر الحقوقي إلى أن هذا الوضع تسبب في انقطاع أبناء ساكنة الجماعة عن الدراسة بسبب عدم إمكانية الوصول إلى المدارس في ظل الوضع الحالي، مضيفا أن هذا الأمر عمق من الإشكاليات التي يواجها قطاع التعليم في المنطقة من قبيل جودة التعليم وبُعد مسافة المدارس عن بعض الدواوير.
وإلى جانب الثلوج، لفت المتحدث إلى عدد من الإشكالات الأخرى التي تواجهها المنطقة من قبيل غياب أطر طبية عن مستوصف الجماعة، باستثناء ممرضتين فقط.
في المقابل أشاد المتحدث ببعض الجهود المبذولة في المنطقة من قبيل إنشاء وحدة طبية متنقلة، بالإضافة إلى تقديم المساعدات لساكنة بعض المناطق من طرف مؤسسة محمد الخامس، مشددا على أن الجماعة تحتاج إلى عناية أكبر، وأنه على “على الرغم من كونها أكبر الجماعات في إقليم بني ملال إلا أنها تظل من أفقرها من حيث التنمية في جميع المجالات”.
منازل مهددة بالانهيار
تداعيات سوء الأحوال الجوية التي تشهدها المنطقة، لم تعد تقتصر على العزلة وصعوبة التنقل فقط، بل تجاوزتها إلى تهديد مباشر لأرواح وممتلكات الساكنة بالمناطق الجبلية المتأثرة بالثلوج بإقليم بني ملال.
ففي هذا السياق، انهار منزل بشكل مفاجئ، في الساعات الأولى من صباح يوم الإثنين 29 دجنبر 2025، بدوار تيحونا نأيت ويدير، التابع لجماعة تيزي نيسلي بإقليم بني ملال، بعدما لم يصمد أمام كثافة التساقطات الثلجية الأخيرة، مخلفا أسرة في وضع إنساني صعب، دون تسجيل خسائر في الأرواح.
وقالت سيدة من الأسرة المتضررة، في فيديو مصوّر وهي توثق ركام المنزل، إن البيت “انهار منذ الثالثة صباحا”، مضيفة: “إذا كان هناك مسؤولون نناشدكم، نحن نموت، لا مكان نحتمي فيه من الثلوج التي تتساقط”، مشيرة إلى وجود رجل مسن “يموت إن لم يتدخل أحد لإنقاذه”، قبل أن تؤكد أنها حاولت التواصل مع المسؤولين والسلطات “ولا مجيب”.
وحسب المعطيات المتوفرة، فإن الأسرة التي كانت تقطن المنزل المنهار أصبحت، منذ وقوع الحادث، دون مأوى، في ظل ظروف جوية قاسية تعرفها المنطقة.
كما أفاد المصدر ذاته بأن منزلا مجاورا، مكونا من طابقين، بات مهددا بدوره بالانهيار في أية لحظة، الأمر الذي يضع حياة الساكنة والجيران أمام خطر حقيقي، ويطرح تساؤلات حول إجراءات السلامة والتدخل الاستباقي في المناطق القروية الجبلية المتأثرة بالثلوج.
احتجاجات ضد التهميش
وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد عبرت عن قلقها البالغ بسبب تصاعد وتيرة الاحتجاجات السلمية التي عادت لتخوضها من جديد، ساكنة جماعة بوتفردة، بإقليم بني ملال، منتصف شهر دجنبر، تعبيرًا عن رفضها لحالة التهميش المركب والبنيوي، خاصة في ظل ظروف مناخية قاسية تميزت بتساقط الثلوج وانخفاض حاد في درجات الحرارة.
وأشارت الجمعية إلى أن المنطقة شهدت “أشكالًا احتجاجية سلمية متقدمة، كان من أبرزها خروج نساء بوتفردة في مسيرة نضالية مشيًا على الأقدام في اتجاه ولاية بني ملال، في خطوة نضالية شجاعة تهدف إلى إيصال صوت الساكنة ولفت انتباه المسؤولين إلى حجم المعاناة التي تعيشها المنطقة”.
وأوضحت أن هذه المظاهرات تأتي “احتجاجًا على تعقيد مساطر البناء التي تحرم الساكنة من حقها المشروع في السكن اللائق، وتعمّق أوضاع الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية”.
كما عبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن تضامنها المطلق واللامشروط مع ساكنة بوتفردة، ومع نساء المنطقة على وجه الخصوص، في نضالاتهم السلمية والمشروعة من أجل الكرامة والحق في السكن والتنمية.
وأعلنت الجمعية دعمها لكافة مطالب الساكنة التي تندرج ضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها رفع التهميش البنيوي، تبسيط مساطر البناء، وتمكين الساكنة من الاستفادة الفعلية من حقها في سكن لائق.