هلال: الذكاء الاصطناعي يشكل تهديدا على مناحي عدة إذا وُظف بطرق غير آمنة

قال عمر هلال، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة في نيويورك، إن الذكاء الاصطناعي يُعدّ ثورة تكنولوجية كبرى تهزّ أسس العالم المعاصر، لما يتيحه من فوائد ضخمة وتطبيقات متعددة القطاعات، تُحدث تحوّلات جذرية في مختلف مناحي الحياة اليومية، مشددا في الوقت ذاته على أن هذه الثورة لا تخلو من مخاطر أخلاقية وأمنية وعسكرية، خصوصًا حين تُوظف هذه التكنولوجيا بشكل غير شفاف أو خارج الأطر القانونية.
وأوضح هلال، خلال كلمة ألقاها ضمن فعاليات المناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي الأربعاء 2 يوليوز 2025 بالرباط، أن التحديات التي تطرحها هذه التكنولوجيا سريعة التطور وتزداد حدة بفعل غياب حوكمة دولية شاملة، وقادرة في نفس الوقت على ضبط الاستخدامات الإيجابية وحصر الانزلاقات غير القانونية، مما يجعل العالم يواجه حالة من التشتت التنظيمي وغياب الإجماع العالمي حول سبل تنظيم هذا المجال المتسارع.
وأشار إلى أن وتيرة تقدم الذكاء الاصطناعي بلغت نسبة 67 في المائة خلال سنة واحدة فقط، وهو ما خلق ما يُسمى اليوم بـ”سباق الذكاء الاصطناعي”، الذي يُدار على مستويات متداخلة: أولها الاستثمارات الضخمة غير المسبوقة التي عرفها هذا القطاع، سواء من طرف الدول أو الفاعلين الخواص أو الصناديق السيادية، ما يعكس خريطة جيوسياسية مالية تعكس رهانات القوة والنفوذ التكنولوجي العالمي.
وكشف هلال أن إجمالي الاستثمارات المُعلَن عنها في مجال الذكاء الاصطناعي خلال سنة 2025 بلغ ما يقارب تريليون دولار، منها 500 مليار من الولايات المتحدة، و200 مليار من الاتحاد الأوروبي، و138 مليارًا من الصين، و109 مليارات من فرنسا.
أما في الجنوب العالمي، فقد رُصدت 286 مليار دولار، تتوزع على الإمارات العربية المتحدة بـ140 مليارًا، والسعودية بـ80 مليارًا، و60 مليارًا خصصت لإفريقيا وأُعلن عنها خلال قمة كيغالي في أبريل الماضي، إضافة إلى 4.1 مليارات للبرازيل، و2.6 مليار للهند.
ولفت إلى أن القارة الإفريقية، من مجموع التريليونات الثلاثة التي تم ضخها أو يُنتظر استثمارها، لن تستفيد إلا من أقل من 1 في المائة.
وفي الشق التنظيمي، أبرز الدبلوماسي المغربي أن العالم يشهد مشهدًا مجزأً من المبادرات، التي تغيب عنها الرؤية الموحدة والتنسيق الشامل، مما يُضعف طموح الوصول إلى منظومة حوكمة عالمية شاملة.
وأشار إلى وجود أكثر من عشر مبادرات مختلفة، من أبرزها مبادئ منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لسنة 2019، وتوجيهات مجموعة العشرين للذكاء الاصطناعي العادل والمسؤول، إلى جانب مسار هيروشيما، وقمة بليتشلي بارك بلندن، والتنظيم الأوروبي المشترك، فضلًا عن الوثيقة التنظيمية لمنتدى دافوس، وأخيرًا الاستراتيجية الإفريقية للذكاء الاصطناعي المعتمدة خلال قمة كيغالي والمُكرّسة في فبراير 2025.
وأكد هلال أن غياب التنسيق الفعلي بين هذه المبادرات، سواء كانت وطنية أو متعددة الأطراف، يُهدد بتقسيم العالم إلى نظام انتقائي وغير متوازن، ويضعف فرص صياغة ميثاق دولي شامل يضبط الذكاء الاصطناعي كأداة للتنمية البشرية الشاملة وليس فقط كوسيلة للهيمنة.