هدم منازل في مركب سكني بالمضيق يُفجر غضبا ويُثير جدلا قانونيا وحقوقيا

استيقظت ساكنة مدينة المضيق صباح الخميس 8 ماي 2025 على وقع هدير جرافات ضخمة تشرع في هدم بنايات سكنية داخل المركب السكني “المينا”، تطبيقا لقرار الهدم الصادر عن سلطات عمالة المضيق الفنيدق، في مشهد صادم أثار حالة من القلق والذهول بين السكان، خصوصًا وأن الجناح من هذه البنايات الذي تم هدمه، “مُحفظ وشُيد بطريقة قانونية، ويتوفر على جميع التراخيص اللازمة”.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بدء عمل الآليات الثقيلة في هدم المباني داخل المركب السكني، وسط حضور مكثف للسلطات المحلية بمدينة المضيق، مع تعالي أصوات الصراخ والعويل للسكان الذين فقدوا منازلهم حيث عاشوا لسنوات.
وفي هذا الصدد، أكد أشرف ميمون، رئيس الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتطوان، أن الجناح المستهدف “تم التصريح به قانونيًا سنة 2017 من طرف رئيس الجماعة المحلية، حينها، الذي وافق على تغيير موقع الجناح بقرار رسمي، دون الحاجة إلى موافقة الوكالة الحضرية، باعتبار أن الاختصاص في هذه الحالة يعود حصريًا للجماعة، وذلك وفقًا للمساطر القانونية المعمول بها”.
وأوضح ميمون في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الجناح بعد دلك تم بناؤه وبيعه خلال فترة وجيزة لأربعة مواطنين، حيث تم تحفيظ الشقق المشتراة قانونيًا، مؤكداً أن “عملية التحفيظ تُطهّر العقار من أي مخالفات أو شُبهات، حتى في حالة وجود عقود مزورة، ما يجعل الوضعية القانونية للعقار سليمة تمامًا”.
وعلى هذا الأساس، اعتبر أشرف ميمون أن “قرار قائد الملحقة الإدارية بهدم الجناح يتعارض مع القوانين المنظمة للعقار ورخص البناء، ويمثل انتهاكًا واضحًا لحق المواطنين في حماية ممتلكاتهم، خصوصًا وأن العقار محفظ ومسجل رسميًا”.
وأشار الناشط الحقوقي إلى أن عملية الهدم لا تزال متوقفة إلى حدود اليوم الخميس، رغم وجود الآليات بالقرب من الجناح المستهدف، موضحًا أن السكان يرفضون مغادرة منازلهم المُحَفظة ويتمسكون بحقهم في البقاء، في وقت تم فيه بالفعل هدم جزء من البناية.
وقد أقدمت السلطات المعنية على تنفيذ هذا القرار حسب بلاغ للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، “دون أدنى توضيح للرأي العام حول ملابساته”، في ظل استمرار عمليات بناء وتعمير على الساحل “تتم دون احترام القوانين المتعلقة بالساحل والتعمير، لصالح فئات محددة تستفيد من ذلك دون مساءلة”.
وشدد ميمون على أن الجناح بني منذ عام 2017، “وأنه من غير المعقول الحديث عن مخالفة قانونية بعد مرور ثماني أو تسع سنوات”، مضيفًا أن تبرير القائد بأن البناء مخالف للترخيص “يتناقض مع المعطيات الرسمية التي تؤكد قانونية الترخيص وصحة الموافقة الجماعية”.
وفي غضون ذلك، عبر عن تضامنه الكامل مع سكان المركب السكني “المينا” الذين يتعرضون لمحاولة هدم جناح من بنايتهم السكنية، واصفًا هذا القرار بـ”التعسفي والسلطوي”.
وندد رئيس الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتطوان بأساليب التخويف والترهيب التي تواجهها الساكنة، مشيرًا إلى استخدام جرافات والقوة العمومية في محاولة للهدم، وهو ما يشكل، في رأيه، “عنفًا رمزيًا ولفظيًا، وتهديدًا فعليًا لسلامة السكان النفسية والجسدية”، خاصة في ظل وجود أطفال وعائلات تعيش حالة من القلق والخوف.
وحمّل ميمون السلطات المحلية، وعلى رأسها قائد الملحقة الإدارية، المسؤولية القانونية والحقوقية الكاملة “عن خرق القانون وتهديد حقوق المواطنين”، داعيًا إلى احترام حق الساكنة في حماية ممتلكاتهم والحفاظ على استقرارهم.
وفي السياق ذاته، نددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المضيق، بالقرار التعسفي الصادر عن سلطات عمالة المضيق الفنيدق والمتعلق بهدم بنايات قانونية داخل مركب “ألمينا”، معتبرةً أن هذا التصرف “يشكل اعتداءً صارخًا على الحقوق الدستورية والمواثيق الدولية التي تكفل حرمة الملكية والسكن”.
ورأت الجمعية في بيان لها، في هذا القرار “تجاوزًا وتعسفًا واضحًا يمس صميم مبادئ العدالة والمساواة أمام القانون، كما يعمّق من أزمة فقدان الثقة في المؤسسات المكلفة بحماية ممتلكات المواطنين”.
وأعلنت الجمعية تضامنها الكامل مع الساكنة المتضررة من هذه الإجراءات، وتطالب بفتح تحقيق قضائي نزيه يهدف إلى محاسبة كل المسؤولين عن الترخيص بالبناء والسكن، من المجالس الجماعية والسلطات الترابية على المستويين الإقليمي والمحلي، “الذين تقاعسوا عن تفعيل آليات الزجر والمراقبة القانونية في الوقت المناسب”.
وأكدت أن هذا التقصير ستترتب عليه آثار مالية سلبية على الجماعة، خصوصًا في ما يتعلق بتعويضات المتضررين من عمليات الهدم، داعية كافة الهيئات السياسية والمدنية والنقابية، إلى التصدي لهذه التراجعات الخطيرة التي تمس كرامة الإنسان وحقوقه، وتهدد مصداقية المؤسسات ودولة الحق والقانون، عبر تكاثف الجهود ورص الصفوف للدفاع عن حقوق الساكنة وممتلكاتهم.