موريتانيا تغلق “لبريكة” قرب تندوف.. خبير: نهاية استباحة البوليساريو للمنطقة

قرر الجيش الموريتاني إغلاق منطقة “لبريكة”، الحدودية مع الجزائر، والتي تقع شمال شرق موريتانيا قرب مخيمات تندوف.
وأُعلنت موريتانيا المنطقة الحدودية “ممنوعة على المدنيين”، وفقاً لتقارير إعلامية في نواكشوط، قالت يوم الخميس 22 ماي 2025، إن بلادهم أغلقت منطقة لبريكة المجاورة لحدودها البرية الشمالية مع جارتها المغاربية الجزائر.
ونقلت عن مصدر في الجيش الموريتاني، اعتبار منطقة البريكة الحدودية، الواقعة شمال شرق البلاد بالقرب من مخيمات تندوف الجزائرية منطقة محظورة على المدنيين، مشيراً إلى أن الخطوة تهدف إلى “تطويق تداعيات الانفلات الأمني” ووقف استغلال المنطقة في أنشطة غير قانونية، بينها التهريب المنظم.
في هذا الصدد، اعتبر الخبير الأمني محمد الطيار، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن الإجراءات التي قامت بها موريتانيا فيما يخص منطقة “لبريكة” أو المناطق الشمالية المحاذية للحدود مع الجزائر بشكل عام “تندرج ضمن سلسلة من المحاولات لبسط سيطرتها على هذا الجزء من ترابها الوطني”، مشيراُ إلى أن هذه المنطقة “كانت مستباحة طيلة العقود الماضية من قِبل عناصر ميليشيات البوليساريو والتنظيمات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل، كما كانت مجالاً مفتوحاً لأنشطة الجريمة المنظمة”.
ومن بين النشاطات التي عرفتها المنطقة، وفقاً للطيار نقل شحنات الكوكايين عبر السواحل، وأحياناً عبر مطارات صغيرة وسرية، باتجاه مخيمات تندوف، “حيث تُخزَّن تحت رعاية الجنرالات الجزائريين، قبل أن يتم توزيعها وتهريبها إلى أوروبا بشكل خاص، وكذلك إلى آسيا عبر ليبيا والنيجر ومالي، ومنها إلى دول القرن الإفريقي أو عبر مصر”.
من جهة أخرى، كانت موريتانيا، خاصة في السنوات الأخيرة، تسعى جاهدة لبسط سيادتها على هذه المنطقة. مذكراً بإعلان مشابه في سنة 2017، اتخذ المجال منطقة عسكرية محظورة أمام المدنيين، ومغلقة أمام مختلف الأنشطة.
ومع ذلك ما زال للبوليساريو وجود في بعض المناطق، رغم هذه الإجراءات، مثل بئر مغرين، والزويرات، وغيرها من المناطق المحاذية للحدود الجزائرية، وذلك من خلال مكونات قبلية. وأشار محمد الطيار إلى أن هذه المناطق “ظلت مستباحة خلال السنوات الماضية من قبل ميليشيات البوليساريو المسلحة، التي تنشط في مناطق مثل ميجك، ومهيريز، وغيرها”، حيث كانت تتزود بما تحتاجه من البلدات الموريتانية القريبة، بما في ذلك قطع الغيار.
ومن النشاطات التي من المتوقع أن تتأثر أيضاً بالقرار الموريتاني، “تهريب البنزين والمساعدات الغذائية من مخيمات تندوف إلى البلدات الموريتانية”.
ويعتبر الطيار أن قرار موريتانيا “يدخل في إطار فرض سيادتها على هذه المنطقة، والحد من تسلل المنقبين الموريتانيين إلى المنطقة العازلة الواقعة شرق الجدار الأمني، وذلك في سياق التزاماتها الدولية، خاصة في ما يتعلق بمحاربة كافة أشكال الجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية”، إضافة إلى منع تسلل الجماعات الإرهابية الناشطة في الساحل، خاصة في شمال ووسط مالي، و”الحد كذلك من تواجد ميليشيات البوليساريو وعناصرها في هذه المنطقة”.
من جانبه، اعتبر موقع “أنباء إنفو” الموريتاني أنه لا يمكن “عزل القرار عن السياق الإقليمي والواقع الأمني الهش الذي يطبع الحدود بين موريتانيا والجزائر”، خاصة في المناطق الصحراوية التي لطالما “شكّلت بيئة خصبة للأنشطة العابرة للقانون”.
وتشكل البريكة، وفقاً للمصدر ذاته، نقطة عبور رئيسية بين الأراضي الجزائرية والموريتانية، وتمرّ عبرها شبكات التهريب، التي يصعب أحياناً التمييز بين أنشطتها “المعاشية” وتلك المرتبطة بالجريمة المنظمة، بل وحتى ببعض التحركات المسلحة.
ويضيف موقع “أنباء إنفو” أن إغلاق البريكة يمثل أكثر من مجرد خطوة أمنية، مشيراً إلى أنه إعلان موريتاني صريح عن الانخراط في معركة إعادة ضبط الجغرافيا الأمنية في محيط مضطرب.
وشدد على أن موريتانيا تسعى من خلال هذا القرار إلى فرض سيادتها الكاملة على حدودها، وتعزيز حضورها العسكري في مناطق كانت لعقود خارج نطاق السيطرة المباشرة، في وقت تتعاظم فيه التهديدات الأمنية في منطقة الساحل، وتتقاطع فيها مصالح فاعلين إقليميين ودوليين.
وفي نفس الوقت “قد تحمل الخطوة في طياتها رسائل غير مباشرة إلى جهات أخرى، مثل جبهة البوليساريو” التي تُعدّ مخيمات تندوف معقلاً لها، وربما حتى إلى الجزائر ذاتها، “خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة، ومحاولات نواكشوط الحفاظ على موقعها كطرف متوازن ويقظ”.