من هم معتقلو حراك الريف الذين لم يفرج عنهم بعد؟

عاد ملف معتقلي حراك الريف بقوة إلى الواجهة بالتزامن مع الظهور الأخير لقائد الحراك ناصر الزفزافي بعد مغادرته لزنزانته بشكل استثنائي لحضوره جنازة والده الذي وافته المنية الأربعاء 03 شتنبر 2025.
وتعالت الأصوات بالإفراج عن جميع معتقلي الحراك وطي الملف بشكل نهائي، وذلك بعد ما يزيد عن 7 سنوات من الاعتقال على خلفية احتجاجات 2017، التي اندلعت بعد مقتل بائع السمك محسن فكري في الحسيمة، مطالبة بمحاسبة المتورطين في مقتله، وإصلاحات تنموية واجتماعية وحقوقية في المنطقة.
وفيما يلي ورقة عن معتقلي حراك الريف الذين لم يفرج عنهم بعد:
الزفزافي.. قائد الحراك
برز اسم ناصر الزفزافي متزعماً مظاهرات حراك الريف، واشتهر بخرجاته الإعلامية على صفحته الرسمية في موقع فايسبوك، وبظهوره المتكرر مع رفاقه معتلياً منصة وسط حشود من آلاف المتظاهرين في مسيرات واعتصامات شعبية، وهو يلقي خطباً حماسية باللغتين العربية والأمازيغية (تاريفيت)، كان يطالب خلالها بمشاريع تنموية، وينتقد سياسة الحكومة والسلطات العمومية والتهميش الذي تعيشه مدن الريف وقراه.
واعتقل الزفزافي بتاريخ 29 ماي 2017، بعد حادثة مقاطعته خطيب الجمعة، احتجاجاً على وصف هذا الأخير مظاهرات الريف ب”الفتنة”، وانتقاده خطبته معبراً عن رفضه اتهام شباب يطالبون بقوت يومهم وتحسين أوضاعهم بإثارة الفتن، وهو ما اعتبرته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعبئة للمصلين ضد المظاهرات وقالت “إن إصرار الإمام على ذلك هو الذي أثار غضب ناشطي الحراك الحاضرين وخصوصاً ناصر الزفزافي، الذي رأى أنه مستهدف بشكل مباشر بهذه الخطبة”.
وبعد اختفائه لثلاثة أيام، أعلنت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية توقيفه، بعد مداهمة عدد من عناصرها منزله الذي كان يقيم فيه، ومن هناك تم اقتياده إلى مركز شرطة بالحسيمة قبل نقله مقنعاً ومقيد اليدين بطائرة هليكوبتر إلى مقر المديرية العامة للأمن الوطني بالدار البيضاء وهناك ظل رهن الاعتقال حتى تاريخ 5 يونيو 2017، حيث مثل مع محمد حاكي و5 آخرين أمام قاضي التحقيق الذي أمر بإيداعهم سجن عكاشة بالدار البيضاء، وهناك وُضع في الحبس الانفرادي لمدة عام تقريباً، من شتنبر 2017 إلى غشت 2018.
وأدانت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ابتدائياً، في 26 يونيو 2018، ناصر الزفزافي بـ20 سنة سجناً نافذاً ورفيقه ومحمد الحاكي بـ15 سجناً نافذاً، وهي الأحكام ذاتها التي تم تأكيده استئنافياً بتاريخ أبريل 2019، ثم على مستوى محكمة النقض بتاريخ يونيو 2021، بالتزامن مع إضرابات عن الطعام واحتجاجات متواصلة داخل السجون التي تنقل بينها على الأحكام الثقيلة التي تلقاها مع زملائه، وأيضا على ما صاحب اعتقالهم من إساءة وتعذيب وإهانة حسب دفاعهم ومراقبين حقوقيين ومن بين ذلك تسريب مقطع فيديو لناصر الزفزافي بمظهر شبه عاري من داخل السجن.
وفي 22 أبريل 2021، كان الزفزافي قد أعلن تخليه عن مسؤولياته في الحراك الذي انطلق، في رسالة نشرها والده جاء فيها: “تنحيت عن المسؤولية الجسيمة التي فرضتها علي الظرفية حينها وباركتها الجماهير الحرة حتى أترك المجال لغيري علهم سينجحون فيما فشلت فيه”، وأضاف: “لقد تحملت المسؤولية كناشط في حراك الريف، وكنت دائماً حريصاً على أن أرى أبناء جلدتي كالبنيان المتراص، لا كما يريد لهم أعداء الريف”.
جلول.. معتقل الحِراكَين
لم يمض على إطلاق سراح محمد جلول سوى شهر ونصف بعد نهاية مدة حبسية على خلفية قضية أخرى، حتى أعلن من جديد عن اعتقاله من منزل العائلة، الجمعة 26 ماي 2017، رفقة كل من سمير إغيد وزكرياء أضهشور بعد حادثة مقاطعة ناصر الزفزافي لإمام مسجد محمد الخامس في حي الأحباس إثر وصفه مظاهرات حراك الريف بالفتنة.
وكان جلول، وهو رجل التعليم وأب لطفلين، قد قضى أكثر من 5 سنوات سجناً، على خلفية احتجاجات بمدينة بوعياش في 2012 بأعقاب حراك 20 فبراير، ومباشرة بعد مغادرته سجن تيفلت، الذي استقبله في بابه عشرات النشطاء كان في مقدمتهم ناصر الزفزافي، انخرط جلول في حراك الريف حيث شارك بمعظم محطاته الاحتجاجية، وكان يلقي خطابات في التجمعات التي يحضرها.
في هذا الصدد، قالت والدته يوماَ وهي تطالب بالإفراج عن ابنها “تستمعون إليه دائماً، هو لا يسب المخزن ولا يريد الحاق الضرر بأي كان، وكان دائماً يقول بأنه لا يحقد على أي شخص، ونحن فقط نطالب بحقوقنا، من صحة وتعليم”.
وقضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في 26 يونيو 2018، على محمد جلول وزكرياء أضهشور بالحبس 15 سجناً نافذاً، بينما حكمت على سمير إغيد بالسجن 20 عاماً.
أحمجيق.. دينامو الحراك
اعتقل الناشط نبيل أحمجيق بتاريخ 5 يونيو 2017 بالتزامن مع مثول الزفزافي ورفاقه أمام قاضي التحقيق في الدار البيضاء، وكان يلقب بدينامو الحراك لفرط نشاطه في الحراك، حيث كان يشتغل على مدار اليوم بالليل والنهار، حسب معارفه، من أجل نجاح تظاهرات الحراك.
وبرز أحمجيق كونه الرجل الثاني بعد الزفزافي، وتميز بهتافاته القوية في المسيرات والاعتصامات داخل وخارج الحسيمة، إلى أن اعتقل في الخامس من يونيو 2017 بعد تواريه عن الأنظار لفترة من الزمن.
ووهو أحد المعتقلين الذين أدانتهم محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بالسجن 20 سنة إلى جانب كل من الزفزافي وسمير إغيد بتهم من بينها المشاركة في مؤامرة للمس بالسلامة الداخلية للدولة والمساهمة في تنظيم مظاهرات غير مصرح بها وعقد تجمعات عمومية بدون ترخيص.