منظمات حقوقية تدين القرار الإسرائيلي بفرض السيادة على الضفة الغربية وغور الأردن

أدانت عدد من المنظمات الحقوقية والمدنية “بشكل قاطع ومطلق” تصويت الكنيست الإسرائيلي لصالح مشروع قانون يدعو إلى فرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية وغور الأردن، في خطوة اعتبروها “عدوانية تمثل إجهازا نهائيا على كل ما تبقى من فلسطين التاريخية، ونسفا تاما للوهم الساقط لحل الدولتين”.
وفي هذا الصدد اعتبرت منظمة “إفدي” الدولية، في بلاغ لها يوم الخميس 24 يوليوز 2025، أن هذه الخطوة الاستفزازية “تمثل تصعيداً خطيراً، وجريمة صريحة ضد القانون الدولي والإنساني، وضربة قاصمة لأي آمال في تحقيق سلام عادل ومستدام في الشرق الأوسط”.
وطالبت المنظمة المجتمع الدولي، “بالإلغاء الفوري لهذا المشروع غير القانوني من قبل السلطات الإسرائيلية”، داعية إلى فتح تحقيق دولي في نية إسرائيل ضم الأراضي المحتلة، “باعتباره جريمة حرب”.
كما أكدت الهيئة الحقوقية ضرورة فرض عقوبات موجهة على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في هذا المشروع، لحملهم على الامتثال للقانون الدولي، مطالبة مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار ملزم يُدين هذا التصويت ويعتبره باطلاً.
ودعت كذلك، إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق مع القادة الإسرائيليين المتورطين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالاستيطان والضم.
وقال المصدر ذاته، إن هذا التصويت، الذي يمثل قراءة أولى لمشروع قانون يمهد لضم أراض فلسطينية واسعة، يأتي في سياق سياسة توسعية استيطانية ممنهجة تتبعها إسرائيل منذ عقود، تهدف إلى ترسيخ الاحتلال وتقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة.
وأضافت أن الأراضي المستهدفة، بما في ذلك غور الأردن، هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام196، “وفقاً لجميع القرارات والمواثيق الدولية”.
واعتبرت أن فرض السيادة على أراض محتلة “يشكل انتهاكاً فاضحاً للمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة”، الذي يحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة المادة 2 فقرة 4، “كما يتناقض هذا الإجراء بشكل مباشر مع اتفاقية جنيف الرابعة، بموجب المادة 49 التي تحظر على قوة الاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة”.
وتابعت أن هذه الانتهاكات لا تقتصر على الإطار القانوني فحسب، “بل تمتد لتؤثر بشكل مباشر على حياة المدنيين الفلسطينيين”، عبر هدم المنازل وانتهاك الحقوق الأساسية وتهديد مستقبلهم.
ومن جهتها، أكدت مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين رفضها المطلق “لهذا القرار الإجرامي، الذي يشكل اعتداء صارخا على الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية والقانونية في إقامة دولته على كامل ترابه، ويعد باطلا ولاغيا وفق كل القوانين والمواثيق الدولية”.
ودعت المجموعة، كل القوى الحية في الوطن العربي والإسلامي إلى تصعيد الضغط الشعبي والسياسي، والعمل على إسقاط التطبيع، “باعتباره وصمة عار وتواطؤا مع الاحتلال”.
وحملت الهيئة نفسها، المجتمع الدولي، ومجلس الأمن بالخصوص، “المسؤولية الكاملة عن عجزه المخزي، الذي يشجع الاحتلال على المضي قدما في جرائمه”.
وفي هذا الإطار، تؤكد القرارات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك قرارا مجلس الأمن 242و338، على ضرورة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي احتلتها في عام 1967.
وترى منطمة “إفدي” أن هذه القرارات تشكل الأساس القانوني لحل الدولتين، “الذي يُعد السبيل الوحيد لضمان حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير”.
وأشارت إلى أن تصويت الكنيست يعكس رفضاً صريحاً لهذه القرارات، ويسعى بوضوح إلى تقويض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة.
وكانت محكمة العدل الدولية قد أكدت، في عام 2004، أن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية يُعد انتهاكاً للقانون الدولي، وأن أي إجراء يهدف إلى تغيير الوضع القانوني أو الديموغرافي للأراضي المحتلة باطل ولا أثر له قانونياً.
وبالتالي، “فإن مشروع فرض السيادة هو استمرار لهذه السياسات غير القانونية التي تهدد بإبقاء الشعب الفلسطيني في دائرة الاحتلال والقمع”، يؤكد المصدر ذاته.
ووفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن فرض السيادة على أراض محتلة يُعد جريمة حرب بموجب المادة 8، التي تجرم ضم الأراضي بالقوة.
علاوة على ذلك، تشدد “إفدي” أن هذا الإجراء يندرج ضمن الجرائم ضد الإنسانية المنصوص عليها في المادة 7من النظام الأساسي، بما في ذلك الاستيلاء غير المشروع على الممتلكات، والترحيل القسري للسكان، وتدمير البنية التحتية المدنية.
ولفتت الهيئة إلى أن هذا القرار لا يدمر فقط أي أمل في تحقيق حل الدولتين، “بل يؤدي أيضاً إلى تعميق الانقسام وزيادة فرص العنف والصراعات.
وخلص البلاغ إلى أن فرض السيادة على الضفة الغربية وغور الأردن سيؤدي إلى تفاقم معاناة الفلسطينيين، وتصاعد عمليات التهجير القسري، وتدمير البنية التحتية، وتعزيز سياسة الفصل العنصري (الأبارتهايد) التي تمارسها إسرائيل.
وكان البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قد صوت، يوم الأربعاء 23 يوليوز 2025، لصالح مشروع قانون لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن تمهيدا لضمهما.
وقدّم هذا المشروع، الذي أيده 71 نائبا من إجمالي 120، عدد من أعضاء الائتلاف الحاكم قبيل خروج الكنيست للعطلة الصيفية. وقد دعمه جميع أحزاب الائتلاف وحزب “إسرائيل بيتنا” المعارض.
يأتي ذلك بينما تستمر حرب الإبادة الشاملة ضد الشعب الفلسطيني في غزة وتجويعه، في ظل صمت دولي وعربي مريب، اتجاه الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين بالقطاع المحاصر منذ أزيد من 18 سنة.