ملعب مولاي عبد الله.. تحفة رياضية بمعايير عالمية

دخلت المملكة المغربية مرحلة العد العكسي لاحتصان نهائيات كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم 2025 نهاية السنة الجارية، بتدشين أحد أهم الملاعب المحتضنة للبطولة القارية، ويتعلق الأمر بالمركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله الذي دشنه الأمير مولاي الحسن، يوم الخميس 04 شتنبر 2025، حيث بات يشكل تحفة رياضية بمعايير عالمية.
معلمة كروية
ويجمع هذا الملعب، الذي سيحتضن أول مباراة رسمية للمنتخب الوطني المغربي ضد نظيره النيجري، يوم الجمعة 05 شتنبر 2025، ضمن تصفيات كأس العالم لكرة القدم 2026، بين التقنيات الحديثة والجمال المعماري والقدرة الاستيعابية، بهدف ضمان أجواء مريحة للجماهير المغربية ومواكبة هذا الحدث القاري الهام.
وتضمنت أشغال إعادة تطوير المدرجات على ثلاث طوابق مغطاة بالكامل، مع نظام إضاءة متقدم يغطي كامل الملعب والمرافق الخارجية، إلى جانب تجهيزات متكاملة تشمل منصات كبار الشخصيات، غرف الملابس، مرائب السيارات، وأبواب دخول وخروج مصممة بعناية لضمان راحة الجماهير وسهولة الحركة.
كما تم اعتماد نظام تذاكر مرقمة يضمن توزيع الحضور بشكل منظم، ويتيح تجربة جماهيرية متكاملة، سواء للزوار العاديين أو العائلات، حيث يشرف على تنظيم الدخول فرق مخصصة لتوجيه المتفرجين، ما يضمن دخولًا سلسًا ومنظمًا ويقلل من أي اضطرابات في الولوج إلى المقاعد.

وضخت الجماهير المغربية أكثر من مليار سنتيم في خزينة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، عقب الإقبال غير المسبوق على تذاكر مباراة المنتخب الوطني ضد النيجر.
وقد بلغ عدد التذاكر المباعة فقط في الساعات الأولى من طرحها 47,555 تذكرة، بالإضافة إلى 62 تذكرة للمقصورة الخاصة، ما يعكس الطلب الهائل على حضور المباريات الكبرى ويؤكد قدرة الملعب على تحريك السوق الرياضي محليًا.
وتم إحداث 10 فضاءات تجارية داخل الملعب، تتيح للجماهير اقتناء البدل الرسمية للمنتخب الوطني والأمتعة الرياضية ووسائل التشجيع المختلفة، ما يحفز الأنشطة التجارية والخدماتية المرتبطة بالرياضة.
كما وفر الملعب فرص عمل مباشرة للشباب عبر فرق تنظيمية متخصصة، مع تدريبهم على إدارة الأحداث الكبرى، بما يعزز من كفاءاتهم في القطاع الرياضي والخدمات المرتبطة به.
وجهة ثقافية واقتصادية
وفي هذا السياق اعتبر الباحث في السياسات الرياضية، منصف اليازغي، أن ملعب مولاي عبد الله أصبح أكثر من مجرد ملعب لكرة القدم، مشيرًا إلى أنه سيصبح وجهة اقتصادية، سياحية وثقافية بارزة تجذب الزوار من المغرب وخارجه، وتتيح لهم تجربة فريدة تجمع بين الرياضة والثقافة والمعمار المتميز.
وقال اليازغي، في تصريحات لصحيفة “صوت المغرب” إن الهدف من هذا الملعب يتجاوز مجرد إقامة المباريات، فهو سيكون أيضا فضاءً متكاملًا يمكن للعائلات والسياح الاستمتاع به طوال السنة، والاستمتاع بالتجربة الرياضية بأفضل شكل ممكن.
وأوضح الباحث أن تصميم الملعب يضمن تجربة مشاهدة ممتازة من أي مكان، إذ تم الاهتمام بكل زاوية لضمان رؤية مثالية، دون مشاكل ضعف الرؤية التي كانت تواجه الجماهير في بعض الملاعب القديمة.

وأشار اليازغي إلى أن هذا المشروع يعكس تحولًا كبيرًا في الفكر الوطني للمغاربة، الذين أصبحوا يفتخرون بالإنجازات العمرانية والرياضية التي تحققت في زمن قياسي، مقارنة بالماضي الذي شهد تأخر المشاريع لعقود، كما حدث مع ملعب فاس الذي استغرق وقتا طويلاً قبل افتتاحه.
وأكد أن ملعب مولاي عبد الله تم بناؤه في وقت وجيز مع الالتزام بأعلى المعايير الدولية، ما جعله أيقونة حقيقية في إفريقيا، ليس فقط بسبب سعته الكبيرة التي تبلغ نحو 67 ألف متفرج، بل أيضًا بسبب الجمالية المعمارية والتنظيمية التي تجعله رمزًا رياضيًا وثقافيًا في الوقت نفسه.
ولفت اليازغي إلى أن الملعب لن يقتصر دوره على المباريات فقط، بل سيصبح وجهة ثقافية وتعليمية، خاصة غذا تم إنشاء متحف داخلي يخلد تاريخ كرة القدم المغربية، ويعرض صورًا وإنجازات المنتخب الوطني، ليتمكن الزائر من التعرف على التراث الرياضي للمغرب بطريقة شيقة وغنية بالمعلومات.
وأكد في هذا الصدد، أن تنظيم الملعب يعكس مستوى احترافيًا غير مسبوق في المغرب، حيث تم الاهتمام بكل التفاصيل، بدءًا من دخول الجماهير، مرورًا بتوفير أماكن الراحة والخدمات، وصولًا إلى إدارة الحركة داخل الملعب بسلاسة.
تحذير من الشغب
ومن جهته شدد بدر الدين الإدريسي، رئيس تحرير صحيفة المنتخب الرياضية، على أن ملعب مولاي عبد الله يحتاج إلى حماية صارمة من التخريب والشغب، مشيرًا إلى أن أي ضرر يلحق بهذا الصرح سيكون مؤسفًا للغاية، خاصة وأنه كلف الملايير ويعد من التحف الرياضية الكبرى في المغرب.
وأضاف الإدريسي أن الملعب لا يمثل مجرد موقع لإقامة المباريات، بل هو رمز وطني وفخر للعاصمة الرباط، ويجسد التقدم الذي شهدته البنية التحتية الرياضية في المملكة خلال العقد الأخير.
وأوضح الإدريسي، خلال حديثه مع صحيفة”صوت المغرب” أن هذا الملعب، شأنه شأن مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، كان وسيكون شاهداً على أحداث رياضية كبرى، بدءًا بمباريات المنتخب الوطني ومنافسات كأس أمم إفريقيا، ووصولًا إلى بعض فعاليات كأس العالم، ليصبح جزءًا من ذاكرة الرياضة المغربية.
وخلص الإدريسي إلى أن ملعب مولاي عبد الله يمثل طفرة نوعية في البنية التحتية الرياضية المغربية، ويعكس قدرة المملكة على تنفيذ مشاريع ضخمة ومعقدة في زمن قياسي، وفق أعلى المعايير الدولية، وهو ما يعكس الطموح الوطني في تقديم منشآت رياضية تجمع بين الأداء والتنظيم والجمال المعماري.