story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

ملتمس الرقابة بين المهدي وبوعبيد ولشكر

ص ص

ملتمس الرقابة بالمغرب حالة سياسية نادرة تمت فقط مرتين سنتي 1964 و 1990، و في كل مرة كان للمعارضة الإتحادية دوراً كبيراً لإحراج الحكومة و الحُكم.

لكن المرة الثالثة لم تكن تابثة بل كانت كاميرا خفية كبيرة كان الفاعل الأساسي فيها كذلك .. المعارضة الإتحادية.

فلاش باك. في العام 1964 كانت الساحة السياسية بالمغرب تغلي و نحن بالكاد بعد سنتين على إقرار أول دستور بالمملكة بالتوازي مع خلق حزب القصر (الفديك) و مؤسسه أحمد رضى اكديرة الذي لم يكن سوى مستشار الحسن الثاني. انتخابات 1963 كانت تحصيل حاصل لظروف تنزيل الدستور و الإحتقان السياسي. لذلك لم يتأخر الإتحاد الوطني للقوات الشعبية بقيادة الثائر المهدي بنبركة بتقديم ملتمس رقابة على الحكومة كان بمثابة تمرين ديموقراطي جيد و إن لم يُفضِ لإسقاط الحكومة بحيث لم تتعد أصوات المعارضة 60 من مجموع 144 نائب و هي نسبة مهمة. بعد ربع قرن، سيعرف المغرب التجربة الثانية لملتمس الرقابة و هذه المرة رافقت المعارضة الإتحادية بقيادة الزعيم عبد الرحيم بوعبيد باقي أحزاب الكتلة الديموقراطية (الاستقلال و التقدم و المنظمة). ففي سنة 1990 سيناقش البرلمان المغربي ملتمس الرقابة الذي عرف منسوباً عالياً من الفِعْلِ السياسي و مستوى راقي للمعارضة. من منا، اللذين عايشوا التجربة، ينسى مرافعات الزعماء الأفداد أمحمد بوستة و علي يعتة و بنسعيد آيت يدر؟ كنتُ إذاك معجباً بمن كنتُ أطلِق عليه نجم البرلمان، فتح الله ولعلو. فقد كانت تدخلاته دروساً في الإقتصاد السياسي ألهمت جيلاً، بل أجيالاً. بالطبع لم تُسقط هذه التجربة حكومة العمراني لكنها كانت إحدى أكثر المحطات السياسية تشريفاً لقبة البرلمان.

بعد 35 سنة، و قد تغير المغرب و تغير الحُكمُ فيه منذ ربع قرن، هاهي المعارضة الإتحادية، مرة أخرى، تقود المعارضة لتقديم ملتمس رقابة. المعارضة الإتحادية التي يقودها ادريس لشكر، بعد أن توارت آخر الأسماء الوازنة في الحزب. ملتمس رقابة كان من المفروض أن يُقدم بشكل جماعي باسم فرق المعارضة. الاتحاد الاشتراكي، العدالة و التنمية، التقدم و الاشتراكية، الحركة الشعبية.

و رغم أنه لاحظ لهذا الملتمس في إسقاط حكومة أخنوش، فقد كان منتظراً أن يكون لخطةً فارقةً في تاريخ البرلمان المغربي، و مناسبةً لمناقشة حصيلة الحكومة بعد ثلاث سنوات و نصف بل فرصة لفضح فشلها في شتى المجالات و هي لا شك أسوأ نسخة حكومية منذ بداية عهد الملك محمد السادس، بالأرقام الرسمية.

الذي حصل أن صاحب هذا المشروع كان هو من بادر لِوَأْدِهِ تحت مبررات واهية ظاهرها أن الأحزاب المعارضة الأخرى لم توافق على منح الإتحاد شرفحإلقاء “خطبةحالنصر” ! أما ما خفي فسيكون لاشك أعظم و ستفضحه الأيام و إن كانت أولى ثناياه بدأت تطفو على السطح. لن ألعب دور العرافات، لكني أقول لادريس لشكر، لقد ضيعت على نفسك و على حزبك فرصة أخرى لتدوين إسم “الإتحاد” من مداد ذهب السياسة المغربية، و كنتَ ستبادر لا محالة لمد الحياة الحزبية المغربية جرعة أكسجين تزيد من عمرها الإفتراضي، لكنك اخترتَ أسلوب الموت الرحيم الذي لا يليق بثقافتنا و ديننا.

تصورا أن التاريخ كان سيحتفظ للإتحاد بأسماء المهدي بنبركة و عبد الرحيم بوعبيد و ادريس لشكر بثلاثي الإتحاد الذي كان وراء ملتمسات الرقابة الوحيدة التي عرفتها المملكة!

لكن يبدو أنه حتى القدر رفض أن تجمع جملة واحدة إسمي الزعيمين التاريخيين المهدي و عبد الرحيم ب …ادريس لشكر!

*سمير شوقي