مقاولون شباب يفقدون مصدر عيشهم بعد أحداث التخريب في عدة مدن

استنكرت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة أعمال الشغب والعنف التي تسببت فيها فئة قليلة من المخربين التي استغلت أوضاع احتجاجات “جيل Z” للقيام بالسرقة و التخريب وإتلاف المحلات التجارية، والمشاريع الصغرى للمقاولين الصغار، إلى جانب الاعتداء على الأبناك والمؤسسات العمومية والخاصة.
وأكدت الكونفدرالية في بيان لها، أن “المقاولين الصغار هم الضحايا الرئيسيون لهذه الأحداث، إذ دفعوا ثمنا باهظا إضافة إلى التحديات اليومية التي يواجهونها في سبيل إنشاء مشاريعهم الصغيرة والحفاظ على استمراريتها”.
وأشار البيان إلى أن “هذه المشاريع تعتمد على التمويل المحدود والموارد الذاتية، كما أنها تواجه صعوبات كبيرة بسبب ارتفاع الضرائب وغياب الصفقات العمومية التي غالبًا ما تذهب للكبار، إضافة إلى الفساد في منح الدعم المخصص للمقاولات الصغيرة”.
وأضاف أنه “لعل ما زاد الطين بلة هو أعمال التخريب الأخيرة، التي أدت إلى تدمير آمال العديد من المقاولين الصغار وأسرهم، والذين يعتمدون على هذه المشاريع كمصدر أساسي للعيش”.
ومن الأمثلة المؤثرة التي قدمتها الكونفدرالية، شاب في الـ24 من عمره، “كافح لإنشاء مشروع صغير عبارة عن محل لبيع وصنع الأساور الفضية، بعد أن أكمل تجهيز محله، تلقى نداء بالخدمة العسكرية وأغلق المحل، وأثناء غيابه تعرض محله المغلوق للتخريب والسرقة”.
كما تحدثت عن ضحية أخرى، وهي شابة أرملة وأم تعمل في مجال الحلاقة النسائية، قضت سنوات من عمرها في العمل والصبر لتجهيز مشروعها الصغير، تعرض محلها المغلق ليلا للتدمير الكامل من قبل المخربين الذين كسروا جميع المعدات التي تعتمد عليها في عملها، “مما دمر مستقبلها ومستقبل العاملات معها و معهم أسر عديدة كان هذا المشروع دخلهم الوحيد”.
وفي هذا السياق، أشارت الكونفدرالية إلى أن “المئات من المقاولين الشباب، الذين يملكون مشاريع صغيرة في بيع العطور والأثاث المنزلي والبقالة والذهب، قد فقدوا مشاريعهم بالكامل”، لافتة إلى أن “غالبية هؤلاء المقاولين لا يتوفرون على تأمين يغطي الخسائر، ما يجعلهم عرضة لمصير مجهول، ويزيد من معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية”.
كما حذرت من انعكاسات هذه الأحداث على الاقتصاد الوطني، حيث “ستؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة، إذ أن العديد من فرص الشغل التي توفرها هذه المشاريع تتأثر مباشرة بهذه الأعمال العدوانية، كما قد تؤدي إلى تقليص حجم نشاط المقاولات الأخرى، إذا لم تتلقَ دعمًا وضمانًا لمصالحها وممتلكاتها”.
كما أشارت إلى أن “هذه الأحداث تهدد السلم الاجتماعي، خاصة وأن المقاولات الصغيرة تمثل 98.4% من مجموع المقاولات بالمغرب وتوفر أكثر من 83% من فرص العمل، ما يجعل أي تهديد لهذه الفئة ينعكس مباشرة على الاستقرار الاجتماعي وعلى قدرة الدولة في الحفاظ على التوازن بين التنمية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي”.
ومن جانب آخر، أكد المصدر أن “الضرر يمتد أيضًا إلى الثقة في بيئة الأعمال، إذ أن هذه الأحداث تضعف ثقة المستثمرين والمقاولين في استقرار السوق المغربي”، مبرزا أن “خوف المقاولين من تكرار هذه الأحداث قد يؤدي إلى تأجيل أو إلغاء مشاريع مستقبلية”.
وفي غضون ذلك، دعت الكونفدرالية الحكومة إلى التدخل العاجل لتعويض المتضررين من خلال عدة آليات، تشمل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وصندوق محمد السادس للاستثمار، وصندوق الكوارث، مؤكدة على ضرورة فتح تحقيق شامل لتحديد المسؤولين عن أعمال التخريب ومحاسبتهم.
كما طالبت بإجراءات استثنائية لدعم المقاولات الصغيرة، تشمل تسهيلات ضريبية ومنح قروض بدون فوائد وإعادة جدولة القروض ومنح المتضررين أوامر بالأداء مع سرعة التنفيذ.
وفي المقابل، شددت الكونفدرالية في بيانها أن “هذه الأعمال التخريبية لا تمثل سوى فئة قليلة من المحتجين ولا تعكس مطالب الشباب المشروعة التي طالبت بتحسين الصحة والتعليم وتوفير فرص الشغل وتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد”.