story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

مغاربة في سجون الجزائر.. حلم الهجرة يتحول إلى اعتقال وتهم ثقيلة

ص ص

يعيش الشاب المغربي محسن الركراكي، البالغ من العمر 27 سنة، منذ سنتين خلف أسوار أحد السجون الجزائرية، بعد أن تحوّل حلمه بالهجرة إلى كابوس طويل، تُوج بمحاكمة قاسية بثلاثة سنوات سجنا نافذا بتهم ثقيلة “لا علاقة له بها”، بحسب ما تؤكده عائلته.

محسن، الذي كان يشتغل في مجال ميكانيك السيارات بمدينة الراشيدية، غادر البلاد بحثًا عن فرصة حياة أفضل، وسلك طريقًا غير تقليدي للهجرة، بدأها برحلة جوية نحو تونس، ومنها دخل إلى الجزائر، أملاً في العبور إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط.

لكن حلمه سرعان ما انهار عندما تم توقيفه من طرف السلطات الجزائرية، حيث وُجهت له ولعدد من الشباب المغاربة تهم تتعلق بـ”الاتجار بالبشر” و”غسل الأموال” و”الهجرة غير الشرعية”، وهي تهم تنفيها أسرته بشكل قاطع.

“سلك طريقًا خاطئًا”

وفي حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، يقول سعد الركراكي، شقيق محسن: “أخي لم يكن مجرمًا، بل فقط شابًا بسيطًا أراد تحسين وضعه الاجتماعي، ولا علاقة له بأي شبكة أو نشاط غير قانوني، وكل ما في الأمر أنه سلك طريقًا خاطئًا للهجرة، فوجد نفسه في مواجهة تهم خطيرة لا تربطه بها أية علاقة”.

وتكشف وثائق رسمية اطلعت عليها صحيفة “صوت المغرب”، مضامين التصريحات التي أدلى بها الشباب المغاربة المعتقلين في الجزائر، والمتابعين بتهم ثقيلة من بينها “تهريب المهاجرين ضمن جماعة إجرامية منظمة” و”تبييض الأموال”.

وتُظهر هذه التصريحات، التي وردت في محاضر الاستماع الرسمية وأمام القاضي، روايات متطابقة تنفي أية علاقة لهؤلاء الشباب بالشبكات المنظمة للهجرة غير النظامية.

وجاء في محاضر الاستماع التي حصلت الصحيفة على نسخة منها، أن أحد المصرّحين أكد تمسكه بتصريحاته السابقة التي أدلى بها عند المحضر الأول، موضحا أنه “دخل التراب الجزائري بطريقة شرعية عبر مطار الجزائر العاصمة بهدف الهجرة غير النظامية نحو أوروبا”.

ومنذ اعتقاله تعيش عائلة محسن وضعًا نفسيًا صعبًا، لا سيما والدته التي لم تكف عن البكاء منذ أن فُقد أثره، وتقول العائلة إن الاتصالات مع محسن نادرة جدًا، لا تتجاوز رسالة كل شهرين، في ظل انقطاع تام للمعلومة وعدم السماح لمحاميه بحضور جلسات المحاكمة، إضافة إلى ظروف احتجاز توصف بأنها “مهينة”، حيث يُحرم من حقوقه الأساسية، بما فيها التغذية والرعاية الطبية.

ويضيف شقيقه: “مطالبنا بسيطة، نريد فقط أن يعود أخي سالمًا إلى أرض الوطن، أن تضع الدولة يدها على الملف، وأن تتحرك من أجل الإفراج عنه، فكل يوم يمضي في السجن هو ظلم لا يستحقه”.

“ليسوا مجرمين”

وفي هذا السياق، توجهت عائلات مجموعة من الشباب المغاربة المعتقلين في السجون الجزائرية، ومعها ساكنة من جهة درعة تافيلالت، بنداء إنساني عاجل إلى الرأي العام الوطني والدولي، وإلى مختلف وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، من أجل تسليط الضوء على معاناة أبنائها المحتجزين في ظروف توصف بـ”اللاإنسانية”، على خلفية محاولتهم الهجرة بشكل غير نظامي نحو أوروبا عبر الأراضي الجزائرية.

وأوضحت العائلات، في بلاغ توصلت به صحيفة “صوت المغرب”، أن من بين المعتقلين شباب من مدينة الرشيدية (منهم محسن الركراكي الذي يقطن بحي المسيرة)، وآخرون من تنجداد وزاكورة، إضافة إلى شباب آخرين من وجدة والناظور، تم توقيفهم داخل التراب الجزائري، قبل أن يُعرضوا على محكمة الجنايات الابتدائية بمجلس قضاء مستغانم، التي قضت في 18 نونبر 2024 بسجنهم ثلاث سنوات نافذة، بعد متابعتهم بتهم ثقيلة من قبيل “تهريب المهاجرين ضمن جماعة إجرامية منظمة” و”تبييض الأموال”.

وأكدت العائلات أن “المحاكمة افتقدت لشروط العدالة، حيث جرت بشكل سريع، وتم تعيين محامين في إطار المساعدة القضائية، دون تمكين المعتقلين من تقديم دفوعاتهم أو الحصول على دفاع فعّال، كما عبّرت عن صدمتها من الأحكام الصادرة”، مشددة على أن أبناءها ليسوا مجرمين، بل ضحايا أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة دفعتهم للبحث عن أفق جديد خارج الوطن.

وطالبت العائلات بالتدخل الفوري والعاجل للسلطات المغربية، دبلوماسيًا وحقوقيًا، من أجل إنصاف هؤلاء الشباب وضمان عودتهم إلى أرض الوطن، وإعادة النظر في الأحكام الصادرة بما يراعي حقوق الإنسان ومبادئ المحاكمة العادلة، وتعبئة المجتمع المدني، والمنابر الإعلامية، الوطنية والدولية، لمرافقة هذا الملف الإنساني وطرحه بقوة أمام الجهات المعنية.

وختمت العائلات نداءها بدعوة الجميع إلى عدم الصمت تجاه هذه المأساة، قائلة: “أبناؤنا خرجوا طلبًا للعيش بكرامة، فوجدوا أنفسهم خلف القضبان بتهم لا تمتّ إلى واقعهم بصلة، نرجو ألا يُدفن الأمل في الحرية تحت ثقل الأحكام الجائرة والصمت الرسمي.”