story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
التعليم والجامعة |

معطيات برادة بالبرلمان تفجر الجدل.. أرقام تُفنّد ما قاله الوزير عن التعليم

ص ص

أثارت تصريحات وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة، بداية الأسبوع الجاري بالبرلمان، جدلا كبيرا بخصوص صحّة الأرقام التي قدمها حول حصيلة الوزارة في ورش تعميم التعليم الأولي، وكذا تطوير مشروع الدمج التربوي للأطفال في وضعية إعاقة.

وفي هذا الصدد، فنّد أستاذ التعليم العالي والخبير في السياسات التربوية، الحسين زاهدي، الأرقام التي قدّمها وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة بخصوص مجموع تلاميذ وتلميذات التعليم الأولي وتوزيعهم بين العمومي والخصوصي، خلال عرضه أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025.

أرقام تثير أسئلة جدّية

وأشار زاهدي، في تدوينة نشرها على حسابه بموقع “فايسبوك”، إلى أن مجموع تلاميذ وتلميذات التعليم الأولي سجل تراجعًا ملحوظًا من حوالي 65% إلى نحو 54% بين الموسمين الدراسيين 2024/2025 و2025/2026، عكس ما قدمه الوزير في عرضه أمام النواب.

وقال الوزير إن “حصة التعليم الأولي العمومي تبلغ 67% من أصل 985.375 طفلًا وطفلة يتابعون دراستهم في هذا المستوى خلال الموسم الحالي، أي ما يعادل 660.201 طفلًا وطفلة في التعليم الأولي العمومي والخصوصي على السواء”.

غير أن زاهدي أوضح أن هذه الأرقام تثير أسئلة جدّية حول صدقية المعطيات الرسمية، خاصة عند مقارنتها بالأرقام التي قدّمتها مديرية الدراسات الاستشرافية والإحصاء والتخطيط التابعة للوزارة نفسها، والتي نشرت معطيات الموسم الدراسي 2024/2025 كما يلي:

  • مجموع تلاميذ وتلميذات التعليم الأولي: 943.122
  • حصة التعليم الأولي العمومي: 612.414
  • حصة التعليم الخصوصي: 207.072
  • حصة التعليم الأولي غير المهيكل: 123.636

التعليم الأولي غير المهيكل

وسجّل الخبير التربوي أن عرض الوزير لم يتطرق إطلاقًا إلى التعليم الأولي غير المهيكل، “رغم أن المديرية صنفته كمستوى قائم بذاته إلى جانب العمومي والخصوصي، ما يطرح تساؤلات عن سبب إغفال هذه الفئة في عرض رسمي أمام البرلمان”، خصوصًا وأن الواقع يؤكد استمرار وجود الكتاتيب والمحلات العشوائية في مختلف المدن والبوادي المغربية.

وانطلاقًا من معطيات المديرية، يضيف زاهدي، فإن نسبة التعليم الأولي العمومي خلال موسم 2024/2025 بلغت 64.93%، “وهو ما يجعل من الطبيعي افتراض ارتفاعها إلى 67% فقط في حال تحسنت أوضاع التعليم العمومي، غير أن إغفال الوزير لعدد أطفال التعليم غير المهيكل يثير الشك في دقة هذه النسبة”.

واستنادًا إلى هذا المنطق، يرى زاهدي أنه إذا افترضنا أن عدد أطفال التعليم غير المهيكل بقي ثابتًا في حدود 123.636 خلال الموسم الحالي، فإن عدد تلاميذ التعليم الأولي العمومي الحقيقي سيكون في حدود 536.565 طفلًا وطفلة فقط، أي 54.45% من مجموع تلاميذ التعليم الأولي، “مما يعني تراجعًا واضحًا من حوالي 65% إلى 54% خلال سنة واحدة”.

وحتى في حال افتراض أن عدد أطفال التعليم غير المهيكل تراجع بنسبة 50% هذا الموسم، وهو احتمال وصفه زاهدي بـ”المستبعد جدًا” فإن نسبة التعليم الأولي العمومي لن تتجاوز 60.73%، وهي نسبة أدنى من الموسم الماضي، مما يعزز، بحسبه، الشكوك حول صدقية الأرقام التي قدّمها الوزير محمد سعد برادة داخل مجلس النواب.

وشدد المتحدث في هذا السياق على أنه “لا يسعى إلى تكذيب الأرقام التي قدمها الوزير، بقدرما يريد إثارة الانتباه إلى ضرورة إيلاء المعطيات والمعلومات التي تقدمها الجهات الرسمية ما تستحق من العناية والاهتمام”.

واعتبر أنها “تشكل مادة صالحة للاستعمال في الدراسات والأبحاث وإعداد وتقويم السياسات العمومية”، منوها “بالعمل الجاد والنوعي الذي تقوم به مديرية الدراسات الاستشرافية والاحصاء والتخطيط، إذ أنها تضع بين يدي الباحثين ومختلف الفاعلين قيما ومعطيات جيدة ودقيقة تساعدهم على إنجاز مهامهم على الوجه الأمثل”.

العرض التربوي الدامج

ومن جانب آخر، قال المرصد المغربي للتربية الدامجة إن “وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، سعد برادة، قدم بيانات مغلوطة ومتناقضة أمام مجلس النواب حول الدمج التربوي للأطفال في وضعية إعاقة”، مؤكدا أن “الأرقام الرسمية خلال السنوات الأربع الأخيرة تكشف عن انخفاض ملحوظ في العرض التربوي الدامج بنسبة 30 في المائة”، ما يعكس، حسب المرصد، “إقصاءً ممنهجا لهؤلاء الأطفال من حقهم في التعليم”.

وأوضح المرصد في بلاغ له، أن “الوزير تفادى تقديم بيانات حول تطور العدد الإجمالي للأطفال في وضعية إعاقة المتمدرسين خلال الأربع سنوات الأخيرة، وبدل ذلك، أشار إلى بلوغ 7416 مؤسسة دامجة”، معتبرا أن “هذا الرقم مغلوط ولا يستند إلى أي أساس معياري، بسبب غياب إطار مرجعي واضح يسمح للوزارة بتصنيف درجة الدمج في المؤسسات التعليمية”.

وفي هذا السياق، أشار المرصد إلى أن “الوزير تحدث عن تمدرس 70 ألف طفل في وضعية إعاقة، وهو تصريح يعكس في حد ذاته ضعف العرض التربوي الدامج، إذ تُظهر تقارير المرصد لسنة 2025، المعتمدة على بيانات رسمية منذ سنة 2014، أن عدد المتمدرسين كان قد بلغ 95 ألف طفل سنة 2021، قبل أن ينخفض إلى 65 ألف سنة 2025، أي بناقص 30 في المائة”.

كما أبرز المصدر أن “قطاع التربية الوطنية أعلن في بداية السنة الدراسية 2025-2026 عن تسجيل ما يقارب 5 آلاف طفل في وضعية إعاقة في سن التمدرس، في حين كان من المفترض تسجيل حوالي 14 ألف طفل بتطبيق نسبة 2 في المائة من العدد الإجمالي للأطفال الجدد المسجلين سنويا، والبالغ نحو 700 ألف، ما يؤكد ضعف نسبة الدمج واستمرار المنحى التنازلي”.

وأشار المرصد أيضا إلى أن “الوزير قدم بمجلس النواب تصريحا يُظهر ضعف تعميم الولوجيات في مؤسسات التعليم العمومي، إذ لا تتوفر سوى 3300 مؤسسة تعليمية على مرافق صحية ولوجة من أصل 13 ألف مؤسسة، أي بنسبة لا تتجاوز 25 في المائة”.

وفي السياق نفسه، أضاف المصدر أن “الوزير أوضح أن من أصل مؤسستين تعليميتين، مؤسسة واحدة فقط تدمج أطفالا لهم إعاقات خفيفة”، وهو ما يكشف بوضوح، حسب المرصد، “سياسة الوزارة في تكريس الإقصاء الممنهج بدل تعميم التمدرس الشامل للأطفال في وضعية إعاقة داخل جميع المؤسسات التعليمية”.

وأكد المصدر ذاته أن “هذا التقييد في الولوج إلى المدرسة العمومية يجد مصدره في القرار الوزاري رقم 47.19 بشأن التربية الدامجة، الذي يقيد ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة، ويلزم الأسر بأداء أجرة لخدمة المرافقة المدرسية كشرط للولوج”، وهو ما يعتبره المرصد “شكلا من أشكال التمييز المباشر”.

وفي غضون ذلك، شدد المرصد المغربي للتربية الدامجة على أن “وزير التربية الوطنية يفتقد رؤية واضحة في ما يتعلق بقضايا الدمج التربوي للأطفال في وضعية إعاقة”.

وخلص إلى أن “الوزير يعجز عن مراجعة القرار الوزاري التمييزي الصادر سنة 2019 بشأن التربية الدامجة، ويتردد في إصدار نص تنظيمي تطبيقا للمادة 13 من القانون الإطار 51.17، لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي الذي يقضي بتخصيص نسبة مئوية لتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة بالمجان في مؤسسات التعليم الخصوصي”.