story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
إعلام |

مشروع قانون “مجلس الصحافة”.. بين مطلب التنظيم الذاتي ومخاوف التغول السياسي

ص ص

حذّر صحافيون من خطورة المسار الذي يسلكه تنظيم مهنة الصحافة في المغرب، معتبرين أن المشروع القانوني الجديد “لا يرسخ قيمة التنظيم الذاتي”، بل يُقنِّن لتدخل الفاعلين السياسيين والماليين في عمل الصحافيين، ويُهدد استقلالية المهنة وأخلاقياتها.

وانتقد الصحافيون، خلال ندوة تفاعلية نظّمتها الجمعية المغربية للصحافيين الشباب، “غياب تمثيلية حقيقية للصحافيين داخل المجلس الوطني للصحافة”، مشددين على أن المعايير المعتمدة – وعلى رأسها رقم المعاملات – تُكرّس هيمنة الناشرين وتُقصي الكفاءة والمهنية.

وعن السياق الذي جاء فيه مشروع القانون، قال الصحافي كريم بوخصاص، أستاذ الصحافة والإعلام في جامعة المولى إسماعيل بمكناس، إن المناخ السياسي اليوم غير مشجّع على أي تعديل قد يذهب في منحى إيجابي، أو يكون في صالح تطوير الممارسة الصحافية وحرية الصحافة.

وأضاف بوخصاص أنه كان يأمل أن يقتصر الأمر على انتخاب مجلس وطني جديد والحفاظ على هيكل التنظيم رغم عيوبه، في انتظار أن تأتي فرصة تشريعية في مناخ سياسي ملائم لإدخال إصلاحات حقيقية.

وانتقد المتحدث مسألة تعيين الناشرين في مشروع القانون الحالي، وقال إن من يتحكم في هذا التعيين هو حجم الدعم العمومي من الدولة، وليس حجم المبيعات أو جودة محتوى هذه المؤسسات. واستدرك قائلاً: “أنا لست ضد الدعم. بالعكس، يجب أن يكون هناك دعم، ولكنه شفاف وعادل”.

وأشار إلى أنه يمكن أن تكون هناك مؤسسات تملك رأسمالًا كبيرًا لكن لا أحد يقرؤها، في المقابل، قد تكون هناك مقاولة برأسمال 100 مليون سنتيم، لكنها الأكثر مهنية، والأكثر احترامًا لأخلاقيات المهنة، والأكثر مقروئية.

وشدد على أن معيار رقم المعاملات “يخدم مصالح الناشرين فقط”، منبهًا إلى أن الناشر لا يعني بالضرورة مدير نشر، “بل يمكن أن يكون صاحب مقاولة أو شركة، وقد لا تكون له أي علاقة بالمهنة أو بأخلاقياتها”. وقال: “هنا تكمن الخطورة. سيتحكم في أخلاقيات المهنة أشخاص لا يمارسون الصحافة أصلاً”.

وفي موضوع التنظيم الذاتي، يرى بوخصاص أن الصحافة “كسلطة معنوية، قادرة على تنظيم ذاتها بذاتها من أجل أن تمنع أي سلطة من التدخل فيها، وبالخصوص سلطتَي السياسة والمال”.

وأكد، في هذا الصدد، أهمية الوعي الجماعي بخطورة تدخل الفاعلين السياسيين والحزبيين والماليين بشأن الصحافيين.

من جانبه، شدد الصحافي يونس مسكين على الحاجة إلى تنظيم ذاتي، وقال إنها تأتي من الحاجة إلى تدبير حرية التعبير، لوضع قواعد خاصة بالصحافي. ومن أجل تطبيقها، يحتاج هذا الأخير إلى سلطة محايدة.

وأكد مسكين، مدير الأخبار بصحيفة “صوت المغرب” والباحث في قضايا الإعلام، أهمية المواثيق الأخلاقية، مشيرًا إلى أنها تُساهم في تقليص مجال حرية الصحافي بطريقة ذاتية.

وأوضح أن مبرر ذلك هو حماية المصلحة العامة ومصلحة المجتمع، لأنه “إذا لم تُستعمل هذه الحرية بشكل مضبوط فسينتج عنها أضرار بحق الأشخاص والصالح العام”.

وشدد على أن هذا التنازل الإرادي من الصحافيين يتطلب آلية ذاتية لتنفيذ هذه القواعد، مع عدم منح الحق في ذلك إلى سلطة أخرى تجعل منها منفذًا لسحب جميع حقوق الصحافيين.

أما بخصوص مدى حضور قيمة التنظيم الذاتي على مستوى مشروع القانون الجديد، فيقول مسكين: “شخصيا لا أرى حاليًا تنظيمًا ذاتيًا. النص القانوني الذي جاءت به الحكومة والأغلبية يُدعى تقنينًا لا غير”.

ويذهب مسكين بدوره إلى إبراز أن مشكل تنظيم مهنة الصحافة مرتبط بسياق سياسي تراجعي، محذرًا من تقييم المرحلة بأداء المجلس الوطني فقط، إذ أنها مرتبطة بمرحلة سياسية اتسمت بسحب جميع المكتسبات التي حققها المغاربة عام 2011.

ويرى الصحافي يونس مسكين أن البلوكاج الذي عرفه المجلس “هو تعبير عن سلوك وإرادة دولة”.

هذا، واستنكر المتحدث ذاته، غياب حساسية تمثيل المجتمع على مستوى تشكيلة المجلس الوطني للصحافة، وفقًا لمشروع القانون الجديد، وذلك في ظل وجود مؤسسات دستورية.

ومن جهته، أكد عبد الكبير اخشيشن، رئيس النقابة الوطنية للصحافة، أن الجسم الصحافي اليوم يعيش مرحلة مفصلية، حاثًا على ضرورة أن ينخرط الصحافيون بكثافة خلال هذه الفترة لمناقشة مصيرهم.

وقال اخشيشن: “يجب أن نفخر بقيمة التنظيم الذاتي”، وأوضح أن أهميته تتجلى في أن يكون الصحافيون قادرين على حل مشاكلهم ذاتيًا.

ويرى المسؤول النقابي أن الصحافيين يمكنهم حماية المجتمع من تجاوزاتهم عبر أخلاقيات المهنة، ولأجل ذلك “لا يجدون حرجًا في تنظيم أنفسهم بأنفسهم”.

ويشدد اخشيشن على أن الحرية والاستقلالية تُعدّان بمثابة الأوكسجين للعمل الصحافي، معتبرًا أن التفريط فيهما “مسألة مبدأ”.

وأبرز، في هذا الإطار أن الصحافيين مستعدون لتنظيم أنفسهم، قائلاً: “نحن لا نقبل أن يكون بيننا صحافي لا يتوفر على الشروط المناسبة، أو يضع نفسه فوق القانون”.

وأشار إلى أن مشروع القانون الجديد لإعادة تنظيم الصحافة يفتقر إلى الديمقراطية التي تقتضي التشاور في قانون يهم المجتمع، أو حتى الحفاظ على صورة المغرب.

ونوّه المتحدث إلى أن الطريقة التي تم بها تقديم المشروع والمصادقة عليه تفضح النوايا من ورائه، إذ أن هذا المشروع “يُراد به باطل، في الوقت الذي يذهب فيه الحق إلى ضرورة إصلاح القطاع”.