story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

بين العلمي ولشكر.. محامون يدعون إلى محاكمة عادلة ووقف محاكمات الفضاء الرقمي

ص ص

أثارت محاكمتا الناشطتين سعيدة العلمي وابتسام لشكر نقاشًا واسعًا في الساحة الحقوقية والإعلامية، وأعادتا إلى الواجهة قضايا حرية التعبير وضمانات المحاكمة العادلة في المغرب.

وتطرق محامون وحقوقيون، في ندوة صحافية نظمتها مجموعة “”نساء شابات من أجل الديمقراطية، يوم الإثنين 22 شتنبر 2025، بعنوان “حرية التعبير والمساواة أمام العدالة: قراءة في قضيتي محاكمة سعيدة العلمي وابتسام لشكر”، إلى أبعاد القضيتين وما تطرحهما من إشكالات قانونية وحقوقية واجتماعية.

وفي هذا الصدد، قالت نعيمة الكلاف المحامية بهيئة الرباط، إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت اليوم ساحة لمحاكمة الأشخاص قبل أن يحاكموا على مستوى القضاء، مشيرة إلى أن ذلك يعد خرقًا للقانون الوطني وللالتزامات الدولية للمغرب، بما فيها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

محاكمة لا تمحى

وتوضح الكلاف أنه حين يُحاكم الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، تبقى المحاكمة التي وصفتها بـ”غير الشرعية” راسخة في ذاكرة الرأي العام والمواقع الإلكترونية، “ولا يمكن مسحها”. في المقابل، المحاكمة الشرعية أمام القضاء تخضع لقواعد دقيقة، “وتنتهي العقوبة فيها بالحكم أو بالتقادم أو بالعفو أو الوفاة”.

وتشدد الكلاف على أن من أهم ضمانات المحاكمة العادلة هو أن يبقى الشخص بريئًا حتى صدور حكم قضائي نهائي. ومع ذلك، تضيف المحامية في هيئة دفاع ابتسام لشكر: “نلاحظ أن الاعتقال غالبًا ما يصاحبه تسريب المحاضر، ونشر صور بدون إخفاء الملامح، والتهديدات عبر المنصات الرقمية”.

ودعت إلى احترام ضمانات المحاكمة العادلة في جميع أطوار التقاضي، منذ إلقاء القبض ومرورًا بالتحقيق، ثم المحاكمة الابتدائية والاستئنافية، وحتى ما بعد المحاكمة، مشيرة إلى أن الدولة ملزمة بتطبيق هذه الضمانات على الجميع دون استثناء.

وتقول المحامية بهيئة الرباط إن الدعوة إلى تمتيع الأشخاص بجميع ضمانات المحاكمة العادلة “لا تأتي حبًا فيهم، بل لصالح دولة الحق والقانون”.

تكميم للأفواه

ومن جانبه، توقف محمد المسعودي، المحامي بهيئة مراكش، عند قراءة كرونولوجية للواقع السياسي بالمغرب فيما يتعلق بالفصول التي تُستعمل عند محاكمات الرأي، مشيرًا إلى أن من أبرز الفصول التي استُعملت ما بين الخمسينيات والتسعينيات كان الفصل 263 من القانون الجنائي، الذي اعتُبر الأساس لمتابعة المناضلين بتهم مرتبطة بـ”زعزعة النظام” أو “المساس بالسلامة الداخلية والخارجية للدولة”.

لكن مع بداية الألفية الثالثة، أصبح الفصل 447 من القانون الجنائي، بحسب المسعودي، “أداة تكميم الأفواه ومتابعة النشطاء والمدونين وأصحاب الرأي المختلف، خصوصًا في الفقرة الثانية منه”.

ويضيف: “بدل أن يكون أداة لحماية الحقوق، تحول إلى سيف مسلط على حرية التعبير”.

ويرى المسعودي عضو هيئة دفاع الناشطة سعيدة العلمي، أن طريقة تنزيل وتطبيق الفصل 447 من طرف النيابة العامة، والأحكام المبنية عليه، “جعلت منه أداة لتقييد الحريات، وهو ما يتعارض مع الالتزامات الدولية للمغرب”.

وفي حالة موكلته سعيدة العلمي، يشير المتحدث إلى أن متابعتها “لم تكن بسبب ارتكاب فعل جرمي واضح، بل لأنها وجه حقوقي بارز وفاعل في الساحة الحقوقية، تحضر المحاكمات، وتشارك في الوقفات، وتكتب تدوينات تضامنية”، مشددًا على أن كل هذا يدخل في صميم حرية الرأي والتعبير التي يضمنها الدستور المغربي.

وشدد على أن محاكمة العلمي من حيث الشكل والمضمون “تُعد خرقًا لضمانات المحاكمة العادلة، سواء على مستوى الدستور أو القانون الجنائي أو المواثيق الدولية”. وبالتالي، فإن الحكم الصادر في حق سعيدة العلمي، يضيف المسعودي، “حكم قاسٍ وغير عادل، يضرب في العمق حرية الرأي والتعبير، ويعكس إرادة في إخضاع الأصوات المعارضة”.

الناشطة تدان مرتين

وتعود المحامية نعيمة الكلاف لتتوقف عند الخصوصية المرتبطة بالمرأة الناشطة في المحاكمات، مشيرة إلى أنها تُدان مرتين: “مرة بسبب الفعل المنسوب إليها، وأخرى بسبب كونها امرأة مناضلة”.

وتوضح الكلاف أن اعتقال المرأة الناشطة “لا يُنظر إليه فقط باعتباره متابعة قانونية، بل يتضاعف أثره بسبب البنية الاجتماعية والثقافية التي تعيش فيها النساء بالمغرب”.

وتضيف، “حين تختار المرأة أن تكون فاعلة سياسية أو حقوقية أو نقابية، تواجه ضغطًا مضاعفًا، لأن حضورها في هذه المجالات يُعتبر خرقًا لأدوارها التقليدية”، تضيف المتحدثة ذاتها.

ولهذا السبب، ترى المتحدثة ذاتها أن التشهير بالمرأة “أقوى وأكثر حدة من الرجل، سواء في الإعلام أو داخل المحكمة نفسها”.

وذكرت الكلاف أن القانون الجنائي “ما زال يحمل بعض الاختلالات في التعامل مع النساء، حيث لا تستفيد المرأة المتابعة بنفس الضمانات الفعلية التي يستفيد منها الرجل”.

وهذا ما يجعل الحديث عن ضمانات المحاكمة العادلة ضروريًا، تضيف المتحدثة، “خاصة في القضايا الجنائية التي تمس الحرية الجسدية والكرامة الإنسانية”.

وتشير إلى أن المحاكمة العادلة لا تبدأ في قاعة الجلسة فقط، بل منذ لحظة الاعتقال، مرورًا بالحراسة النظرية، ثم التحقيق وأطوار المحاكمة، حتى صدور الحكم النهائي.

وتنبه المحامية بهيئة الرباط إلى أن القانون يحدد ضمانات أساسية مثل علنية الجلسات، وحق الدفاع، والاستعانة بمترجم عند الحاجة، فضلاً عن افتراض البراءة حتى صدور حكم نهائي.

وتقول: “لكن في الواقع، حين تُعتقل ناشطة حقوقية، نجد أن التشهير بها يبدأ منذ اللحظة الأولى عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، وهو ما ينسف مبدأ قرينة البراءة ويشوّه صورة المحاكمة العادلة”.