محاضر “عابرة للزمن” ومرافعات ماراثونية.. شباب “جيل Z” يُحاكم إلى ساعات متأخرة من الليل
تواصلت، مساء الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 ، وحتى ساعات متأخرة من الليل جلسة محاكمة مجموعة من شباب “جيل Z” الموقوفين على خلفية احتجاجات اجتماعية، وسط مرافعات قوية لهيئة الدفاع التي ركزت على بطلان محاضر الضابطة القضائية، معتبرة أنها “فاقدة للمصداقية ومخالفة للواقع شكلاً ومضمونًا”.
وخلال مرافعته، اعتبر المحامي فاروق المهداوي، عن هيئة الرباط، أن المحاضر المنسوبة للشاب (ص.ع) البالغ من العمر 19 عاماً ونصف، “محاضر عابرة للزمن”، بعدما تبيّن أن تاريخ تحريرها هو 30 أكتوبر 2025، في حين أن الجلسة عُقدت في 28 أكتوبر، وأن هناك تعليمات للنيابة العامة أصدرت بـ 29 يناير 2025 أن أفعالا جرمية من المفترض أنها ارتكبت بتاريخ 30 شتنبر 2025″.
وأضاف المحامي أن توقيت التوقيف حسب ما هو مدون بالمحاضر كان على الساعة العاشرة والنصف في حين أن الوضع في الحراسة النظرية حسب نفس المحاضر، تم بتوقيت العاشرة ليلًا ، أي أنه وضع في الحراسة النظرية قبل توقيفه”.
وفي غضون ذلك، اعتبر الدفاع أن “هذا الأمر دليل على عدم تطابق المحاضر مع الواقع واضطراب حجيتها القانونية”، وطالب باستبعادها والاعتماد فقط على معطيات الجلسة.
ويتابع الشاب (ص.ع) المنحدر من أسرة فقيرة بتهم ثقيلة، من بينها: المشاركة في تجمهر مسلح، إهانة رجال القوة العمومية، استعمال العنف، العصيان، حيازة السلاح في ظروف من شأنها تعريض سلامة الأشخاص والأموال للخطر، والامتناع عن مغادرة مكان التجمهر ليلًا.
وقد تم تنصيب مؤسسات عمومية لنفسها طرفا مدنيا، في هذا الملف، مطالبة بتعويضات عن الضرر الملحق و الذي ربطته بالهيبة.
وفي هذا الصدد، شدد الدفاع في مرافعاته على الوقوف على مفهوم الهيبة القانوني و على الضرر المرتبط بها و الآثار المباشرة و المادية التي يمكن أن تترتب عنها.
وفي ملف آخر، دافعت المحامية سارة سوجار بهيئة الرباط عن الشاب (أ.ب) البالغ من العمر 23 سنة، والمتابع بسبب تدوينة فيسبوكية دعا فيها إلى الاحتجاج “دفاعًا عن الحقوق الاجتماعية”.
وأكدت سوجار أن “مؤازرها لم يكن في حالة تلبس وفق مقتضيات المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية ولا عصيان، بل تم اعتقاله بعد التحقق من هويته رغم تعاونه الكامل مع عناصر الأمن”.
وأضافت أن “تفتيش هاتفه امتد إلى صوره ومحادثاته الخاصة دون سند قانوني و دون إذن قضائي”، ما اعتبرته انتهاكًا صريحًا للمعطيات الشخصية، ولحرمته الخاصة بناء على الفصل 24 من الدستور والمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية”.
كما أكدت المحامية “أن التوقيف تم أمام محطة القطار المدينة بالرباط قبل بداية الاحتجاجات، مما يؤكد أن الاعتقالات كانت بشكل عشوائي و دون احترام المساطر القانونية”.
أما الشاب الثالث (ع.أ)، فيتابع هو الآخر بتهم: العصيان، والمشاركة في تجمهر مسلح، وحيازة السلاح (حجر)، وهي اتهامات فنّدها الدفاع بالكامل، موضحًا أن “توقيفه تم في شارع محمد الخامس بالرباط، وهو مكان لم تُسجل فيه أية مواجهات أو رشق بالحجارة خلال الأحداث”، وفق ما جاء في المرافعات.
وأشار الدفاع إلى أن الشاب (ع.أ) ذو بنية جسدية ضعيفة، وقد تعرض – بحسب ما أفاد به – “لتعنيف عند توقيفه، ما تسبب له في إصابة على مستوى عينه اليسرى”، معتبرين أن ذلك يتناقض مع ادعاءات استعماله للعنف أو مقاومة رجال الأمن.
ومن جانب آخر، شدد المحامون على “غياب الشروط المادية والقانونية لتكوين جريمة العصيان في كل الملفات المعروضة”، مؤكدين أن ما وقع هو “مجرد تفاعل إنساني طبيعي مع وجود توتر أمني، ولا يمكن اعتباره عصيانًا جنائيًا”.
وسجلت هيئة الدفاع كذلك أن “الاعتقالات شابتها خروقات مسطرية وانتهاكات لحقوق المتهمين المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية ابتداء من لحظة الايقاف إلى ماتلاها من إجراءات مرتبطة بالاعتقال والتفتيش وظروف الحراسة النظرية ما يستوجب الحكم ببراءة المتهمين”.
ولم يقتصر دفاع المتهمين فقط على الجوانب القانونية لهذه الملفات بل ذكّر أيضا بالتفاعل الملكي مع احتجاجات “جيل Z”، من خلال خطاب افتتاح البرلمان، وكذا من خلال القرارات الصادرة عن المجلس الوزاري الأخير خصوصا مايتعلق برفع ميزانية قطاعي الصحة والتعليم.
*كنزة احسيني الخضير