story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

لماذا تُصر فرق الأغلبية على إضعاف السلطة التشريعية؟

ص ص

بقي حوالي سنة ونصف ويسدل الستار على واحدة من أضعف الولايات التشريعية في تاريخ البرلمان المغربي، ليس على مستوى الكم، لأن الأرقام، وإن كانت مجردة في طبيعتها، فإنها قد تكون مضللة وخادعة، خصوصا لمن لا يملك الأدوات المعرفية اللازمة لتفكيكها وتحليلها، بل واستنطاقها.

هذا الضعف راجع لعدة أسباب من بينها ضعف “البروفايلات” التي قدمتها الأحزاب الثلاثة المشكلة للتحالف الحكومي بسبب الأمية، بشقيها المعرفي والسياسي. هذه “البروفايلات” يجمع بينها قاسم مشترك واحد، وهو “الشكارة” ، لأن التزكية لم تعد وسيلة لاختيار الأحسن، بل لمن يدفع أكثر، حتى لو كان هؤلاء من أصحاب السوابق.

من المفروض أن يشتغل البرلمان، بكل مكوناته، كسلطة تشريعية واحدة في مواجهة السلطة التنفيذية، ويسعى لحماية اختصاصاته الدستورية، في إطار مبدأ فصل السلط، لا أن يمارس رقابة ذاتية على نفسه ويحد من وظائفه بسبب تأويل سطحي لدور الأغلبية.

لقد تابعنا مؤخرا النقاش العمومي حول الدعم الحكومي الموجه إلى استيراد المواشي وقطاع تربية المواشي، وكيف أجهضت مكونات الأغلبية بمجلس النواب مقترح تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الموضوع، واقترحت مباردة أقل قوة وتأثيرا، وتابعنا قبلها كيف عرقلت هذه الأغلبية مهمة استطلاعية بخصوص المخطط الأخضر، أما جلسات الأسئلة الشفهية، الأسبوعية والشهرية، والجلسات السنوية لتقييم السياسات العمومية، فقد تحولت إلى جلسات للتطبيل لمنجزات لا أثر لها على أرض الواقع. وكل ذلك من أجل عيون السيد عزيز أخنوش، الذي لم يكتف ببسط يده على البرلمان، بل امتدت أيضا للسلطة الرابعة.

ولمن لا يدرك أهمية البرلمان، نقول إن الهندسة الدستورية قدمت السلطة التشريعية على الجهاز التنفيذي نظرا لأهميته في الحياة السياسية والمؤسسية للأمم باعتباره مجلسا للشعب وفضاء للنقاش العمومي، وتحول البرلمان مع دستور 2011 إلى سلطة تشريعية بعدما كان مجرد مؤسسة للتشريع. وغني عن البيان القول، إنه لا سلطة بدون استقلالية.

صحيح، لقد نص الدستور على التوازن والتعاون بين السط، لكن من يتابع أشغال البرلمان خلال هذه الولاية التشريعية يلاحظ بالعين المجردة أن هذا التوزان اختل، مع الأسف، لصالح حكومة أخنوش. وهذا ما يهدد الاستقرار السياسي والمؤسساتي، لأنه كلما تراجعت أدوار المؤسسات ازدادت أساليب التعبير العفوية والمباشرة.

ولأن المناسبة شرط، نقول للسيد وزير الداخلية، الذي دعا مؤخرا بمجلس المستشارين، إلى سن قوانين لحماية المنتخبين من الحملات السلبية، أن المدخل السليم لتحسين صورة المنتخبين والمؤسسات، يمر لا محالة عبر مراجعة قوانين الانتخابات بما يضمن إفراز نخب حقيقية قادرة على تمثل الأدوار الدستورية الموكولة لها…وقبل ذلك الابتعاد عن التدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب السياسية.

*عبد اللطيف الحاميل