story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

قصة تنظيم أول دورة لـ”الكان” ولماذا تأخر المغرب في المشاركة

ص ص

عرفت كرة القدم الإفريقية تاريخا طويلا من المحطات والكؤوس والإنجازات والتحولات على هياكلها وتنظيماتها، حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، لكن الأجيال الحالية من الجمهور والمتتبعين دائما ما تطرح السؤال التالي: كيف كانت البداية؟ و كيف انطلقت فكرة تجميع البلدان الإفريقية وجامعاتها المحلية، تحت هيئة قارية واحدة .

سنستعرض في هذا الصدد قصة تأسيس الإتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF)، والبلدان التي اجتمعت على الفكرة للمرة الأولى، ومتى انخرط في الإتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وكيف جاءت مبادرة تنظيم الدورة الأولى لكأس إفريقيا للأمم، ولماذا لم يشارك المغرب في نهائياتها إلى حدود سنة 1972.

المهندس المصري عبد العزيز سالم وفكرة التأسيس.

مع اندلاع ثورة “الضباط الأحرار” سنة 1953 وبداية الحكم الجمهوري في مصر برئاسة محمد نجيب ثم جمال عبد الناصر، وسياسة التوسع والانفتاح على الدول المجاورة والاهتمام بأفريقيا التي قامت بها الدولة المصرية آنذاك، كان المهندس عبد العزيز عبد الله سالم يشغل منصب رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، وكان متحمسا بشدة لفكرة التوسع والانفتاح على دول القارة السمراء، والسير على نهج الدولة المصرية الذي سارت عليه في بداية عصر الجمهورية الجديد..

ومن هنا بدأت فكرة تأسيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم حيث انطلق المهندس عبد العزيز سالم في محاولة نشر الفكرة، وإقناع باقي رؤساء الجامعات في بلدان القارة السمراء بأهمية وجود كيان كبير يضم تحت مظلته الدول الإفريقية التي كانت قد بدأت في تنظيم هياكل هذه الرياضة داخليا. ولقي عبد العزيز سالم الكثير من المعارضين لفكرته في إفريقيا وداخل مصر أيضا في بداية الأمر، ولكن بعد محاولاته المستميتة والمتشبثة بالفكرة، وبمساندة الحكومة المصرية، ودعم مطلق من الاتحاد السوداني ورئيسه الدكتور عبد الحليم محمد واقتناع الاتحاد الإثيوبي بالفكرة، ومن بعده اتحاد جنوب أفريقيا، تم عقد أول اجتماع تنسيقي كان ممهدا لتأسيس هيئة قارية موحدة تحت إسم الإفريقي لكرة القدم.

الأرجنتين أكبر المعارضين

لم تكن مهمة المهندس عبد العزيز سالم ورفاقه الأفارقة سهلة في إقناع أعضاء الاتحاد الدولي لكرة القدم بالاعتراف بالهيأة القارية الجديدة، فقد كانت فكرته تواجه بمعارضة كبيرة من طرف العديد من الدول أعضاء الاتحاد الدولي القدامى وعلي رأسهم الأرجنتين والبرازيل وفرنسا.

وكانت الأرجنتين تحديدا مناهضة وبشكل شرس لمنح إفريقيا وآسيا حق التمثيل في الاتحاد الدولي لكرة القدم بحجة ضعف مستوى كرة القدم في هذه القارات، لكن رغم هذه المعارضة، تم وعد الأفارقة بتمكينهم من تمثيلية لهيأتهم الموحدة في الفيفان خلال المؤتمر اللاحق الذي كان مقررا أن ينعقد بباريس في عام 1953.

البداية الرسمية للتأسيس

في أحد اجتماعات الجمعية العمومية التي نظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا عام 1954 بمدينة برن بسويسرا، وكان بحضور ممثلي الاتحادات الوطنية لكل من مصر والسودان وجنوب إفريقيا وإثيوبيا، استغل ممثلو الإتحادات الأربعة الإجتماع آنذاك في إبراز تطور كرة القدم الأفريقية، و رغبتها في تشكيل هيئة قارية تجمع بلدانها، وهو ما كان تمهيدا لطرح فكرة إنشاء الاتحاد الأفريقي لكرة القدم. وتم الترحيب به هذه المرة من غالبية أعضاء الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا. .

و بعد اجتماعات متوالية للأعضاء المؤسسين، تم تقديم طلب الانضمام للهيئة الدولية، و الاعتراف بالاتحاد الأفريقي لكرة القدم رسميا، واختير المهندس المصري عبدالعزيز ممثلا له، بعد مصادقة أعضاء الجمعية العمومية للفيفا خلال اجتماعهم في مدينة لشبونة البرتغالية في شهر يونيو من عام 1956 على هامش انتخاب رئيس جديد للفيفا خلفا للبلجيكي ويليام الذي توفى في ذلك العام.. وقد عرف ذلك الاجتماع تحرك الإنجليزي أرتو درتورن لكسب أصوات الأفارقة الأعضاء بالفيفا، وهو ما ساعدة على تقلد المنصب وقتها.

الاجتماع الرسمي الأول بالسودان

بعد الإتفاق في لشبونة على عقد أول اجتماع رسمي للاتحاد الإفريقي في السودان، اجتمع بالفعل ممثلي الإتحادات الأربعة في فندق “كران أوطيل” في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك يوم الثامن من شهر فبراير من عام 1957، وفيه بدأ الإعداد الحقيقي لكيان الكاف، عبر وضع نظام أساسي له، و تسطير العديد من القوانين المؤسسة.

وقد شاركت في الاجتماع أربع دول هي مصر، والسودان، وإثيوبيا، وجنوب إفريقيا وأسفر عن انتخاب المصري عبد العزيز عبد الله سالم كأول رئيس للاتحاد الأفريقي لكرة القدم بإجماع ممثلي الاتحادات الأربعة، و السوداني عبد الحليم محمد رئيسا للجنة التنفيذية، وبعضوية الأثيوبي تيسما والجنوب أفريقي وليام فيل وكذلك تولي يوسف محمد مهمة الأمين العام. واختتم بالاتفاق على تنظيم أول دورة مجمعة للمنتخبات الأفريقية تحت إسم (كأس عبد العزيز عبد الله سالم)، وذلك تقديرا للجهود الكبيرة، والمساعي التي بذلها في تأسيس الاتحاد الأفريقي، وهو ما سيعرف لاحقا بكأس أمم إفريقيا.

أول دورة ل”الكان” واستبعاد جنوب إفريقيا

تم استدعاء مندوبي المنتخبات المشاركة ( مصر، السودان،إثيوبيا، جنوب إفريقيا) للإتفاق على نظام البطولة الأساسي، ولكن وسط الاجتماع فوجئ الحضور باعتراض ممثل دولة جنوب أفريقيا على تمثيل بلده في كأس أمم الإفريقية بفريق يمثل كل أطياف الدولة من الشعب، وأنه يريد أن يلعب البطولة بفريق من البيض فقط، حيث كانت جنوب أفريقيا في ذلك الوقت تعتمد سياسة الفصل العنصري، وهي السياسة التي كلفتها الحرمان من المشاركة في المحافل الدولية الأفريقية والعالمية لفترات طويلة لاحقا.

وإزاء إصرار مندوب جنوب أفريقيا على شرطه، وإصراره على موقفة في لعب البطولة بفريق من البيض فقط، كان قرار بقية الأعضاء باستبعاد جنوب أفريقيا من البطولة، وإقامتها بفرق المنتخبات الثلاث المتبقية فقط.

أول لقب إفريقي لمصر

وقد تم اختيار ملعب العاصمة السودانية الخرطوم لإقامة أول بطولة لكأس الأمم الأفريقية.. ونظرا للعدد المحدود لفرق البطولة تقرر أن تقام بنظام خروج المغلوب من مباراة واحدة، فكانت المباراة الافتتاحية في العاشر من فبراير 1957، والمباراة النهائية في السادس عشر من نفس الشهر، والتي جمعت المنتخبين المصري و الإثيوبي بحضور ما يقارب من 30 ألف متفرج وعرفت اكتساح المصريين لخصمهم برباعية نظيفة.

وفي مراسيم التتويج أهدى رئيس الإتحاد الافريقي عبد العزيز عبد الله سالم لعميد المنتخب المصري كأس البطولة المصنوعة من الفضة، والتي أخذت فكرة تصميمها من كأس بطولة الاتحاد الإنجليزي وقتها.. وهو الكأس الذي استطاعت غانا الاحتفاظ به مدى الحياة، بعد الفوز به لثلاث مرات في دورات لاحقة.

الغياب المغربي

كان تأخر الظهور المغربي في نهائيات كأس إفريقيا نتيجة تراكم ظروف متشابكة امتدت من منتصف الخمسينيات إلى بداية السبعينيات؛ فالمغرب الذي تأسست جامعته الكروية سنة 1955 لم يلتحق بالكاف إلا سنة 1959، كما وجد نفسه بين 1958 و1960 تحت عقوبة من الفيفا بسبب مواجهته منتخب جبهة التحرير الجزائرية تضامنا مع مطلب الاستقلال، ثم جاء انسحابه سنة 1962 من مواجهته الحاسمة أمام تونس في التصفيات احتجاجا على منح القارة الإفريقية نصف مقعد فقط في مونديال الشيلي، رغم أنه في العام نفسه خاض مباراة السد ضد إسبانيا وكان يستعد كذلك لاحتضان الألعاب العربية بالدار البيضاء، وهو ما يعكس تعقيد المرحلة أكثر من ضعف رياضي. وبعد ذلك، سقط المنتخب سنة 1963 في التصفيات أمام تونس بمجموع المباراتين، ثم اعتذر سنة 1965 وسط اضطرابات اجتماعية وسياسية حادة، كما غاب سنة 1968 خلال فترة حالة الاستثناء التي عطلت جزءا من النشاط الرياضي الوطني، قبل أن يخسر سنة 1970 بطاقة التأهل أمام الجزائر رغم نجاحه الباهر في التأهل في العام ذاته إلى مونديال المكسيك. ولم تتحقق المشاركة الأولى إلا سنة 1972 في الكاميرون.