story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

في يومها العالمي.. حقوقيون يرسمون صورة قاتمة لواقع الطفولة في المغرب

ص ص

رسم حقوقيون صورة قاتمة لواقع الطفولة في المغرب، وذلك بالتزامن مع إحياء اليوم العالمي للطفل، الذي يصادف ال 20 نونبر من كل سنة، وهو اليوم الذي تم فيه اعتماد اتفاقية حقوق الطفل سنة 1989.

واعتبر عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان أن أوضاع الأطفال بالمغرب، خصوصاً القاصرين المعتقلين على خلفية احتجاجات “جيل Z”، تمثل الدليل الأكثر وضوحاً على الهوة الواسعة بين الالتزامات التي صادق عليها المغرب في مجال حماية الطفولة، وبين واقع الممارسة، “حيث تستمر مظاهر الاعتقال، العنف، الإهمال، وانتشار المخاطر الاجتماعية في التفاقم، في تناقض صارخ مع المواثيق الدولية”.

وفي هذا السياق، اعتبر رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي، أن واقع الطفولة بالمغرب يبعث على القلق الشديد، “وهو واقع تعكسه مؤشرات خطيرة تُبرز فجوة واسعة بين التزامات المغرب الدولية والوطنية في مجال حقوق الطفل وبين مستوى الحماية الفعلية على الأرض”.

وأوضح السدراوي أن وضعية القاصرين بالمغرب، خاصة المعتقلين منهم، باتت مقلقة في ظل استمرار اعتماد العقوبات السالبة للحرية بدل البدائل التربوية، وهو ما يشكل مساسًا بكرامة الطفل ويحدّ من فرص إعادة إدماجه، في تناقض مع مبدأ المصلحة الفضلى للطفل كما تنص عليه اتفاقية حقوق الطفل والتعهدات التي قدمها المغرب أمام الآليات الأممية.

ومن جانب آخر، عبّر المتحدث عن قلق بالغ إزاء الانتشار المتزايد للمخدرات وسط الأطفال والمراهقين، سواء داخل المؤسسات التعليمية أو في الفضاءات العمومية، في ظل غياب تدخلات فعالة للوقاية والحماية، وغياب سياسة وطنية واضحة لمحاربة شبكات الاستدراج والاستهلاك، مؤكدا أن هذه الظاهرة لم تعد حالة معزولة، “بل أصبحت تهدد جيلاً كاملاً بمخاطر صحية ونفسية وانحرافات خطيرة، مخالِفةً لالتزامات المغرب بمقتضى المادة 33 من اتفاقية حقوق الطفل”.

وفي هذا الصدد، أشار رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إلى الغياب شبه التام لمراكز العلاج النفسي والعلاج السوسيو–تربوي وبرامج علاج الإدمان الموجهة للقاصرين، معتبراً أن هذا النقص الصارخ يتعارض مع الحق في الصحة المنصوص عليه في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويمس بشكل مباشر حق الأطفال في الرعاية والدعم النفسي والاجتماعي.

ومن جانب آخر، نبه السدراوي إلى تفاقم ظاهرة أطفال الشوارع الذين يعيشون خارج أية حماية قانونية، ويتعرضون للعنف والاستغلال والإدمان، في ظل غياب برامج وطنية حقيقية للإيواء وإعادة الإدماج، “وهو وضع يتناقض مع الالتزام الدستوري بحماية الطفولة ومع المقتضيات الدولية ذات الصلة”.

كما توقف الفاعل الحقوقي عند الوضع المأساوي لفتيات الجبال والمناطق النائية، اللواتي يعانين من الفقر والهدر المدرسي والزواج المبكر والعمل الشاق، في غياب شبه كامل للبنيات الأساسية والأمان الاجتماعي، مؤكدا أن هذه الوضعية تتعارض مع اتفاقية سيداو ومع التوصيات الأممية المتعلقة بتمدرس الفتيات وضمان حقوقهن الأساسية.

وفي ظل هذا الوضع، دعا السدراوي إلى مجموعة من الإجراءات العاجلة، أبرزها إصلاح شامل للسياسة الجنائية تجاه القاصرين بما ينسجم مع المعايير الدولية للعدالة الإصلاحية، ووضع خطة وطنية مستعجلة لحماية الأطفال والمراهقين من المخدرات تشمل الوقاية والتوعية وتتبع شبكات الاستغلال.

كما شدد المتحدث على ضرورة إحداث مراكز متخصصة للعلاج النفسي والدعم الاجتماعي وعلاج الإدمان الموجه للقاصرين، ووضع برنامج وطني للإيواء وإعادة إدماج أطفال الشوارع وفق مقاربة حقوقية وحماية شمولية، وإطلاق خطة تنموية وحقوقية للمناطق الجبلية والنائية لضمان حقوق فتيات الجبال في التعليم والصحة والأمن الاجتماعي.

وخلص إدريس السدراوي إلى التأكيد على أن مستقبل المغرب مرتبط بقدرته على حماية طفولته، مشدداً على أن التوقيع على المواثيق الدولية “لا يمكن أن يبقى إجراءً شكلياً دون تطبيق فعلي على أرض الواقع”.

من جانبه، سجّل رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عادل تشيكيطو، أن المغرب ما يزال يواجه تحديات عميقة وبنيوية تحول دون ضمان حقوق كاملة للأطفال، رغم الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية المنجزة في السنوات الأخيرة.

وأوضح تشيكيطو أن الهدر المدرسي ما زال يثقل كاهل عدد من الأقاليم القروية وشبه الحضرية، فيما يكشف ضعف البنيات الصحية والخدمات الموجهة للطفل عن اختلالات تؤثر مباشرة على معدلات التلقيح والمتابعة الطبية والتغذية.

وفي المقابل، يؤكد الفاعل الحقوقي أن “المغرب حقق تقدماً لا يمكن إنكاره في عدة جوانب، من خلال توسيع منظومة الحماية الاجتماعية، وتعزيز التغطية الصحية، وتطوير الدعم الاجتماعي المدرسي، إلى جانب الجهود التشريعية الرامية لمحاربة العنف والاستغلال والإهمال”.

غير أن هذا التقدم، وفق تصريحه، يبقى نسبيّاً ومحدوداً ما دامت ظواهر مثل تشغيل الأطفال، والتسرب الدراسي، وارتفاع العنف الأسري والرقمي، ما تزال حاضرة بقوة وتحتاج إلى تدخل أكثر جرأة وفعالية.

ويعتبر المتحدث أن اليوم العالمي للطفولة يشكل محطة لتجديد التأكيد على أن حماية الطفولة ليست مجرد التزام دولي، بل خيار وطني وأخلاقي يتطلب رؤية مندمجة، وتنسيقاً محكماً بين القطاعات الحكومية والهيئات المدنية، مع توفير التمويلات الكافية وآليات دقيقة للتتبع والتقييم.

وفي غضون ذلك، دعا رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى ترسيخ ثقافة حقوق الطفل داخل الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام، مبرزاً أن مبدأ “المصلحة الفضلى للطفل” يجب أن يتحول من شعار مناسباتي إلى أساس حقيقي لسياسات التنمية البشرية وبناء مستقبل الأجيال الصاعدة.