في يومها العالمي.. أكاديمي: القانون أنصف اللغة العربية لكن الواقع يخالفه
يصادف اليوم 18 دجنبر 2025 الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، الذي يأتي في وقت يتجدد فيه النقاش حول موقع “لغة الضاد” داخل المنظومة التربوية المغربية، بين مقتضيات قانونية واضحة وإشكالات حقيقية على مستوى التفعيل والتنزيل.
في هذا السياق، يرى الأكاديمي وكاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي خالد الصمدي، أن المنظومة التربوية المغربية تتوفر على إطار قانوني صريح ينظم وضعية اللغة العربية، خاصة من خلال القانون الإطار 51.17، الذي يحدد اللغات المعتمدة في التعليم العالي، مشيرا إلى أن “هذا القانون ينص على تدريس التعليم العالي بأربع لغات، تشمل العربية، والأمازيغية، إضافة إلى اللغات الأجنبية الأكثر تداولاً، وهي الفرنسية والإنجليزية والإسبانية”.
وشدد الصمدي على أن المقتضى الأكثر تقدماً في القانون الإطار يتمثل في إلزام جميع المسالك التي تُدرّس بلغات أجنبية بإدراج وحدة دراسية كاملة تُلقن باللغة العربية، وهو ما اعتبره المتحدث تحولاً نوعياً، “لأنه يُدخل اللغة العربية لأول مرة كمادة علمية داخل مدارس المهندسين وكليات الطب والتكوينات التي كانت تعتمد حصرياً اللغة الفرنسية”.
وأضاف أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الحالي قام بتفعيل هذا المقتضى القانوني، من خلال إدراج وحدة اللغة العربية ضمن دفاتر الضوابط البيداغوجية لمسالك الإجازة والماستر.
وفي هذا الإطار، أكد الصمدي أهمية هذا التوجه، وذلك في علاقة مع السياق الدولي الذي يتسم بتعدد لغات التعليم العالي والبحث العلمي، حيث لم تعد الأحادية اللغوية مهيمنة، مبرزا أن الاهتمام باللغات الوطنية لا يتعارض مع الانفتاح على اللغات الأجنبية، “بل يشكل معه تكاملاً ضرورياً يخدم مصلحة الطلبة والبحث العلمي”.
وأضاف أن الطالب الجامعي مطالب اليوم بإتقان اللغات الوطنية أولاً، ثم اللغات الأجنبية الأكثر تداولاً، بحكم أن الإنتاج العلمي العالمي، من مجلات ومواقع جامعية، يتم بلغات متعددة، “وهو ما ينسجم مع مقتضيات الدستور التي تدعو إلى انفتاح موزون على اللغات العالمية”.
غير أن المتحدث سجل، بالمقابل، وجود اختلال بنيوي يتمثل في غياب مرسوم الهندسة اللغوية المنصوص عليه في القانون الإطار 51.17، مشيرا إلى أن “هذا المرسوم أُعد خلال الولاية الحكومية السابقة، وأُحيل على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لإبداء الرأي بشأنه”.
وأوضح أن “المجلس الأعلى أكد صراحة أن الهندسة اللغوية المطبقة حالياً في المنظومة التربوية غير مؤطرة بالقانون”، ورغم ذلك، يضيف الصمدي، لم يتم إخراج هذا المرسوم إلى حيز الوجود، رغم مرور ثلاث سنوات على توصل الحكومة الحالية برأي المجلس.
وانطلاقاً من هذا المعطى، دعا الأكاديمي إلى التعجيل بإصدار مرسوم الهندسة اللغوية، باعتباره مدخلاً أساسياً لوضع حد للفوضى اللغوية داخل التعليم، مشددا على ضرورة اعتماد التناوب اللغوي في تدريس المواد العلمية والتقنية، عبر استعمال اللغتين الرسميتين إلى جانب اللغات الأجنبية.
وبالإضافة إلى ذلك، توقف خالد الصمدي عند تعثر إخراج مؤسسات دستورية أساسية تُعنى باللغة، وعلى رأسها أكاديمية اللغة العربية، التي صدر ظهير تأسيسها منذ أكثر من 12 سنة دون أن ترى النور، كما أشار إلى المجلس الأعلى للغات والثقافة المغربية، الذي تم إعداد مرسومه دون تفعيله إلى اليوم.
وفي مقابل هذا التعثر، سجل الخبير ما وصفه بالاكتساح المتزايد للغة الفرنسية داخل الفضاء العام والمدرسة المغربية، سواء في التعليم العمومي أو الخصوصي، وكذلك في التعليم العالي، مؤكدا أن هذا الوضع لا يعود إلى غياب النصوص القانونية، بل إلى ضعف تفعيلها.
وفي غضون ذلك، شدد كاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي على أن الرهان الحقيقي اليوم هو جعل التفعيل شعار المرحلة، حتى لا يستمر التأخر في تنزيل مقتضيات دستور 2011، مضيفا أنه بعد مرور 14 سنة، لا تزال اللغات الوطنية في حاجة إلى حماية فعلية تضمن مكانتها، دون أن تحرم المغاربة من انفتاح متوازن على اللغات الأكثر تداولاً في العالم.