story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

فاعلون ينقسمون حول اختيار “جيل Z” الشارع بدل الأحزاب لتحقيق التغيير

ص ص

تباينت مواقف فاعلين مدنيين وسياسيين بشأن اختيار شباب جيل “Z” الاحتجاج في الشارع للمطالبة بحقوقهم، بدل خوض مسارات التغيير من داخل المؤسسات والأحزاب، ففي الوقت الذي يشكّك فيه البعض في قدرة هذا الجيل على تحقيق تأثير فعلي خارج إطار التنظيم السياسي، يرى آخرون أن العمل الحزبي لم يعد يشكّل خيارًا جذابًا ولا فضاءً قادرًا على استيعاب تطلعاتهم.

وجاء ذلك خلال ندوة نظمتها حركة المواطنون مقهى المواطنة، يوم الجمعة 14 نونبر 2025، تحت عنوان: حراك جيل Z.. لحظة غضب أم بداية لتعاقد اجتماعي جديد؟.

وفي السياق، اعتبرت الفاعلة المدنية هدى سحلي أن أزمة الثقة بين الشباب والأحزاب السياسية بلغت مستويات “غير مسبوقة”، مؤكدة أن شباب جيل “Z” لا يجدون مكانهم داخل التنظيمات السياسية الحالية، لا من الناحية التنظيمية ولا من الناحية الإيديولوجية.

وقالت سحلي إن بنية الأحزاب المغربية ما تزال “جامدة ومرهقة”، ولا تتيح للشباب القادم من تجارب العمل المدني، ممن تمرسوا على الاحتكاك المباشر بالمواطنين ومشاكلهم، أن “يندمجوا أو يحققوا نتائج ملموسة داخلها”، مشيرة إلى أن “العديد من القيادات الحزبية ما تزال تنظر نظرة تشييئية إلى الشباب، سواء كان الحزب محافظاً أو يسارياً”.

وأبرزت أن احتجاجات “جيل Z” لم تنتهِ بعد، حتى وإن خفّ حضورها في الشارع، لأنها مستمرة من حيث تأثيرها السياسي والاجتماعي، معتبرة أنه “لا يمكن القول إن المرحلة طُويت إلا بعد الاطلاع على نتائج الانتخابات المقبلة، ومدى تجاوب الدولة مع المقترحات المعلن عنها في البلاغات الحكومية الأخيرة”.

وأوضحت أن قرار الحركة الشبابية “التوقف المؤقت” هو خطوة لإعادة التفكير وتقييم المرحلة، وليس “انسحاباً نهائياً”، مؤكدة أن “الحركة في جوهرها غير منطفئة”، وأن النقاش ما يزال مفتوحاً حول سبل التعامل مع المقترحات الحكومية الجديدة.

وشددت سحلي على أن الطبيعة الشبابية للاحتجاج ليست جديدة في المغرب، فجميع الحركات الكبرى في تاريخ البلاد قادها شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، معتبرة أن استمرار الاحتجاج يبدو منطقياً ما دامت العوامل المنتجة له لا تزال قائمة.

وأكدت أنها لا تتفق مع توصيف هذه الاحتجاجات بكونها “حالة غضب”، لأن الغضب يكون لحظة عابرة، بينما ما يعيشه المغرب هو “توترات اقتصادية وسياسية متراكمة”، تجعل ظهور موجات جديدة من التعبير الاحتجاجي أمراً طبيعياً ومتوقعاً.

من جانبه، انتقد المحلل السياسي والاقتصادي زكرياء كارتي ضعف انخراط الشباب، خصوصًا جيل “Z”، في العمل السياسي والمؤسساتي، مشيرًا إلى أن المغرب وصل إلى مرحلة “تراجع الإيمان بالمؤسسات” واعتماد المواطنين المتزايد على تدخل الملك حتى في أبسط المطالب، وهو ما يعكس، حسب قوله، “قناعة راسخة لدى المغاربة بمحورية المؤسسة الملكية في حل الأزمات”.

وأوضح كارتي أن لجوء الشباب مباشرة إلى الشارع بدل البحث عن بدائل أخرى داخل المشهد السياسي “خيار مفهوم لكنه غير كافٍ”، معاتبًا شباب “جيل Z” لعدم توجههم إلى الأحزاب والمؤسسات بهدف تغييرها من الداخل.

وقال: “الحقوق تُنتزع ولا تُمنح، وكان بإمكان الشباب الانخراط في الأحزاب، والتدرج داخل هياكلها، والوصول إلى مواقع القرار التي تمكنهم من التأثير الحقيقي”، مشددا على أن “العمل السياسي يتطلب الصبر والتدرج والاشتغال الجاد من أجل إحداث تغيير عميق”، معتبرًا في الوقت ذاته أن “الاقتصار على الاحتجاج” لا يفتح دائمًا أفقًا بديلاً.

وبخصوص توصيف ما يجري في المغرب بـ”لحظة غضب”، اعتبر كارتي أن الواقع أعقد من ذلك، موضحًا أن تعدد موجات الاحتجاج، سواء في بوكماز أو مناطق الأطلس بسبب العطش، أو في أكادير وغيرها، إضافة إلى ما بين 10 و12 ألف احتجاج سنويًا في السنوات الأخيرة، كلها مؤشرات على أن البلاد أمام دينامية اجتماعية مستمرة لا يمكن اختزالها في ردود فعل ظرفية.

وأشار كارتي إلى أنه شخصيًا كان يتوقع حدوث مثل هذه الأحداث، خاصة في ظل التراجع الحاد للقدرة الشرائية خلال السنوات الماضية، ورغم تسجيل تباطؤ نسبي لهذا التراجع مؤخرًا واتخاذ بعض الإجراءات الاجتماعية، إلا أن ذلك، في نظره، “غير كافٍ لاستيعاب حجم الأزمة”.

واعتبر أن “موجات الغضب الأخيرة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بارتفاع منسوب الإحباط الاجتماعي، وباتساع الهوة بين الخطاب السياسي والواقع المعيشي للمواطنين”، مضيفًا أن “العديد من الفاعلين السياسيين ظلوا يروّجون لصورة وردية عن النمو والاستثمار والمؤشرات الاقتصادية، بينما يعيش المواطنون تدهورًا يوميًا في أوضاعهم، ما يزيد من حدة الاحتقان.”