story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

فاجعة “سور العز” تعري واقع النقل السري بالمغرب وتطلق دعوات لإصلاح عاجل

ص ص

أعادت الفواجع المتتالية الناتجة عن حوادث السير، لا سيما تلك المرتبطة بوسائل النقل السري التي تفتقر لشروط السلامة، الجدل إلى واجهة النقاش العمومي حول واقع النقل بالمغرب.

هذه الحوادث، التي تحوّلت من وقائع متفرقة إلى ظاهرة مقلقة، في الآونة الأخيرة، فجّرت من جديد مطالب بإصلاح عميق وعاجل لمنظومة النقل بالمملكة، بعد أن كشفت عن “ثغرات” في الإطار القانوني والمراقبة الميدانية والتدبير المؤسساتي.

وكان آخر هذه الكوارث ما وقع يوم الأحد 8 يونيو 2025، بجماعة سور العز بإقليم قلعة السراغنة، حيث أسفر انقلاب دراجة ثلاثية العجلات “تريبورتور” عن مقتل 7 أشخاص، وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، في مشهد مأساوي هز الرأي العام الوطني.

وتأتي هذه الفاجعة بعد أقل من أسبوعين على حادثة مشابهة شهدتها جماعة سبت الكردان بإقليم تارودانت، يوم 26 ماي المنصرم، وأودت بحياة أربع نساء، إضافة إلى عدد من المصابين.

وتعليقا على الموضوع، طالب رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عادل تشيكيطو، بضرورة التعاطي الجاد مع الفواجع المتكررة الناتجة عن حوادث السير، خاصة تلك المرتبطة بوسائل النقل السري أو العربات غير المستوفية لشروط السلامة، مشدداً على أن هذه الحوادث لم تعد مجرد وقائع معزولة، بل أضحت مؤشراً على خلل هيكلي في المنظومة القانونية والتنظيمية.

وأوضح تشيكيطو، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الحكومة تتحمل مسؤولية مباشرة في حماية الحق في الحياة وسلامة المواطنين، وفقًا لما ينص عليه الدستور المغربي في الفصلين 20 و21، داعياً إلى تفعيل صارم لمقتضيات مدونة السير والمرسوم المنظم لسلامة النقل، إلى جانب تحديث التشريعات المتعلقة بمراقبة العربات والنقل غير النظامي.

وأشار الحقوقي إلى أن استمرار سقوط ضحايا بسبب عربات تشتغل خارج إطار القانون، أو تسير في ظروف غير آمنة، يُعد خرقًا واضحًا للحق في الأمان الجسدي وحرية التنقل، مؤكداً أن هذا الوضع يتطلب تحركاً عاجلاً من طرف الدولة، بصفتها الجهة الضامنة للحقوق والحريات.

كما دعا تشيكيطو إلى إصلاح جذري يشمل تطوير البنية التحتية، وفرض احترام القوانين، وفتح نقاش عمومي واسع حول العدالة المجالية في النقل، لا سيما في المناطق القروية والمهمشة، “حيث يُضطر المواطنون إلى استعمال وسائل نقل غير آمنة بسبب غياب بدائل كافية”.

وفي هذا السياق، شدد المتحدث على أن مسؤولية السلطات المحلية والإقليمية لا تقل أهمية، معتبراً أن “تقاعس هذه الجهات عن تنظيم قطاع النقل، وتراخيها في تتبع العربات المرخصة أو محاربة النقل السري”، يُشكل تقصيراً إدارياً خطيراً، يساهم بشكل غير مباشر في تعريض حياة المواطنين للخطر.

وأكد رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أن تكرار هذه الحوادث يفرض مقاربة شمولية، تُزاوج بين الإصلاح التشريعي، وتكثيف المراقبة والزجر، إلى جانب استحضار البعد الاجتماعي في السياسات العمومية، خاصة ما يتعلق بواقع الفقر والهشاشة الذي يدفع شريحة واسعة من المواطنين إلى التنقل في ظروف تهدد سلامتهم.

وخلص المصدر إلى أن هذا الملف “يُعد اختبارًا حقيقيًا لمصداقية السياسات العمومية في مجال النقل، ولمدى التزام الدولة بحماية الحقوق الأساسية وعلى رأسها الحق في الحياة”.

ومن جهته، اعتبر إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن “استعمال ‘التريبورتور’ في نقل الأشخاص يُشكل خطراً جسيماً على حياة المواطنين، وخاصة الفئات الهشة من نساء وأطفال وعمال، في ظل غياب شروط السلامة والمراقبة الجادة”.

وأكد السدراوي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن “’التريبورتور’ تحوّل إلى وسيلة نقل عشوائية وغير قانونية، تُستعمل بشكل متزايد رغم خطورتها، مما يجعله بمثابة ‘تابوت متحرك’ يهدد الأرواح يوميًا، في غياب واضح للمراقبة وتطبيق القانون”.

وأوضح رئيس الرابطة أن “الانتشار الواسع لهذه الوسيلة، خاصة في القرى وضواحي المدن، يُفاقم أزمة النقل، ويكرّس الفوضى بسبب غياب بدائل نقل آمنة ومحترمة، إلى جانب غياب الصرامة في مراقبة مستعملي هذه الوسائل ومعاقبة المخالفين”.

واعتبر الفاعل الحقوقي أن “الاستمرار في التغاضي عن هذه الظاهرة يعكس فشلاً واضحًا في تدبير قطاع النقل، ويكرس سياسة ‘السكوت مقابل الاستعمال’، بما يناقض الحق في الحياة والسلامة الذي يكفله الدستور والاتفاقيات الدولية”.

وطالب المتحدث بـ “ضرورة المنع التام والقانوني لاستعمال ‘التريبورتور’ في نقل الأشخاص، مع فرض غرامات صارمة على المخالفين، وتفعيل دور رجال الأمن والدرك في المراقبة اليومية، بالإضافة إلى إطلاق بدائل نقل مهيكلة تحترم كرامة المواطن”.

وفي هذا الجانب، دعا السدراوي إلى “إشراك فعاليات المجتمع المدني في حملات تحسيسية بخطورة النقل غير القانوني، وإلى التعجيل بتنظيم قطاع النقل غير المهيكل، بما يضمن حماية الأرواح وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية في التنقل”.