“غياب التنسيق وصعوبة الوصول للمعلومات”.. خبراء يناقشون تعزيز الترافع البيئي بالمغرب

نظم المعهد المغربي لتحليل السياسات، يوم الجمعة 04 يوليوز 2025، ندوة رقمية بعنوان “من العمل المحلي إلى التأثير في السياسات: مقاربات الترافع البيئي في المغرب”، والتي خصصت لنقاش سبل تعزيز الترافع البيئي بالمملكة بمشاركة خبراء، نشطاء جمعويين، وباحثين أكاديميين.
وفي هذا السياق، قال امرؤ القيس طلحة جبريل، المؤلف والباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات إن من أبرز التحديات التي تواجه الترافع البيئي في المغرب هو طابعه المحلي المحدود وليس الوطني، موضحا أن أغلب المبادرات تظل محصورة في النطاق الجغرافي الذي انطلقت منه، ولا تنجح في التأثير على السياسات العمومية ذات البعد الوطني، وهو ما يُحدث فجوة بين الفاعلين المحليين الذين يعيشون المشاكل البيئية يومياً، وبين صناع القرار الذين يبلورون السياسات العمومية على المستوى المركزي.
وأوضح طلحة جبريل أن البحث الذي استند إليه تقرير المعهد حول الترافع البيئي، أظهر أن غياب المعلومة البيئية يشكل عائقاً هيكلياً أمام الترافع المبني على أسس علمية، “بحيث أن عدداً من الباحثين والمناضلين البيئيين اشتكوا من صعوبة الولوج إلى البيانات، رغم وجود قانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات”، مضيفا أن غياب النشر الاستباقي يعطل إمكانيات التأثير ويضعف مصداقية الترافع البيئي أمام المؤسسات.
كما أشار إلى أن الجمعيات البيئية لا تستثمر بما فيه الكفاية المعطيات الإحصائية في ترافعاتها، إذ بينت الأرقام أن ما بين 80 و90 في المائة من الجمعيات تعتمد في تحركاتها على الشكاوى والانطباعات بدل الترافع المبني على الأدلة والأرقام، معتبرا أن هذا النقص في الاستناد إلى المعطى العلمي يُضعف تأثير المجتمع المدني على القرارات البيئية.
ونبّه إلى وجود تقاطع كبير في المهام المؤسساتية داخل المجال البيئي، بحيث تنفذ العديد من المؤسسات سياسات متعددة لكنها غالبًا ما تكون منفصلة وغير منسقة مع بعضها البعض، بل وحتى مع مؤسسات أخرى معنية، مما يؤدي إلى تشتت الجهود وتقليل فعالية هذه السياسات.
وأردف أنه تبين أيضا أن الشباب والنساء يُعتبرون فاعلين محوريين في الدينامية البيئية المحلية، غير أنه لفت إلى أن حضورهم القوي في الترافع لا يُترجم إلى مشاركة مؤسساتية حقيقية، خاصة في ورشات التشاور وصياغة السياسات كما هو الحال بالنسبة للرجال.
كما ركّز على ضعف استدامة الترافع البيئي بسبب الاعتماد المفرط على التمويل الخارجي، إذ أشار إلى أن 75% من الجمعيات، المشاركة في استبيان حول الترافع البيئي، ترى في هذا التمويل مصدرًا أساسيًا لأنشطتها، ما يطرح تساؤلات حول كيفية ضمان الاستمرارية والفاعلية بعيدًا عن الدعم الدولي، داعيا إلى بناء نماذج تمويل محلية تعزز استقلالية العمل البيئي بالمغرب.
ومن جانبه سلط محمد الديش، رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل، الضوء على توجه الائتلاف الذي يركز على رد الاعتبار إلى كل من المناطق الجبلية والواحية والحدودية، نظرا لكون هذه المناطق الثلاث تعيش “الغبن الكبير” بسبب ما تتعرض له من “ظلم سياسي وظلم تنموي”.
وأضاف الديش في مداخلته أن مبرر وجود الائتلاف هو جمع المناضلين والمناضلات في هذه المناطق، مضيفا أن الائتلاف عمل على إيصال رسالة إلى المسؤولين مفادها أن “رفع قضية العدالة المجالية إلى مستوى النقاش العمومي ليس ترفا بل هو في صلب المصلحة الوطنية”.
في هذا السياق، أكد المتحدث أن الهاجس الأساسي كان هو تحسين شروط عيش ساكنة المناطق الجبلية، مضيفا أن الائتلاف عمل أيضا في البداية على إقرار وإبراز الفوارق المجالية، وكذا الاعتراف بالمناطق الجبلية باعتبار أن التصنيف الكلاسيكي للحضري والقروي لا يشملها، إذ أوضح أن المناطق الجبلية تتميز بخصائص جغرافية أخرى.
وأكد أن المجالات الجبلية “لا صوت لها”، حيث أنه حتى السياسيين المنحدرين من هذه المناطق لا يترافعون عن هموم الساكنة، مسلطا الضوء على عدد من المشاكل التي لا تزال تعاني منها هذه المناطق على رأسها الخصاص في الخدمات الأساسية كالتطبيب والتدريس والتشغيل، بالإضافة إلى التدهور في الموارد الطبيعية كالماء والتربة.
وخلص الديش إلى الحديث عن ثنائية تميز هذه المناطق وهي الفقر في ظل الغنى، موضحا أنه على الرغم من غناها بعدد من الثروات الطبيعية إلا أنها تم “تفقيرها نتيجة السياسات والاختيارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تضعها الدولة والحكومات المتعاقبة”.