علماء درة وقادة عسكريون إيرانيون.. هؤلاء أبرز من قتلتهم إسرائيل

“لماذا أخاف؟ لقد كبرنا في العمر وسلمنا الأمر للشباب”. هكذا كانت إجابة عالم الفيزياء النووي الإيراني فريدون عباسي، عندما سأله صحافي عن شعوره على خلفية ورود اسمه ضمن قائمة الاغتيالات.
وقضى عباسي نحبه، فجر يوم الجمعة 13 يونيو 2025، إلى جانب عدد من كبار علماء الدرة والقادة العسكريين الإيرانيين، على إثر الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مواقع سكنية وعسكرية ونووية في إيران.
ومن أبرز هؤلاء الشخصيات الذين أعلنت طهران عن مقتلهم في الهجوم الإسرائيلي، إلى جانب عباسي، العالم النووي محمد مهدي طهرانجي، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس هيئة أركان القوات المسلحة محمد حسين باقري، وآخرين مثل اللواء غلام علي رشيد، وأستاذ الهندسة النووية أحمد رضا ذو الفقاري.
عباسي.. عالم وسياسي وعسكري
فريدون عباسي دوائي، هو أحد أبرز العلماء النوويين في بلاده ومهندس وأستاذ جامعي برتبة عميد في الحرس الثوري الإيراني، حاز على دكتوراه في الفيزياء النووية من جامعة “الشهيد بهشتي”، كما كان له دور مهم في برنامج تخصيب اليورانيوم.
وبدأ عباسي، الذي ولد في شتنبر 1958 بمدينة عابادان، نشاطه العسكري عام 1978 داخل الحرس الثوري الإيراني. كما تولى منصب نائب مدينة كازرون في البرلمان الإيراني في الدورة الـ11، ومنصب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بين عامي 2010 و2014، فضلاً عن توليه منصب مدير تنفيذي رفيع المستوى ومهندس نووي وقيادي في الحرس الثوري.
هذا وتم تعيين عباسي نائباً لرئيس الجمهورية في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، قبل توليه رئاسة منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، هذا إلى جانب عمله أستاذاً جامعياً في كل من جامعة شيراز وجامعة فردوسي في مشهد، والجامعة الصناعية أمير كبير، وكان يعرف بأنه أحد أبرز العلماء النوويين في بلاده.
وتعرض دوائي لأكثر من محاولة اغتيال إسرائيلية، واحدة منها عام 2010 إلى جانب العالم مجيد شهرياري، أصيب على إثرها بإعاقة مع زوجته، وقبل اغتياله شغل منصب رئيس قسم الفيزياء في جامعة الإمام الحسين.
طهرانجي.. قائد ميدان العلم والثقافة
محمد مهدي طهرانجي، يعتبر كذلك أحد أبرز النووين الإيرانيين ومن القيادات الأكاديمية الهامة في المؤسسات الإيرانية، حيث تولى منصب نائب رئيس جامعة الشهيد بهشتي ورئيسها في الفترة بين 2012 و2016.
ولد طهرانجي في طهران عام 1965، وحصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الفيزياء من جامعة “الشهيد بهشتي”، ثم نال الدكتوراه من معهد الفيزياء والتكنولوجيا في موسكو، وتابع برنامجاً بحثياً في المركز الدولي للفيزياء النظرية في إيطاليا.
عمل مساعداً للتخطيط والشؤون التنفيذية في كلية العلوم بجامعة الشهيد بهشتي في طهران بين عامي 1998 و1999، كما شغل منصب رئيس قسم الفيزياء في جامعة بيام نور في الفترة نفسها.
وأسهم في تأسيس عدد من الهيئات العلمية بجامعة شهيد بهشتي، بين عامي 1999 و2007، منها معهد أبحاث الليزر وكلية التقنيات الحديثة. كما أصبح عضواً في مجلس إدارة الجمعية الإيرانية للبصريات والفوتونيك -علم وتكنولوجيا توليد الضوء والتحكم به- بين عامي 2009 و2013.
هذا وتولى في 2010 رئاسة اللجنة التخصصية للعلوم الأساسية في المجلس الأعلى للعلوم والبحث والتكنولوجيا في إيران، قبل تعيينه أستاذاً في كلية الفيزياء بجامعة “الشهيد بهشتي” ثم عضواً في مجلس أمناء جامعة آزاد عام 2018 ليترأسها في العام التالي. وذلك فضلاً عن تعيينه مشرفاً على فرع جامعة آزاد الإسلامية في محافظة طهران.
وتخصص طهرانجي في علم المادة المكثفة والنانوفيزياء والموصلية الفائقة ذات درجات الحرارة العالية والحوسبة الكمية، وتلقبه الصحافة الإيرانية بـ”سردار ميدان العلم والثقافة” و”مجاهد سبيل العلم والحقيقة”.
لطهرانجي عدد من المؤلفات أبرزها “بحث حول الوضع الراهن وتصميم الوضع المنشود”، و”مقدمة في المواد المغناطيسية”، كما له 8 اختراعات وأكثر من 150 مقالة محكمة منشورة في مجلات ودوريات دولية.
عين طهرانجي عضواً في المجلس الأعلى للثورة الثقافية، كما حاز على وسام الدرجة الأولى في العلوم. وأدرجته وزارة الخارجية الأمريكية عام 2020 في قائمة عقوباتها لدوره في تصنيع النووي الإيراني.
سلامي.. القائد العام للحرس الثوري
حسين سلامي، هو ضابط عسكري إيراني، ولد عام 1960 بضواحي مدينة كلبايكان في محافظة أصفهان. درس الهندسة الميكانيكية في العاصمة الإيرانية، وانضم إلى الحرس الثوري عقب اندلاع الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، وتولى أثناءها قيادة عدد من الفرق والمقرات الجوية والبحرية في جبهتي الغرب والجنوب.
أسس سلامي عام 1992 جامعة القيادة والأركان تحت عنوان “دورة دافوس” بالعاصمة طهران لتأهيل كوادر عسكرية متخصصة، وترأسها بين عامي 1992 و1996، قبل أن يتقلد منصب نائب رئيس عمليات هيئة الأركان المشتركة للحرس الثوري حتى عام 2005.
كما تقلد قيادة القوة الجوية التابعة للحرس الثوري حتى 2009، إلى أن أصبح نائباً للقائد العام للحرس الثوري حتى 2019، إلى جانب عضويته في اللجنة التدريسية بجامعة “الدفاع الوطني”، وتوليه منصب مساعد مدير التنسيق بالحرس الثوري بالنيابة في الفترة من يوليوز حتى شتنبر 2018.
عينه المرشد الأعلى علي خامنئي عام 2019 قائداً عاماً للحرس الثوري بعد منحه رتبة لواء، وأصبح ثامن مسؤول يتولى قيادة المؤسسة العسكرية الموازية للجيش الإيراني.
وفي العام ذاته، كان الجنرال حسين سلامي على رأس كبار القادة العسكريين في الحرس الثوري الإيراني الذين فرضت عليهم الإدارة الأميركية عقوباتها.
باقري.. رئيس هيئة الأركان
محمد حسين باقري، هو قائد عسكري إيراني وُلد عام 1958، ويعد أحد أبرز العسكريين المشاركين في الحرب العراقية الإيرانية. انخرط في صفوف الحرس الثوري الإيراني عام 1980 بعد اضطراره إلى مغادرة دراسته في الهندسة الميكانيكية بجامعة البوليتكنيك، عقب إغلاقها في سياق “الثورة الثقافية”.
حصل باقري على درجة الدكتوراه في الجغرافيا السياسية من جامعة “تربية مدرس”، كما عمل أستاذاً جامعياً في الجامعة العليا للدفاع الوطني. اكتسب خبرة واسعة في المجالات العسكرية والأمنية والاستخباراتية، إذ شغل أثناء الحرب العراقية الإيرانية مناصب ميدانية. كما كان له دور بعد اندلاع التمرد العسكري الكردي شمال غرب البلاد عقب قيام الثورة الإسلامية عام 1979.
وتولى باقري مسؤوليات استخباراتية أثناء عمليات الحرس الثوري في التسعينيات من القرن العشرين ضد قواعد الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وحزب كوملة الكردي، الواقعة على الجبال بين إيران والعراق.
وشغل مناصب قيادية متعددة، منها رئاسة استخبارات وعمليات القوات البرية، ورئاسة استخبارات مقري “كربلاء” و”خاتم الأنبياء” الذراع الهندسية للحرس الثوري.
تمت ترقيته إلى رتبة لواء عام 2008، وتولى منصب نائب رئيس قسم الاستخبارات والعمليات في هيئة الأركان العامة في الفترة بين 2002 و2014، وذلك قبل تعيينه من طرف خامنئي عام 2016 رئيساً لهيئة أركان القوات المسلحة خلفاً للواء حسن فيروز آبادي.
تعرض محمد باقري بدوره لسلسلة من العقوبات الدولية، منذ 2019، حين فرضت عليه وزارة الخزانة الأميركية عقوبات بتهمة التورط في هجمات في لبنان والأرجنتين.
وأعقبتها عقوبات كندية في 2022 بتهمة انتهاكات حقوق الإنسان، شملت تجميد أصوله ومنعه من دخول كندا. وفي الشهر ذاته، أدرجه الاتحاد الأوروبي على قائمة العقوبات لدوره في تزويد روسيا بطائرات مسيرة استخدمت في الحرب على أوكرانيا، بينما أدرجته سويسرا على القائمة ذاتها في نونبر 2022 لدعمه الحرب الروسية على أوكرانيا.
“استئناف المهام فورا”
وأعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي ووسائل إعلام إيرانية مقتل عدد من القادة العسكريين والعلماء في الهجوم الذي نفذته إسرائيل على مواقع عدة في إيران فجر يوم الجمعة 13 يونيو 2025، مؤكداً أن “خلفاءهم وزملاءهم سيستأنفون مهامهم فوراً”.
وتوعد خامنئي إسرائيل بعقاب شديد قائلاً: “أعد الكيان الصهيوني لنفسه بهذه الجريمة مصيراً مريراً ومؤلماً وسوف يناله لا محالة”.
ومن جهته، قال المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية إن الولايات المتحدة وإسرائيل ستدفعان الثمن، متوعداً برد قاس على الاعتداءات الإسرائيلية. في حين قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الولايات المتحدة الحليفة لإسرائيل “مسؤولة عن تبعات” الضربات التي شُنت قبل ساعات”.
وأضافت أن “الخطوات العدائية للكيان الصهيوني لا يمكن أن تكون قد نفذت من دون تنسيق وإذن الولايات المتحدة”، مشيرة إلى أن واشنطن “مسؤولة عن التأثير الخطر وتداعيات مغامرات الكيان الصهيوني”.