ضيوف “من الرباط”: ما يُحرج الدولة أن يتجه الاحتجاج نحو تازة قبل غزة

قال الصحافي مصطفى ابن الرضي إن “ما يحرج الدولة في الاحتجاجات الأخيرة هو أنها كانت نحو تازة قبل غزة”، معتبراً أن “هذا المعطى يفسر الرد الأمني العنيف الذي واجهت به السلطات احتجاجات جيل “زد” منذ السبت الماضي”.
وأوضح ابن الرضي، خلال استضافته في برنامج “من الرباط” الذي تبثه صحيفة “صوت المغرب”، أن “الجواب الأمني كان هو الرد الجاهز لدى الدولة في الأيام الأولى من الاحتجاجات، في غياب أي استعداد سياسي للتفاعل”، مبرزا أن “المنطق الأمني يقوم على الاحتراز والاستباق، ويُبنى على المنع أكثر من التفاوض، لأن التفاوض ليس من مهامه في الأصل”.
وفي السياق نفسه، اعتبر الحقوقي خالد البكاري خلال الحلقة ذاتها أن “عنف الدولة في مواجهة الاحتجاجات يظهر عادة عندما تلامس قضايا السلطة والثروة، بينما تكون أكثر تساهلا حين يتعلق الأمر بالأمور الأخرى، مثل القضية الفلسطينية”، فهذه الأخيرة، حسب قوله، “لا تشكل تهديدا حقيقيا للدولة، لأنها لا تتعلق لا بتوزيع الثروة ولا بمسألة الحكم”.
وأوضح البكاري أن “شعارات المحتجين ضد التطبيع، رغم حدتها الظاهرية، قد تخدم الدولة في بعض الحالات، إذ تمنحها أوراق تفاوضية لتخفيف الضغوط الخارجية، كما تمنحها مصداقية حقوقية عبر إظهار احترامها لحرية التظاهر، بل وتلمع صورتها لدى بعض الدول خاصة الجزائر”.
وفي هذا الصدد، اعتبر البكاري أن “السلطة تستفيد أكثر مما تخسر من مثل هذه الاحتجاجات، خاصة أنها تعرف هوية المشاركين وسقف مطالبهم، الذي غالباً ما يكون منخفضاً ومقبولاً بالنسبة إليها”، ملفتا إلى أنه “بمجرد تجاوز هذا السقف، يبدأ القمع”.
من جانبه، عاد ابن الرضي ليؤكد أن “غياب الجواب السياسي في البداية جعل الدولة تختار وقف الاحتجاجات أولاً، ثم محاولة فهمها وتجهيز رد سياسي لاحق”، وأضاف أن “دعوة الحكومة للحوار اليوم تمثل بداية جواب سياسي متأخر”، بعد مرحلة من الاعتقالات المكثفة التي هدفت، حسب تقديره، إلى “التعرف على المشاركين ومعرفة ما إذا كانوا ينتمون إلى تيارات سياسية أو لديهم سوابق”.
وأوضح في هذا الإطار أن “الأجهزة الأمنية سعت، من خلال تحرير محاضر رسمية وغير رسمية ومقاطعة المعطيات المجمعة مع قواعد بياناتها، إلى تحديد طبيعة المشاركين ومدى ارتباطهم بأي توجهات سياسية”، حيث “قامت، استناداً إلى هذه المعطيات، على بلورة الجواب السياسي الذي لم يكن جاهزاً في البداية”.
وفي سياق متصل، اعتبر ابن الرضي، أن الدولة تعتبر هذه الاحتجاجات أزمة حكومية وليست أزمة حكم، وتسعى إلى أن تبقى كذلك، وأن الحل يجب أن يكون على هذا المستوى ما لم يطرأ طارئ ينقل الملف إلى مستوى أعلى.
وفسر ذلك بأن الملك، خلال هذا الأسبوع، واصل ممارسة أنشطته الاعتيادية من تدشين مشاريع وإحياء احتفالات دينية، حيث حاول بذلك إشاعة رسالة مفادها أن الدولة آمنة ومستقرة، وأن الملك يواصل أداء مهامه الدستورية بشكل طبيعي، والحكومة تقوم بدورها من خلال رئاسة الأغلبية والمجلس الحكومي.
وأشار إلى أنه في حال ظهور معطيات جديدة، مثل عجز الحكومة عن السيطرة على الاحتجاجات أو إضافة سياقات إقليمية قريبة من الحدود قد يكون لها ارتدادات، فإن المستوى السياسي للملف قد يرتفع آنذاك، وسيتطلب تدخل الملك.
لمشاهدة الحلقة، يرجى الضغط على الرابط