story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

ضيوف من الرباط: القرار الأممي حول الصحراء فرصة تأسيسية لتعزيز الديمقراطية

ص ص

اكتسبت حلقات هذا الأسبوع من برنامج “من الرباط“، الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، أهمية خاصة، لتزامنها مع قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي دعم مبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربية، وسط نقاشات إقليمية ودولية مستمرة حول الصحراء المغربية.

وقد خصص البرنامج إحدى حلقاته لاستعراض هذا التحول التاريخي في إدارة النزاع الإقليمي، وتأثيره على المشهد السياسي والاقتصادي في المغرب، عبر استضافة الخبير في ملف الصحراء عبد المجيد بلغزال، والأستاذ الجامعي خالد البكاري، والإعلامي عبد الله الترابي، لمناقشة تفاصيل هذا التحول ومبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب منذ 2007، وأهمية انتقالها من مجرد ورقة سياسية إلى مشروع مؤسسي واقعي.

لحظة تأسيسية جديدة

في هذا الصدد، قال عبد المجيد بلغزال، الخبير في ملف الصحراء: “نحن أمام لحظة تأسيسية جديدة لاستعادة حلم جماعي: حلم المغرب الكبير، في إطار ديمقراطي وتنموي”. واعتبر أن فرح المغاربة بالقرار مشروع ومفهوم، “لأنه فرح بطي صفحة من المعاناة، وبداية مرحلة جديدة من البناء”.

وشدد بلغزال على أن الحكم الذاتي لا ينبغي أن يكون مجرد عنوان سياسي، “بل نظام مؤسس على دولة الحق والقانون، وضمانات حقيقية للمواطنة والحكامة”.

وأشار إلى أن الملف يُدار في إطار الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يقوم على ما يسمى بـ”القواعد المفتوحة”، موضحا أن هذه القواعد تقتضي أن يُترك لكل طرف هامش ليجد نفسه داخل العملية، أو على الأقل يجد تفسيرا يبعث في نفسه نوعا من الاطمئنان.

في هذه النقطة بالذات، يرى بلغزال أن الأمين العام للأمم المتحدة كان شجاعا. وقال: “يجب أن نعترف له بذلك، لأنه قدّم تقريرا واقعيا ومسؤولا”، مستلهما من الاعتراف الدولي المتنامي بمقترح الحكم الذاتي كحل سياسي واقعي.

فرصة لتعزيز الديمقراطية

من جانبه، عبر الأستاذ الجامعي والحقوقي خالد البكاري عن انطباعه، قائلا: “أنا من الذين يحلمون ببلد ديمقراطي يعيش فيه المواطنون بكرامة وعدالة اجتماعية”، مشيراً إلى أن نزاع الصحراء كان يشكل دائما عائقا كبيرا أمام مسار الديمقراطية والتنمية، لأنه استنزف موارد الدولة. كما أن هذا النزاع “خلق بيئة ملائمة لنشوء ظواهر سلبية مثل الريع وشراء الولاءات، وأطال أمد بعض البنى غير الديمقراطية”.

وأشار البكاري إلى أنه عندما طرح المغرب سنة 2007 مقترح الحكم الذاتي، كان قد تساءل حول مدى جدية هذا المقترح، لأن تطبيقه بجدية يضيف المتحدث “يعني تحولا عميقا في فلسفة الدولة وتدبيرها للسلطة والمجال”.

ويرى اليوم بعد التطورات الأخيرة وصدور قرار مجلس الأمن أن هناك مسارا جادا وحقيقيا، “وليس مجرد مناورة”، كما وصفها. وقال: “صحيح أن له كلفة، لكنها أقل من كلفة الجمود”، كما أنه يفتح أفقا جديدا ليس فقط لحل النزاع، “بل لبناء ديمقراطية وعدالة اجتماعية وتكامل مغاربي”.

وشدد المتحدث ذاته على أنه من المهم التذكير بأن طرح المغرب لمبادرة الحكم الذاتي سنة 2007 “جاء في ظرف اتسم بتعطل المفاوضات وباستحالة خيار الاستفتاء عمليّا آنذاك”، لذلك كان الاقتراح المغربي بمثابة مبادرة جديدة لإخراج الملف من حالة الجمود، والسماح لسكان الأقاليم الصحراوية بإدارة شؤونهم المحلية والعودة إلى طاولة التفاوض.

واعتبر أن الانتقال إلى نموذج حكم ذاتي فعال سيستلزم بالطبع جهدا كبيرا في الابتكار السياسي، “وقد يصطدم ذلك بتصورات مغربية تقليدية لطريقة تدبير الأمور، لكنه في المقابل قد يوفر فرصة حقيقية لتعزيز الديمقراطية والعدالة المجالية”، بحسب البكاري.

تحول سياسي

بدوره، قال الكاتب والإعلامي عبد الله الترابي إنه عند استحضار خمسين سنة من التضحيات والآلام، ودماء سالت، واستنزاف اقتصادي وبشري كبير، “يبدو أنه من الطبيعي أن نشعر بالفرح ونحن نقترب من طي هذه الصفحة”.

وأضاف الترابي أنه مهما كانت المؤاخذات على الدولة في مجالات التعليم أو الصحة أو الاقتصاد، “فإننا نجدها في اللحظات المصيرية حاضرة بعقل وهدوء ومسؤولية”، مؤكدا أنه في مثل هذه القضايا الوطنية الكبرى، “تظهر الدولة المغربية انسجاما وحكمة في إدارة المواقف”، مذكرا في الآن ذاته، بالخطاب الذي ألقاه الملك بعد صدور القرار، “كان نموذجا في الاتزان والعقلانية”.

وبخصوص النقاش حول حق تقرير المصير، يوضح الترابي أنه لا يعني بالضرورة الانفصال، مشيرا إلى أنه حتى الانضمام إلى دولة أخرى دون حكم ذاتي يعد شكلا من أشكال تقرير المصير.

وعدد صيغاً كثيرة لتقرير المصير، من بينها الاستقلال عن طريق استفتاء يجيب الناس فيه عمّا إذا كانوا يريدون البقاء ضمن إطار الدولة الحالية أم الانتقال إلى إطار آخر. ومن بين هذه الصيغ، يضيف المتحدث “حكم ذاتي يتيح للسكان إدارة شؤونهم المحلية والداخلية بأنفسهم، وفيه مجال واسع للإبداع والابتكار”.

وأشار إلى أن اقتراح الحكم الذاتي كان بمثابة مبادرة عملية تسمح للسكان المقيمين في الإقليم بإدارة شؤونهم المحلية، وتسهم في إدخالهم مجددا في المسار التفاوضي، مبرزا أن المقترح المغربي يتضمن آليات للانتقال، لكن الأهم بحسب الترابي هو أن “هناك تجارب ناجحة لحكم ذاتي داخل دول ذات سيادة يمكن الاستفادة منها”.

وأكد لى أن الانتقال إلى نموذج حكم ذاتي فعال سيتطلب جهدا كبيرا في الابتكار والخيال السياسي، لكن في المقابل “قد تكون هذه فرصة كبرى لتدعيم المسار الديمقراطي ومساهمة الجهات في تحمل مسؤوليات أوسع”.

وشدد على أن الحكم الذاتي “ليس مجرد صيغة إدارية، بل تحوّل ممكن في فلسفة التسيير والسلطة، ويستدعي استعدادات وتمهيدا سياسيا وإعلاميا ومؤسسيا حتى ينجح وينتج توزيعا عادلا للسلطة والموارد”.

لمشاهدة الحلقة كاملة، يرجى الضغط على الرابط