ضيوف “من الرباط “: اتفاق شرم الشيخ لا يخدم الفلسطينيين و يمنح إسرائيل فرصة جديدة

أجمع ضيوف برنامج “من الرباط”، الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، على أن اتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب على غزة لا يمثل انتصارا للفلسطينيين بقدر ما يشكل محاولة أمريكية لإنقاذ إسرائيل من الانهيار الداخلي، معتبرين أن هذا الاتفاق يفتقر لأي مضمون حقيقي يتعلق بجوهر القضية الفلسطينية.
وأكد المتحدثون أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الطرف الفعلي الذي أدار ووقّع الاتفاق، وليس إسرائيل أو حركة حماس، وأن الخطاب المعلن يخفي خلفه مصالح استراتيجية أمريكية، تتجاوز البعد الإنساني الذي يسوق له إعلاميا.
كما توقف الضيوف عند موقف المغرب من هذا التطور، معتبرين أن غيابه عن التوقيع خطوة “ذكية” و”حذرة”، تعكس “رغبة الرباط في عدم الانخراط في ترتيبات غامضة قد تشعل المنطقة من جديد”.
في هذا السياق، أكد مصطفى كرين، رئيس مركز دراسات آسيا الشرق، أن اتفاق شرم الشيخ “جاء لإنقاذ إسرائيل قبل أن تنفجر من الداخل”، مشيرا إلى أن “الولايات المتحدة الأمريكية أدركت أن إسرائيل وصلت إلى مرحلة من الإنهاك والإرهاق، وأن استمرار الحرب كان سيهدد تماسكها الداخلي”.
وأضاف كرين أن “الاحتفاظ بإسرائيل اليوم مشكل، وتفكيكها مشكل أيضا، ولذلك اختارت واشنطن التدخل في الوقت الحاسم لتمنحها فرصة لتستجمع قواها من جديد”.
وأوضح أن الاتفاق “لا يحمل أي قيمة مضافة للفلسطينيين”، إذ لم يتطرق إلى الاحتلال أو اللاجئين أو المستوطنات أو وضع غزة، وهي ملفات تشكل جوهر القضية الفلسطينية، معتبرا أن تصريحات دونالد ترامب في الكنيست الإسرائيلي، التي قال فيها أن “الولايات المتحدة زودت إسرائيل بالسلاح وأحسنت استعماله”، تكشف أن “القرار الأمريكي ليس رحمة بأبناء غزة، بل دعما غير مشروط لتل أبيب”.
وذهب كرين إلى أن هذا الاتفاق “يمنح الضوء الأخضر لدخول الجيش الأمريكي إلى قطاع غزة تحت ذريعة نزع سلاح حماس”، مضيفا: “نحن أمام نكسة جديدة على غرار نكستي 1948 و1967، إذ تصفى القضية الفلسطينية سياسيا بمباركة عربية ضمنية”.
وختم قائلا أن غياب المغرب عن القمة “كان قرارا ذكيا، كون المغرب لا يريد أن يكون طرفا في ما سيحدث بعدها، فالحرب ستعود كون المسألة بالنسبة لإسرائيل وجودية وليست سياسية”.
من جهته، اعتبر رشيد أوراز، الباحث الرئيسي في المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن ما حدث “نتيجة مباشرة لصراع الإرادة بين ترامب ونتنياهو”، مبرزا أن الولايات المتحدة بدأت تدرك أن “اللوبي الصهيوني أصبح عبئا داخلها، وأن الحرب على غزة أضعفت صورة إسرائيل عالميا”.
وأضاف أن فشل الرئيس الأمريكي جو بايدن في الانتخابات رغم دعمه غير المحدود لإسرائيل، كشف حدود التأثير الإسرائيلي في القرار الأمريكي.
وقال أوراز أن “اليمين الأمريكي نفسه بدأ ينتقد تدخل اللوبي الصهيوني في السياسة الأمريكية، خاصة بعد مقتل الناشط الأمريكي تشارلي كيرك، ومع تصاعد النقاش حول أن إسرائيل تجر واشنطن إلى حروب لا تريدها”.
وأشار إلى أن نتنياهو “كان يراهن على حرب مدمرة مع إيران، لكن تراجع ترامب عن ذلك جعله يعيش عزلة سياسية، في وقت فاجأه صمود الغزيين رغم الإبادة والتهجير”.
وأوضح أن اتفاق إنهاء الحرب “غير قابل للتنزيل” لأن القضايا الفلسطينية الجوهرية ستظل عالقة، معتبرا أن “ما جرى هو خلاصة حرب غير مشروعة ارتكبت فيها جرائم حرب بشعة”.
وختم أوراز بالقول إن غياب المغرب عن القمة “موقف صائب”، لأن المرحلة “تتسم بارتباك المشهد الدولي وتراجع التعاطف مع إسرائيل حتى في أوروبا، حيث أصبحت المظاهرات الحاشدة والإعلام والرأي العام يحرجونها في كل مكان”.
أما خالد البكاري، الأستاذ الجامعي والناشط الحقوقي، فاعتبر أن “العالم يشهد اليوم تحولا في الوعي، خصوصا في أوروبا وأمريكا اللاتينية، رغم استمرار دعم الدولة العميقة لإسرائيل”، واستدرك المتحدث محذرا من التفاؤل المفرط، أنه “لا ندري إن كان هذا الوعي سيتحول إلى إرادة سياسية حقيقية أم لا”.
وأشار البكاري إلى أن القضية الفلسطينية “دفعت ثمنا باهظا”، كون الحرب خلفت دمارا شاملا ومآسي إنسانية لا تُحصى، “وسيجد الفلسطيني نفسه أمام مأزق الصبر والأمل، لأن تكلفة هذه الإبادة جعلته يفكر في المستقبل أكثر من المقاومة”.
وأضاف المتحدث أن ما سيحدث مستقبلا قد يدفع كثيرا من الغزيين إلى الهجرة الطوعية بحثا عن الأمان، خاصة وأن البنية التحتية في القطاع دمّرت بالكامل”، كما اعتبر أن محور المقاومة “ضعف بشدة، سواء في إيران أو لبنان، وأن ما يسمى التوازن الردعي أصبح شبه منعدم”.
وبخصوص قمة شرم الشيخ، أكد البكاري أن “غياب إسرائيل وحماس عنها يجعلها بلا مضمون حقيقي، كونها استبعدت الطرفين الأساسيين في الحرب”.
ورأى أن غياب المغرب عن القمة “جيد من حيث المبدأ”، لكنه أشار إلى أن المغرب كان “غائبا بالأساس عن المشهد السياسي كوسيط أو فاعل”، وأنها “تدفع اليوم ثمن الاتفاق الثلاثي الذي جعلها في موقف حرج بين تعاطف شعبي كبير مع فلسطين والتزامات ديبلوماسية دقيقة”.
وختم البكاري قائلا أن الخطر الحقيقي هو أن “تصبح القضية الفلسطينية رهينة لتفاهمات بين الولايات المتحدة وبعض الدول الكبرى، في غياب كامل لصوت الفلسطينيين أنفسهم، وهو ما سيؤدي إلى استبعادهم من تقرير مصيرهم نهائي”.
أكرم القصطلني _صحافي متدرب
لمشاهدة الحلقة كاملة المرجو الضغط على الرابط