سيول جارفة تعمق جراح متضرري زلزال الحوز وتخلف خسائر في الممتلكات

شهدت عدد من المناطق بإقليم الحوز سيولا جارفة، خلفت أضرارا مادية كبيرة على مستوى المزروعات والمنازل، وزادت من معاناة ساكنة هذه المناطق التي لم تتعاف بعد من تبعات الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الأطلس الكبير ليلة 08 شتنبر 2023.
وأظهرت العديد من الصور ومقاطع فيديو تداولها السكان على مواقع التواصل الاجتماعي حجم السيول الجارفة الناجمة عن أمطار طوفانية تهاطلت بالمنطقة، غمرت مياهها الحقول وتسببت في قطع حركة السير ببعض الطرق، فضلا عن حمولة غير مسبوقة لوادي أزادن بالجماعة الترابية ويركان، جرفت معها معدات ثقيلة تابعة لشركة مكلفة ببناء سد بالمنطقة.
وقبل ذلك، شهدت جماعة ويركان دوي صفارات الإنذار إثر تسجيل حمولة مائية كبيرة بكل من وادي غراية ووادي أزادن.
وقد سارعت السلطات المحلية إلى اتخاذ الترتيبات الوقائية اللازمة لتفادي أي خطر محتمل، فيما أكدت مصادر إعلامية محلية أن الوضع ظل السيطرة ولم يتم تسجيل أي خسائر في الأرواح.
وفي نفس السياق، كانت منطقة أوريكا، نواحي مراكش، قد عرفت فيضانات مماصلة يوم 08 غشت الجاري، خلفت هي الأخرى خسائر فادحة في الممتلكات والبنية التحتية.
وتأتي هذه التقلبات الجوية القوية في ظل ظروف مزرية لا زال يعيشها متضررو زلزال الحوز، بعضهم وسط الخيام البلاستيكية، بعد قرابة سنتين على وقوع الكارثة التي أودت بحياة أزيد من 3000 مواطن وخسائر كبيرة في الممتلكات والبنى التحتية.
وفي هذا الصدد، طالب رئيس جمعية النهضة للتنمية بجماعة ويركان، حماد آيت حماد، السلطات المعنية بتعويض وإنصاف المتضررين، جراء هذه الكوارث الطبيعية، وكذا تسريع وتيرة إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال فضلا عن حماية المنطقة من أي كوارث مستقبلية.
وأضاف آيت حماد، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن الجمعيات المحلية بالمنطقة تواصل، على مدى سنتين تقريبا، طرق الأبواب والتنسيق مع هيئات وطنية ودولية من أجل تقديم الدعم للساكنة، ومساعدتها على غعادة بناء منازلها المتضررة من الزلزال.
وعلاقة بموضوع الفيضانات، أفاد المتحدث بأن مياه وادي إيزادن غمرت العديد من الحقول والبساتين، وأدت إلى إتلاف المحاصيل في ظل موسم الحصاد، فضلا عن تضرر بعض المنازل الهشة، دون تسجيل أي خسائر في الأرواح.
وأكد المصدر أن سدا بمنطقة ويركان لازال في طور التشييد، تضرر هو الآخر بعدما جرفت السيول، يوم أمس، السلع وآلات الحفر، مشيرا إلى “غياب تدخل المصالح المختصة وعدم جاهزيتها للتعامل مع مثل هذه الكوارث”.
وفي غضون ذلك، اعتبر الائتلاف المدني من أجل الجبل والتنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز أن التصريحات الحكومية المتكررة التي تتحدث عن “انفراج” و”أوراش كبرى” لإعادة الإعمار، لا تعكس الواقع الميداني الذي تعيشه المناطق المتضررة من الزلزال، مؤكدَين أن ما يقع على الأرض يكشف صورة مغايرة تطبعها المعاناة اليومية والتهميش المستمر لآلاف الأسر الجبلية.
وشدد التنظيمان، في بلاغ مشترك أواخر يوليوز 2025، على أن “ما يقع على الأرض يُكذب الأرقام القادمة من المكاتب”، في إشارة إلى الفجوة الكبيرة بين الخطاب الرسمي والواقع المعاش، حيث لا تزال مئات الأسر تعيش داخل خيام مهترئة لا تتوفر على أبسط مقومات العيش الكريم، بعد قرابة عامين من الفاجعة.
وسجل البلاغ “تضاربًا كبيرًا” في الأرقام الرسمية بشأن عدد المستفيدين من الدعم المالي، وأيضًا بشأن عدد المنازل التي أعيد بناؤها فعليًا، إلى جانب خروقات خطيرة شابت عمليات الإحصاء والتوزيع، من بينها شبهات بتورط بعض أعوان السلطة في التلاعب بالمعطيات واللوائح، “ما أدى إلى إقصاء غير مبرر لآلاف الأسر المتضررة”.
وأكد الائتلاف والتنسيقية أن عدداً كبيراً من الأسر التي فقدت مساكنها بالكامل “لم تتلقَ سوى دعم جزئي بقيمة 80 ألف درهم، بينما حُرم آخرون من أي دعم نهائيًا، في غياب معايير واضحة وشفافة، ما يعمّق الشعور بالظلم والتهميش داخل المجتمعات الجبلية التي تعاني تاريخيًا من ضعف البنية التحتية وغياب العدالة المجالية”.
وإزاء هذا الوضع، دعا المصدر إلى الكشف الفوري عن قاعدة بيانات مفصلة وشفافة، تُمكّن من تتبع مآل الدعم المخصص للإعمار، وتحديد المستفيدين الحقيقيين، كما طالب بـفتح تحقيق رسمي ومستقل في الخروقات الموثقة، ومحاسبة المتورطين في الإقصاء والتلاعب.
وأكد على ضرورة تعميم التعويضات على جميع الأسر المتضررة، وتنفيذ التعليمات الملكية بالشكل الأمثل، بما يضمن العدالة والإنصاف الكاملين، مع احترام الخصوصيات الاجتماعية والمعمارية للمناطق الجبلية المتضررة.
كما ناشد التنظيمان وسائل الإعلام الوطنية والدولية إلى تكثيف مواكبتها للوضعية الإنسانية الحرجة التي تعيشها الأسر المتضررة، وتوفير المنابر لصوت الضحايا الذين “لا يزالون ينتظرون الإنصاف الفعلي”.
وشدد المصدر ذاته، على أنه “إذا كان الزلزال قَدَراً طبيعياً، فإن استمرار الألم هو نتيجة سوء التدبير وغياب الجدية في المعالجة”، مشددًا على أن “اللجوء إلى التعتيم والنفخ في الأرقام، وحرمان المواطنين من حقوقهم، فاجعة من صُنع البشر”.
وفي هذا السياق، أعلن الائتلاف والتنسيقية عن مواصلة التحركات واللقاءات مع الفرق البرلمانية والجهات المعنية، من أجل الضغط لتحقيق العدالة وإنهاء المعاناة، مشيرَين إلى أن كرامة المواطن يجب أن تظل فوق كل اعتبار.
*أكرم القصطلني.. صحافي متدرب