story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

زلزال الحوز.. جراح مفتوحة ووعود معلّقة بعد قرابة عامين على الفاجعة

ص ص

بعد قرابة سنتين على الزلزال المدمر الذي ضرب إقليم الحوز وباقي أقاليم منطقة الأطلس الكبير، وما خلّفه من مآسٍ ثقيلة في الأرواح والممتلكات، ما تزال جراح الكارثة مفتوحة، ومعاناة الآلاف من الأسر متواصلة، بين خيام بلاستيكية مهترئة لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف، ووعود رسمية لا زال العديد منها متعثرا ولم يجد طريقه إلى التنفيذ بعد.

داخل هذه الظروف الصعبة يعيش المتضررون أوضاعًا قاسية تمس كرامتهم الإنسانية، منذ 08 شتنبر 2023، إذ يتهم العديد منهم السلطات المعنية بنهج “سياسة الإقصاء وحرمان مئات الأسر من التعويضات والتأخير في إعادة بناء مساكنهم”، لتتحول آمال إعادة الإعمار لدى الساكنة إلى خيبات متراكمة تزيد من عمق الألم وتسهم في فقدان الأمل.

وفي هذا السياق، قال منتصر إثري، أحد المتضررين وعضو التنسيقية الوطنية لضحايا الزلزال، إن الأسر المقصية والمحرومة من الدعم والتعويضات المخصصة للمتضررين تعيش منذ عامين “معانات مستمرة”، رغم الاحتجاجات والمراسلات والشكايات والملتمسات الموجهة إلى مختلف المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية، “لكن دون أن تجد آذاناً صاغية”.

وأوضح إثري في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن “العديد من الأسر تشردت وفقدت منازلها وممتلكاتها، في وقت يتم التعامل فيه مع الملفات كأرقام ومعطيات، أغلبها غير دقيق، يُراد تسويقها إعلامياً، من دون الاعتراف بأن وراءها أناس حُرموا من حقهم في السكن وإعادة البناء”.

وأضاف أن ملف التعويضات شابته “خروقات وتلاعبات بشهادة الضحايا وهيئات حقوقية”، مشيراً إلى أن هناك أعوان للسلطة تورطوا في التلاعب بملفات المتضررين، وهو ما تؤكده شكايات وتظلمات عديدة، “غير أن الجهات الرسمية لم تفتح تحقيقاً في الموضوع”.

وانتقد المتحدث الأرقام الرسمية المقدمة حول الخيام المتبقية، قائلاً: “إذا كانوا يتحدثون عن 47 خيمة في كل دوار، فهذا أمر آخر، أما الواقع فيقول غير ذلك، فآلاف الأسر التي استُبعدت من الدعم المخصص للهدم الكلي اكتُفي بمنحها دفعات جزئية، فيما حرمت أرامل كلياً من أية مساعدة”.

وأشار أيضاً إلى أن عدداً من المؤسسات التعليمية لم تنطلق فيها بعد أشغال الترميم وإعادة البناء، وضرب مثالاً بجماعة وقيادة أسني بإقليم الحوز، مضيفاً أن الأمر نفسه ينطبق على باقي الجماعات المتضررة، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على تمدرس أبناء هذه المناطق.

وشدد إثري على أن الأسر المتضررة تشعر بوجود “محاولة لتهجيرها وقطع صلتها بالمنطقة وأهلها”، متسائلاً: “كيف يُعقل أن يُحرم مواطن فقد منزله وممتلكاته من الدعم بذريعة أن بطاقة تعريفه الوطنية مسجلة بمدينة أخرى؟ ما علاقة البطاقة بالبيت الذي انهار بالكامل؟ هل يريدون أن نبقى مشرّدين في المدن، أم أن ندفع ثمن البقاء في قُرانا ومداشرنا بالبطالة والفقر والتهميش؟”.

من جانبه، قال محمد الديش، رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل، إن مرور سنتين على كارثة زلزال الحوز بالأطلس الكبير لم تكن كافية لمعالجة الملف بما يليق بصورة المغرب وحضارته، معتبراً أن طريقة التدبير إلى اليوم “تكشف عن قصور في قدرة الدولة والحكومة على التعامل مع كارثة طبيعية كان ينبغي الاستعداد لها مسبقاً، أو على الأقل تعبئة الجهود الكافية بعد وقوعها”.

وأوضح الديش في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن الأيام الأولى بعد الزلزال شهدت تضامناً وطنياً واسعاً، حيث هبّ المواطنون داخل المغرب وخارجه لتقديم المساعدات، وتم توفير الخيام والمنازل المتنقلة بشكل استعجالي، كما كان لخطاب الملك وتوجيهاته دور حاسم في توفير التمويل والآليات اللازمة، فضلاً عن إحداث وكالة خاصة لتنمية الأطلس الكبير، التي اعتُبرت آنذاك فرصة لإعادة الإعمار، وتحسين ظروف العيش، وتطوير البنيات التحتية، وإنعاش الاقتصاد المحلي.

لكن، يضيف المتحدث، بعد مرور عامين، “لم يتحقق ذلك”، مشيراً إلى أن المتضررين ما زالوا يعيشون في ظروف قاسية، حيث قضوا عاماً كاملاً بين برد الشتاء وحر الصيف تحت الخيام، “فيما أُجبرت بعض الأسر مؤخراً على العودة إلى منازل شبه منهارة فقط من أجل التغطية الإعلامية، حتى لا تستمر صور المأساة في التداول”.

وشدد رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل على أن هذه الصور تعكس “وجهاً آخر للمغرب، بلد يُسوَّق له على أنه بلد السرعة الفائقة والصناعات المتطورة والطيران، لكنه عجز عن تدبير كارثة محدودة في مجالها وعدد ضحاياها، فقط لأنها ضربت مناطق جبلية مهمشة وقليلة الكثافة السكانية”.

وأكد أن نداءات المتضررين ما تزال متواصلة، “وأن الحكومة فشلت في تدبير الملف بما يتناسب مع حجمه”، معلناً أن تنسيقية الضحايا، التي تضم العديد ممن لم يشملهم الإحصاء أو لم يتوصلوا بالدعم الكافي، تستعد لتنظيم وقفة احتجاجية يوم 8 شتنبر الجاري أمام البرلمان.

وختم الديش بالقول: “نحن، كأبناء الجبال ومناطق الهامش، نعلن تضامننا مع المتضررين، ونواصل المتابعة والمرافعة إلى أن تتحقق العدالة والإنصاف لهذه المناطق الغنية بثرواتها المادية واللامادية، والتي تستحق معاملة تليق بمكانتها وكرامة ساكنتها”.

وفي السياق أعلنت التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز عزمها تنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان بالرباط يوم الاثنين 8 شتنبر 2025، للتذكير بالمعاناة المستمرة التي يعيشها المتضررون منذ وقوع الزلزال، وللتنديد بما وصفته بـ”سياسة الإقصاء والتهميش” التي طالت آلاف الأسر.

وأوضحت التنسيقية في بيان لها أن هذه الخطوة تأتي بعد مرور عامين على الكارثة دون معالجة منصفة لملفات الضحايا، مؤكدة أن العديد من الأسر ما تزال تعيش في ظروف قاسية داخل الخيام، فيما حُرمت أخرى من التعويضات رغم فقدان منازلها.

وطالبت التنسيقية بالتسوية الفورية لملفات الأسر المقصية والمحرومة من التعويضات، وتعميم التعويض على جميع الضحايا الذين فقدوا منازلهم كلياً أو جزئياً، وفتح تحقيق نزيه ومستقل في الخروقات والتلاعبات التي شابت ملفات التعويض، عبر لجنة مستقلة، وتوفير سكن لائق للأسر التي ما تزال تقيم في الخيام، مع وقف محاولات تفكيكها قبل إيجاد البديل.