رغم القيود وتشديدات ترامب.. لماذا يتمسك المغاربة بحلم القرعة الأمريكية؟

لا تزال “القرعة الأمريكية”، أو برنامج تأشيرة التنوع، تحظى باهتمام واسع بين الشباب، رغم تشديد السياسات الأمريكية في مجال الهجرة، خاصة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وقد تجلى هذا الاهتمام مؤخراً في ترقّب ملايين المتقدّمين حول العالم، من بينهم آلاف المغاربة، لإعلان نتائج برنامج الهجرة العشوائية إلى الولايات المتحدة برسم سنة 2025، والتي ظهرت رسميًا يوم السبت 3 ماي 2025، بحسب ما أعلنت عنه وزارة الخارجية الأمريكية عبر موقعها الرسمي.
وفي هذا السياق، قال صلاح الدين المعيزي، الصحافي المختص في قضايا الهجرة، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن هذا الإقبال “ظاهرة طبيعية”، تأتي ضمن موجة هجرة مستمرة ومتجذّرة في صفوف المجتمع المغربي.
وأوضح المعيزي أن “هناك رغبة جامحة لدى الشباب المغربي، من مختلف المستويات الدراسية والاجتماعية، في التنقّل إلى أماكن أخرى واكتشاف العالم”، مشيرًا إلى أن الأمر “لا يقتصر فقط على الجانب العملي أو الاقتصادي، بل يتعلق أيضًا برغبة في عيش تجربة حياة خارج الوطن”.
ويعيش المغرب، بحسب المتحدث، “مرحلة تنمية متوسطة” لا تُصنّفه ضمن الدول الغنية ولا الفقيرة، وهو ما يجعل الهجرة “خياراً بديلاً وجذاباً”، خاصة في ظل القيود المتزايدة على الحصول على التأشيرات.
وبهذا الصدد، يرى المعيزي أن القرعة الأمريكية تُعتبر “فرصة للهجرة القانونية”، بل “من بين أفضل البرامج التي تتيح الولوج إلى الولايات المتحدة في ظروف جيدة”، مثل الحصول على البطاقة الخضراء.
ويضيف أن بلدان الجنوب، ومنها المغرب، تعاني من “حيف كبير في مسألة التأشيرات”، ما يصعّب على الشباب حرية التنقّل، فيلجؤون إلى وسائل أخرى مثل عقود العمل أو المنح الدراسية. وتبقى القرعة الأمريكية، في رأيه، “من بين أبرز هذه الفرص”.
ورغم السياسات الصارمة التي عرفتها فترة إدارة ترامب، فإن الإقبال على القرعة الأمريكية في المغرب لم يشهد تراجعاً يُذكر. ويُرجع المعيزي ذلك إلى “خصوصية العلاقة بين الرباط وواشنطن”، حيث يعتبر كثير من المغاربة أن تلك العلاقة ظلت مرنة، ولم تكن حادة أو عدائية كما هو الحال مع دول أخرى.
ويؤكد أن “المغاربة يتعاملون مع موضوع الهجرة ببراغماتية”، مضيفاً: “هم لا يكترثون كثيراً للتحليلات السياسية أو الإيديولوجية، بل يختارون وجهة هجرتهم بناء على الفرص المتاحة”.
ويرى المعيزي أن الكثير من المغاربة يعتقدون أن الولايات المتحدة، حتى في عهد ترامب، لم تكن تُعادي المغرب بشكل مباشر، بل كان هناك نوع من الليونة في التعامل، وهو ما يعزز لديهم الثقة في فرص قبولهم كمهاجرين، مقارنة بدول تعتبرها واشنطن “غير مستقرة” أو “معادية”.
لذلك، يؤكد المعيزي أن “الإقبال على قرعة الهجرة إلى أمريكا ما يزال مستمراً، حتى في ظل السياسات المتشددة”، مشيرًا إلى أن الشباب المغربي الراغب في الهجرة يدرك تمامًا التحديات التي تنتظره، ويعي أن تجربة الهجرة ليست دائمًا سهلة أو مثالية.
ومع ذلك، يضيف المتحدث، يفضل كثيرون مواجهة تلك التحديات، على البقاء في بلد يعانون فيه من تدنّي مستوى المعيشة، وندرة فرص الشغل.
ويذكر أن برنامج تأشيرة التنوع أو ما يعرف ب”قرعة أمريكا”، هو برنامج يوفر تأشيرة هجرة إلى “بلاد العام السام” ل55 ألف شخص حول العالم سنويا، يتم انتقائهم بشكل آلي وعشوائي، ممن استوفوا شروط الأهلية.
في المقابل يصطدم هذا الحلم الذي يراود العديد من الشباب حول العالم، بواقع انتقاء محدود جدا إذ أن فرص الحصول على “البطاقة الخضراء” لا تتجاوز ما يناهز نسبة 2 بالمائة من إجمالي المتقدمين حول العالم، إلا أن هذا الرقم لا يمنع الشباب المغاربة من الإقدام على القرعة