story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

عودة الجالية.. صيف مغاربة العالم بين انتعاش العودة وتراجع التحويلات

ص ص

رغم المؤشرات الرقمية التي تعكس انتعاشا طفيفا في عدد الوافدين من مغاربة العالم خلال موسم صيف 2025، إلا أن الأجواء العامة لا تنبئ بصيف سياحي واعد.

ففي وقت تتحدث فيه الأرقام الرسمية عن “زيادات متواضعة” مقارنة بالعام الماضي، ترتفع أصوات من داخل القطاع السياحي وخبراء ومتابعين، للتحذير من “تباطؤ مقلق” في وتيرة النمو، و”تدهور ملموس” في جودة الاستقبال والبنيات التحتية، مما يُنذر، حسب تعبيرهم، بـ”موسم باهت” وتفاقم أزمة الثقة بين الجالية المغربية ومؤسسات بلدها الأم.

هذه المخاوف تتعزز أكثر في ظل تسجيل أول تراجع مالي في تحويلات مغاربة الخارج منذ ثلاث سنوات، ما يطرح أسئلة كبرى حول أسباب هذا الانكماش الاقتصادي والاجتماعي، واحتمالات تأثيره على أحد أبرز روافد الاقتصاد الوطني.

واقع مزدوج

وفي السياق، سجّل الخبير السياحي الزبير بوحوت مؤشرات “مقلقة” تهم أداء موسم صيف 2025، خاصة فيما يتعلق بعودة مغاربة العالم والتحويلات المالية التي تشكل ركيزة أساسية في دعم الاقتصاد الوطني.

وأوضح بوحوت في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن المعطيات الحديثة تشير إلى “واقع مزدوج”؛ فمن جهة، يُسجل استمرار الارتفاع في أعداد المغاربة المقيمين بالخارج العائدين إلى أرض الوطن، ومن جهة أخرى، يظهر “تباطؤ واضح” في وتيرة هذا النمو مقارنة بالسنوات السابقة.

فقد استقبل المغرب خلال الفترة الممتدة من 10 يونيو إلى 4 غشت 2025، ما مجموعه 2.789.197 وافدًا، أي بزيادة نسبتها 10,37% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024، ومع ذلك، فإن هذا الارتفاع يخفي خلفه “مؤشرات تدعو إلى القلق” حسب بوحوت.

تباطؤ مقلق

في بداية الموسم، وبالضبط ما بين 10 يونيو و10 يوليوز 2025، سجلت عملية “مرحبا” أداءً لافتًا، إذ بلغ عدد الوافدين 1.520.951 فردًا، أي بزيادة 13,3% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ما عكس توقعا كبيرًا لدى أفراد الجالية للعودة إلى أرض الوطن.

لكن هذه الدينامية لم تدم طويلًا، إذ عرفت الفترة التالية، الممتدة من 11 يوليوز 2025 إلى 4 غشت الجاري، تباطؤًا في وتيرة النمو، حيث استقبلت البلاد 1.268.246 وافدًا فقط، بنسبة زيادة لم تتجاوز 7,05% مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2024.

واعتبر بوحوت أن هذا التباطؤ يُثير تساؤلات مشروعة حول مدى جاهزية البنيات التحتية والخدمات اللوجستيكية لمواكبة ذروة الموسم، مشيرا إلى أنه باستمرار هذا التوجه إلى غاية 10 شتنبر المقبل، وهو تاريخ الذروة المعتاد، “قد تنتهي الحصيلة النهائية لموسم 2025 دون بلوغ التطلعات المرجوة”.

ويرى المتحدث أن هذا الوضع يستوجب تدابير استباقية من طرف السلطات المعنية لتحسين شروط الاستقبال وضمان تجربة جيدة لأفراد الجالية، بما يعزز ارتباطهم بوطنهم.

ورجح الخبير أن تكون الأسباب المحتملة وراء هذا التراجع النسبي، ارتفاع تكاليف النقل الجوي والبحري، والاكتظاظ في المعابر والموانئ، وضعف التنسيق اللوجستي، وغياب الحملات الترويجية والتواصلية الفعالة، وهو ما يدعو، حسب بوحوت، إلى تقييم سريع وموضوعي لتحديد مكامن الخلل والعمل على تحسين تجربة العودة، سواء من زاوية الأرقام أو من منطلق الثقة المتبادلة بين الجالية والمؤسسات الوطنية.

تراجع التحويلات المالية

في سياق موازٍ، كشفت بيانات مكتب الصرف عن “تراجع مقلق” في تحويلات مغاربة العالم، حيث سجلت مع نهاية يونيو 2025 انخفاضًا بنسبة 2,6%، لتستقر عند 55,864 مليار درهم، مقابل 57,347 مليار درهم خلال الفترة نفسها من عام 2024، أي بخسارة تفوق 1,4 مليار درهم.

ويمثل هذا التراجع بالنسبة لبوحوت أول “انعطافة سلبية” بعد ثلاث سنوات من النمو المتواصل، مشددا على أن ذلك يثير مخاوف بشأن استدامة هذا المورد الحيوي من العملة الصعبة.

ويرجّح المصدر ذاته، أن يكون هذا التراجع نتيجة مباشرة للضغوط التضخمية في دول الإقامة، ما انعكس على القدرة الشرائية للجالية، إلى جانب تغير أولويات الإنفاق بين الادخار، وتغطية القروض، ومواجهة تكاليف المعيشة المرتفعة.

وإذا ما استمر هذا التوجه خلال النصف الثاني من العام، “فقد تكون تداعياته أعمق”، وهو ما يستدعي، حسب بوحوت، تعبئة وطنية شاملة لضمان استمرارية التحويلات وتعزيز الثقة بين الجالية المغربية والدولة.

فشل” في السياسات السياحية

وفي نفس السياق، حذّرت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، من “التداعيات العميقة” لتراجع إقبال مغاربة العالم على زيارة وطنهم الأم، معتبرة أن هذا المؤشر “لم يعد مجرد رقم عابر في تقارير المطارات والموانئ، بل يعكس تفككًا مقلقًا في علاقة الثقة بين الوطن وأبنائه المقيمين بالخارج”.

وسلطت التامني، في تصريح سابق لصحيفة “صوت المغرب”، الضوء على مجموعة من الأسباب التي تدفع العديد من أفراد الجالية إلى العزوف عن زيارة المغرب، أبرزها “الارتفاع الصاروخي لتذاكر النقل الجوي والبحري دون أي تدخل حكومي حقيقي للحد منه، إلى جانب الإهانات التي يتعرض لها القادمون في المعابر الحدودية، وبطء الإجراءات الإدارية المتكلسة، التي تفقد العودة للوطن معناها”.

كما انتقدت المسؤولة البرلمانية “ضعف الاستقبال الرسمي” لمغاربة العالم، “والذي لا يرقى إلى حجم إسهامهم الاقتصادي الحيوي”، مشيرة إلى أن “مشاريع الاستثمار التي يحلم بها كثيرون منهم غالبًا ما تتحطم على صخرة الرشوة، والمحسوبية”.

وخلص النائبة البرلمانية إلى أن السياسة العمومية في مجال السياحة الداخلية “فاشلة وتفتقر إلى رؤية”، في ظل غلاء الأسعار في كل مكان، وغياب أي رقابة أو حماية للمستهلك.