story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

دراسة: مقترحات المعارضة تتقاطع حول هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات

ص ص

كشفت دراسة حديثة أن مقترحات أغلب أحزاب المعارضة حول إصلاح المنظومة الانتخابية تتجه نحو إحداث هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات، بديلاً عن الإشراف الإداري التقليدي الذي تتولاه وزارة الداخلية، مبرزة أن هذا التوجه يتماشى مع التجارب المقارنة في الديمقراطيات الأوروبية.

وفي هذا السياق، أوضحت الدراسة بعنوان “تحليل نقدي لمقترحات أحزاب المعارضة حول إصلاح المنظومة الانتخابية المغربية”، الصادرة بالمجلة العربية للنشر العلمي، أن “هذا المطلب من أبرز نقاط التقاطع بين مختلف مكونات المعارضة، التي ترى في استقلالية الإشراف مدخلاً أساسياً لتعزيز الثقة في العملية الانتخابية وضمان حياد المؤسسات”.

وأبرزت الدراسة التي أنجزها الباحثان في القانون العام والعلوم السياسية، أشرف الطريبق وعبد الرزاق المسكي، أن “هذا التوجه ينسجم مع التجارب المقارنة في الديمقراطيات الأوروبية، حيث تتولى هيئات مستقلة مهام التنظيم والمراقبة”، كما أكدت أن “الانتقال من إشراف إداري إلى إشراف مؤسسي يعكس تحوّلاً في فلسفة التدبير السياسي، إذ لم يعد الرهان قانونياً فقط، بل مؤسساتياً يهدف إلى ترسيخ مبادئ النزاهة والشفافية”.

ومن خلال المقارنة، أبرزت الدراسة أن النموذجين الفرنسي والإسباني يقدّمان نمطين مختلفين للإشراف الانتخابي المستقل، ففرنسا تعتمد لجنة وطنية لمراقبة الحملات الانتخابية تضمن تكافؤ الفرص بين الأحزاب، في حين تعتمد إسبانيا هيئة مركزية ذات صلاحيات قضائية وتنظيمية، وخلصت إلى أن “المغرب يسير تدريجياً نحو نموذج توافقي يجمع بين الخصوصية الوطنية وروح التجارب الدولية”.

أما بخصوص القاسم الانتخابي، فقد اعتبرته الدراسة من أكثر القضايا إثارة للجدل داخل المشهد السياسي المغربي، وأوضحت أن المعارضة ترى فيه وسيلة لإعادة التوازن بين العدالة التمثيلية والاستقرار السياسي، مع الحفاظ على تمثيل حقيقي للتعددية الحزبية.

وانتقالاً إلى المقارنة الدولية، أشارت الدراسة إلى أن ألمانيا اعتمدت نظام “التمثيل النسبي المعدّل” لتسهيل دخول الأحزاب الصغيرة دون المساس باستقرار الأغلبية، بينما تميل إسبانيا إلى نموذج يوازن بين تمثيل القوى السياسية وحماية استقرار المؤسسات، مستنتجة أن “المغرب يقترب من صيغة توافقية مماثلة تراعي خصوصيات المشهد الحزبي الوطني”.

كما تناول المصدر مسألة التمويل العمومي للأحزاب السياسية، مبرزا أن مقترحات المعارضة تتجه نحو ربط الدعم بالمردودية السياسية والشفافية المالية، إذ بدلاً من الدعم الانتخابي التقليدي، يُطرح اليوم تصور جديد يجعل من الرقابة والمحاسبة مدخلين أساسيين لترشيد الإنفاق العمومي وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع السياسي.

وفي هذا الإطار، استعرض الباحثان النماذج الأوروبية التي تُعد أكثر تقدماً في مجال مراقبة التمويل الحزبي، لاسيما النموذج الفرنسي الذي تخضع فيه الحسابات لرقابة لجنة وطنية مختصة، والنموذج الإسباني الذي يعتمد تقارير علنية دورية، واعتبرت في هذا الإطار، أن المغرب قطع خطوات مهمة في هذا المجال، لكنه ما زال بحاجة إلى تفعيل أوسع لمبدأ الشفافية والمساءلة.

ومن القضايا البارزة التي تطرقت إليها الدراسة كذلك، هي موضوع المناصفة والتمييز الإيجابي، حيث شددت على أن المعارضة المغربية تعتبر هذا الملف ركناً من أركان العدالة الانتخابية، إذ قدمت أحزاب المعارضة تصورات مختلفة لتحقيق التناوب بين الجنسين داخل اللوائح، بهدف ضمان تمثيل منصف للنساء وتعزيز حضورهن في المؤسسات المنتخبة.

وربطت الدراسة بين هذه المقترحات والتجارب الأوروبية، مشيرة إلى أن فرنسا فرضت منذ عام 2000 قاعدة التناوب في اللوائح، بينما أقرت إسبانيا سنة 2007 قانوناً يُلزم الأحزاب بنسبة دنيا من المرشحات.

واختتمت الدراسة بالتأكيد على أن الإصلاح الانتخابي المغربي لا يمكن أن يكون استنساخاً للنماذج الأجنبية، بل يجب أن ينبع من خصوصية السياق الوطني وموازين القوى السياسية، مؤكدة أن الديمقراطية ليست عملية نقل آلي للتجارب، وإنما تفاعل بين المبادئ الكونية والواقع المحلي.