story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

دراسة تكشف واقع “الهشاشة والتمييز” في مراكز النداء بالمغرب

ص ص

نبهت دراسة حديثة إلى أنه بالرغم من النجاح الاقتصادي لقطاع مراكز النداء بالمغرب، الذي يشغل أزيد من 100 ألف شخص، إلا أن ظروف العمل بالنسبة للشباب صعبة، وتحديات عديدة ما تزال قائمة على مستوى حقوق الإنسان في العمل، والحماية الاجتماعية، وحرية الانتماء النقابي، ومكافحة مختلف أشكال التمييز.

وقُدمت خلاصات الدراسة الأربعاء 24 شتنبر 2025، خلال ندوة صحافية نظمها معدو الدراسة معهد بروميثيوس من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان (IPDDH) والمجلس المدني لمناهضة جميع أشكال التمييز (CCLD) لتقديم ورقة سياسات حول قطاع مراكز النداء في المغرب.

في هذا السياق، قال منتصر الساخي، أنثروبولوجي (باحث مشارك، جامعة KU Leuven/جامعة محمد السادس متعددة التخصصات UM6P)، إن هذه الدراسة حول مراكز النداء في المغرب كشفت عن مسار طويل من الهشاشة التي يعيشها العاملون في هذا القطاع، موضحا أن المغرب اختار منذ مطلع الألفية التوجه نحو “الأفشورينغ” كخيار اقتصادي لمواجهة البطالة، ورغم أن هذا الخيار وفر أكثر من 100 ألف منصب شغل، غير أنه خلق مشاكل بنيوية مرتبطة بالاستقرار المهني.

وبخصوص منهجية الدراسة، أورد الساخي أنه تم الاعتماد على بحث ميداني إثنوغرافي مع عمال القطاع، تبين من خلاله أن الرواتب التي كانت في بدايات التجربة تتراوح بين 6000 و7000 درهم، تراجعت اليوم إلى حوالي 3800 درهم كبداية، وهو ما يعكس تدهورًا واضحًا في شروط العمل.

وأضاف أن العاملين قدموا شهادات صادمة عن ظروف عملهم، حيث يصفونها بالمزرية في ظل غياب النقابة إلى حدود سنة 2011، وآنذاك، ساهمت حركة 20 فبراير في فرض الاعتراف بالنقابة داخل القطاع، بعدما كان تنظيم العمال يُعتبر أمرًا غير مرخص له، ومع ذلك، لم تبدأ تجربة التمثيلية النقابية فعليًا إلا ابتداء من سنة 2015.

واعتبر المتحدث أنه في الوقت الذي يتحدث فيه أرباب العمل عن فرص تشغيل كبيرة تصل إلى 10 آلاف سنويًا، يغيب أي حديث رسمي عن نسب التسريح المرتفعة أو عن ظاهرة “Turnover” التي تجعل غالبية الشباب يغادرون القطاع مبكرًا نظرا لظروف العمل القاهرة.

من جانبها، ذكرت ياسمين بوطيب، عن معهد بروميثيوس من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان – المجلس المدني لمناهضة جميع أشكال التمييز، أن هذا العمل يندرج ضمن دراسة شاملة حول مسارات الهشاشة التي تعرفها أشكال التشغيل الجديدة بالمغرب، المعروفة بـ “Gig work”، مثل عمال التوصيل السريع وموظفي التعاون الدولي التقني وقطاع facility management””، والتي تشترك جميعها في أنماط تشغيل هشة.

وأضافت بوطيب أن القاسم المشترك بين هذه الفئات هو “القمع الممارس ضد أي محاولة للتنظيم الذاتي أو الانخراط النقابي”، ففي الوقت الذي يُناقش فيه وزير التشغيل يونس السكوري إصلاح مدونة الشغل مع النقابات في إطار الحوار الاجتماعي، “تظل هذه الفئات غير ممثلة، ما يجعلها عرضة للتهميش مجددًا”.

وأشارت إلى أن “التخوف الأكبر يتمثل في أن الإصلاحات التشريعية المقبلة قد تُقصي هذه الفئات الهشة”، في حين أن دمجها في الحوار الاجتماعي هو السبيل الأمثل لضمان حقوقها، إذ أنه “من دون الاعتراف بها كجزء من النسيج العمالي، ستظل عرضة للهشاشة وفقدان الاستقرار المهني”.

وفي هذا السياق، أوصت بوطيب بضرورة تقنين طبيعة العقود وتوحيدها، حيث إن عدداً من العمال يشتغلون بعقود محدودة المدة تتجدد لسنوات، أو بعقود مهمة تُستعمل للتحايل على القانون، “وهو ما يحرم المستخدمين من حقوقهم الأساسية، ويمنح الشركات غطاءً لتفادي المساءلة القانونية”.

وشددت على أن المطلوب اليوم هو تدخل الوزارة الوصية لوضع إطار قانوني يحمي هذه الفئات، ويضمن لها حقها في عقود عمل واضحة ومستقرة، “إذ أن المسألة لم تعد مجرد أرقام تشغيل، بل قضية كرامة وحقوق لآلاف الشباب المغاربة الذين يواجهون يوميًا تحديات الاستغلال والهشاشة”.