خبير: تراجع نسب ملء سدود حيوية ينذر بصيف مائي صعب

حذر جواد الخراز، مدير شبكة خبراء المياه والطاقة والمناخ ونائب رئيس سفارة المياه في فرنسا، من استمرار الوضعية الحرجة للسدود بالمغرب، رغم تسجيل تحسن نسبي في نسبة الملء مقارنة بالسنة الماضية، حيث تبلغ نسبة الملء الحالية 37,33% مقابل 27,93% خلال الفترة نفسها من سنة 2024، أي بتحسن يناهز 7,7 نقاط مئوية.
لكن رغم هذا الارتفاع المسجل، أكد الخراز أن “التحسن يظل محدوداً ولا يغير من واقع الإجهاد المائي الذي تعاني منه البلاد”، مشددا على أن أول ما يلفت الانتباه هو “اختلال التوزيع الجغرافي” للمياه بين أحواض مائية تعرف وفرة وأخرى تعاني من عجز حاد وخطير.
وفي هذا الصدد، أشار الخراز إلى أن بعض الأحواض، كحوض زيز كير غريس، تسجل نسب ملء تفوق 55% بفضل التساقطات الأخيرة، بينما تسجل أحواض أخرى مثل أم الربيع وسوس ماسة نسباً ضعيفة لا تتجاوز 11,44% و19,73% على التوالي.
واعتبر أن “هذه الأحواض الفقيرة مائياً تواجه ضغطاً كبيراً، إذ تعرف نشاطاً زراعياً مكثفاً، مما يرفع من حجم الطلب على المياه، خاصة في منطقة سوس ماسة التي تُعد من أهم المزودين بالمنتجات الفلاحية على الصعيد الوطني”.
كما أشار إلى أن “سدوداً كبرى مثل سد سيدي محمد بن عبد الله وسد بين الويدان تسجل نسب تعبئة مقلقة تقل عن 16%، ما يُهدد إمدادات الماء الشروب لمدن كبرى مثل الرباط والدار البيضاء خلال فصل الصيف الحالي”.
وفي السياق ذاته، حذر الخبير من تأثير الحرارة المفرطة التي تعرفها البلاد، والتي تزيد من حدة التبخر، حيث تُفقد السدود أكثر من مليون متر مكعب يومياً، ما يؤدي إلى انخفاض مستمر في مستوى المخزون المائي.
ولفت إلى أن “هذا التراجع سيتفاقم مع ارتفاع الطلب على المياه خلال الصيف، نتيجة توافد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، والسياح، وحركية الهجرة الداخلية نحو المناطق الساحلية، ما يضاعف الضغط على مياه الشرب والري”.
وأوضح المتحدث أن نسبة الملء المتوسطة في بعض الأحواض الشمالية مثل اللوكوس وسبو لا تكفي لتعويض النقص الحاد في أحواض أخرى، مشيراً إلى أن مشاريع الربط بين الأحواض لا تزال محدودة النجاعة في الوقت الراهن.
وعلى ضوء ذلك، أكد الخراز أن المغرب لا يزال في قلب دائرة الجفاف، وأن نسبة ملء السدود الحيوية غير كافية لتأمين حاجيات المدن والمناطق الفلاحية، ما يجعل الوضع مثيراً للقلق، خصوصاً في ظل تأخر إنجاز مشاريع تحلية المياه الكبرى.
وفي حديثه عن الحلول الممكنة، حث الخراز على ضرورة ترشيد استهلاك المياه، وتكثيف حملات التوعية، خاصة لدى الفلاحين والمستهلكين في المدن والقرى، مشيراً إلى أن القطاع الفلاحي يستهلك أكثر من 80% من الموارد المائية الوطنية، ما يتطلب تدبيراً عقلانياً.
ودعا في نفس السياق، إلى الإسراع في إنجاز مشاريع تحلية مياه البحر المبرمجة في كل من الدار البيضاء وسوس والصحراء المغربية، مؤكداً أن احترام الآجال وتنفيذ دفاتر التحملات من شأنه أن يخفف الضغط على الموارد التقليدية.
كما شدد على أهمية تفعيل مشاريع ربط الأحواض، وتنظيف السدود من الأوحال، وتحسين كفاءة التخزين، وإنجاز دراسات جدوى للسدود، مشيراً إلى أن كل هذه التدابير ضرورية لمواجهة الوضع المائي الصعب والمتقلب.
وخلص الخراز إلى التأكيد على أهمية الانتقال من إدارة الأزمات إلى إدارة استباقية، تعتمد على تخطيط دقيق، وآليات طوارئ لضمان توزيع المياه، ومراقبة مستمرة لتأثيرات تغير المناخ، مشدداً على أن الوضع المائي لا يزال بعيداً عن الاطمئنان.