story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

حقوقيون يطالبون بارتقاء العمل البرلماني لمواجهة تراجع الحقوق والحريات

ص ص

وجّهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان رسالة مفتوحة إلى رئيسي مجلسي النواب والمستشارين، ورؤساء الفرق والمجموعات البرلمانية، بمناسبة اليوم العالمي للعمل البرلماني، الذي يصادف 30 يونيو من كل سنة، دعت فيها إلى الارتقاء بأداء المؤسسة التشريعية لمواكبة التحولات العميقة التي تشهدها البلاد، وللتصدي لما اعتبرته تراجعًا في عدد من المؤشرات الحقوقية.

وأشادت العصبة في مستهل رسالتها ببعض المبادرات التشريعية والرقابية التي وصفتها بالإيجابية، لكنها شددت على أن ذلك غير كافٍ في ظل التحديات المتزايدة، داعية البرلمانيين إلى جعل قضايا الحقوق والحريات في صلب عملهم، من منطلق الالتزام العميق بالمرجعية الكونية لحقوق الإنسان، كما ينص على ذلك الدستور المغربي والمواثيق الدولية.

وأكدت المنظمة الحقوقية أن الحريات العامة، وحرية التعبير، والحق في التنظيم، والعدالة الاجتماعية، وضمانات المحاكمة العادلة، وحقوق المرأة والطفل والأشخاص في وضعية إعاقة، ومناهضة التعذيب، وحماية المدافعين عن الحقوق، لا ينبغي أن تُطرح فقط كرد فعل على أحداث ظرفية، بل يجب أن تتحول إلى أولويات دائمة في الأجندة البرلمانية.

وعبّرت العصبة عن “قلقها إزاء التراجع المقلق لدور البرلمان كمؤسسة دستورية محورية يُفترض أن تحمي الحقوق وتصون الحريات”، معتبرة أن هذا التراجع يُعزى إلى عدة أسباب، منها هيمنة الحسابات الحزبية والسياسية الضيقة، وضعف استقلالية المؤسسة التشريعية عن الجهاز التنفيذي، وقصور التكوين الحقوقي لدى العديد من البرلمانيين، فضلاً عن غياب الإرادة السياسية لإعطاء الحقوق والحريات ما تستحقه من أولوية.

النهوض بأداء المؤسسة التشريعية

ودعت الرسالة إلى النهوض بأداء المؤسسة التشريعية من خلال تعزيز وظائفها الدستورية في التشريع والرقابة والانفتاح على المجتمع المدني، بما يضمن حماية الحقوق والحريات ويستجيب للانتظارات المجتمعية المتزايدة.

وأكدت العصبة، بصفتها جمعية حقوقية وطنية مستقلة، أن هذه الرسالة تنبع من “غيرة وطنية ومسؤولية نضالية”، وتتضمن دعوة صريحة إلى البرلمان للاضطلاع الكامل بأدواره، وتحمّل مسؤوليته التاريخية في الدفاع عن القضايا الحقوقية العادلة.

وفي هذا الإطار، شددت العصبة على ضرورة تعزيز الوظيفة التشريعية عبر تسريع إخراج القوانين التنظيمية المتأخرة، وتطوير الحق في تقديم العرائض والملتمسات، ومراجعة قانون الجمعيات بما يكرّس فعلياً حرية التنظيم، داعية إلى ملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، ومراجعة التشريع الجنائي لإلغاء النصوص الفضفاضة التي تُستخدم لتقييد حرية التعبير، معتبرة أنها تتناقض مع قانون الصحافة والنشر.

وفي ما يخص الوظيفة الرقابية للبرلمان، طالبت الرسالة بتخصيص جلسات منتظمة لمساءلة الحكومة حول مدى احترامها للحقوق والحريات، بما يشمل قضايا الاعتقال التعسفي، التمييز، حرمان الجمعيات من الوصل القانوني، وصعوبات الولوج إلى العدالة والخدمات العمومية، مشددة على ضرورة دعم الهيئات المستقلة، التي باتت بحسب العصبة تتعرض لهجمات متزايدة من قبل بعض أعضاء الحكومة، داعية في الوقت ذاته، إلى الاستماع لتقاريرها ومواكبة توصياتها تشريعيًا.

وفي جانب الانفتاح على المجتمع المدني، دعت العصبة إلى مأسسة التعاون بين البرلمان والمنظمات الحقوقية، عبر آليات إنصات وهيئات استشارية دائمة، وتنظيم لقاءات ومنتديات دورية حول قضايا الحقوق والحريات، مقترحة تخصيص ما أسمته “كرسيًا حقوقيًا” داخل البرلمان يُفسح المجال أمام الجمعيات الحقوقية للتواصل المباشر مع ممثلي الأمة.

ودعت العصبة في رسالتها البرلمان إلى الدفاع عن القضايا الحقوقية العادلة ورفع الصوت لصالح ضحايا الانتهاكات، والترافع في المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية من أجل القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مطالبة بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان من التضييق والتشهير، بمن فيهم البرلمانيون أنفسهم والنشطاء المدنيون.

جرأة واستقلالية البرلمان

ومن جانب آخر، أكدت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان في رسالتها أن البرلمان لا يُقاس فقط بعدد القوانين التي يصادق عليها، بل بمدى جرأته على مواجهة انتهاكات الحقوق، واستقلاليته في مساءلة الحكومة، والتزامه بفتح قنوات الحوار مع المجتمع.

وقالت العصبة: “لقد آن الأوان لبرلمان يليق بالمواطن، لا فقط بالدستور، لبرلمان يعيد للسياسة معناها النبيل، وللمسؤولية التشريعية وزنها الحقيقي”.

وذكّرت الهيئة الحقوقية بأن تخليد هذا اليوم الأممي الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، يمثل لحظة للتأمل في دور البرلمانات في ترسيخ العدالة والحكامة والشفافية، وتقوية جسور الثقة بين المواطنين وممثليهم المنتخبين.

واعتبرت أن المؤسسة البرلمانية تظل “ضمانة مركزية في صلب البناء الديمقراطي، وأداة رقابية وتشريعية حيوية لترسيخ دولة الحق والقانون”.

ودعت العصبة البرلمانيين إلى إدراك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، التي وصفتها بأنها “مسؤولية تاريخية ومزدوجة: تشريعية من جهة، وسياسية وأخلاقية من جهة أخرى”، مؤكدة أن حماية الحقوق والحريات لا يجب أن تظل رهينة السياقات أو الحسابات السياسية، بل يجب أن تتحول إلى التزام دائم يترجم في السياسات والقوانين والمواقف.