حقوقيون يترافعون من أجل ضحايا فيضانات آسفي ويطالبون بمحاسبة المسؤولين
أعلنت لجنة التضامن مع ضحايا فيضانات آسفي، في ندوة صحافية، عقدت يوم السبت 20 دجنبر 2025، عن إطلاق مسار قانوني لمحاسبة المسؤولين عن الخسائر الناجمة عن الفيضانات الأخيرة، وضمان عدم الإفلات من العقاب، مع تأكيد ضرورة تعويض المتضررين.
وفي هذا الصدد، أوضح عضو لجنة التضامن مع ضحايا فيضانات آسفي محمد الكناوي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، (أوضح) أن اللجنة تأسست في أعقاب الفيضانات، لمواكبة الضحايا والدفع نحو إعلان المدينة “منطقة منكوبة”، لضمان تعويض المتضررين.
وأشار الكناوي إلى أن غياب المحاسبة في المدينة يعمق الأضرار، مضيفًا أن “اللجنة تأسست من أجل متابعة ومحاسبة المتسببين. لقد عاينا الخسائر والتقينا بعض التجار وسكان المدينة القديمة”، وأكد في هذا الصدد، استمرار انتشال جثث الضحايا “إلى اليوم منذ الأحد الماضي”.
وتطرق الكناوي إلى مشكلات تتعلق بدعم مواطني المدينة القديمة، بحيث شدد على أن المبالغ التي كانت مخصصة لإصلاح المنازل في المدينة القديمة محدودة، ولا تكفي لإعادة التهيئة بشكل كامل، كما لم تراعِ احتياجات المواطنين الأساسية، بحسب شكاوى ضحايا الفيضانات.
وأضاف أن قناة “واد الشعبة” لم تخضع للصيانة اللازمة، حيث تراكمت فيها الأحجار والمخلفات، مما أعاق تصريف المياه وخلق خطرًا على السكان، إلى جانب نفايات وقنوات الصرف الصحي التي شكل عدم وضعها بشكل جيد عائقًا إضافيًا.
ولفت المتحدث إلى أن العديد من المساعدات لم تصل إلى جميع الضحايا، بل اقتصر توزيعها على أشخاص محددين في مناطق معينة، مطالبًا بمراقبة عملية توزيع المساعدات لضمان وصولها لكل مستحقيها.
وقال إن اللجنة أعدت ملفًا قانونيًا بالتعاون مع محامين ومنظمات حقوقية، للترافع من أجل الضحايا ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال في تهيئة المدينة وعدم تنظيف القنوات قبل موسم الأمطار.
وأشار المصدر إلى أن الأحياء المتضررة تشمل أجزاء كبيرة من المدينة القديمة وأحيار أخرى بينها حي النهضة، حيث تسبب الإهمال في البنية التحتية في تفاقم الأضرار، بحسب تعبيره، خاصة بين التجار الذين فقدوا مصادر رزقهم.
واختتم الكناوي بالقول إن عمل اللجنة يركز على ضمان محاسبة المتسببين وتعويض الخسائر، مؤكدًا أن الهدف الأساسي هو عدم إفلات أي مسؤول من العقاب.
وتتشكل لجنة التضامن مع ضحايا فيضانات آسفي من مجموعة من الأحزاب والهيئات الحقوقية والنقابية، بينها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وجمعية “أطاك المغرب”، وفيدرالية اليسار الديمقراطي، والحزب الاشتراكي الموحد، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل.
وفي السياق، تظاهر مئات المواطنين، مساء الجمعة 19 دجنبر 2025، في ساحة الكورنيش بحاضرة المحيط، مطالبين بإنصاف الضحايا ومحاسبة المسؤولين عن الخسائر البشرية والمادية التي خلفتها هذه الفاجعة.
وردد المتظاهرون هتافات تطالب بإنقاذ المدينة من قبيل “هذا عيب هذا عار آسفي في خطر”، وأخرى تستنكر تدخل السلطات الأمنية في حقهم لمنع احتجاجهم السلمي من قبيل “سلمية قمعتوها”.
وشارك في الوقفة مئات المواطنين الذين كان يتقدهم نشطاء في المجتمع المدني وحقوقيون ونقابيون، رافعين شعارات تُحمّل الجهات المعنية مسؤولية ما وصفوه بـ”الإهمال وسوء التدبير”، وطالبوا بفتح تحقيق جدي وترتيب المسؤوليات، إلى جانب التعجيل بتعويض المتضررين وجبر الأضرار.
وأظهرت مقاطع فيديو محاصرة القوات العمومية المحتجين قبل أن تتدخل لتفريق الوقفة بالقوة، ما خلف إصابات في صفوف المتظاهرين، وسط استنكار واسع لأسلوب التعامل مع احتجاج سلمي ذي طابع إنساني واجتماعي.
وتعيش ساكنة آسفي حالة من الغضب والاستياء، على خلفية الخسائر والمعاناة التي خلفتها الفيضانات الأخيرة، في ظل مطالب متزايدة بضرورة معالجة تداعيات الكارثة ومنع تكرارها مستقبلاً.
وشهدت المدينة، مساء الأحد 14 دجنبر 2025، فيضانات مفاجئة وقوية أعقبت تساقطات مطرية غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية استمرت لمدة قصيرة، لكنها كانت كافية لإغراق عدد من الأحياء والشوارع الرئيسية، وتحويلها إلى سيول جارفة من المياه الموحلة.
وأسفرت هذه الفيضانات، وفق ما أفادت به السلطات المحلية، عن مصرع ما لا يقل عن 37 شخصاً، في حصيلة وُصفت بأنها الأعلى المرتبطة بمثل هذه الظواهر الجوية في المغرب خلال العقد الأخير. بينما يشير برلمانيون وحقوقيون إلى تجاوز الحصيلة، الرقم المعلن عنه رسمياً الإثنين الماضي.