story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

حقوقيون: طفل ميدلت لم ينتحر ونطالب بتحقيق نزيه وحازم

ص ص

يتواصل اهتمام الرأي العام المغربي بقضية الطفل والراعي محمد بويسليخن، منذ العثور عليه جثة هامدة في ظروف غامضة بمنطقة جبلية معزولة في دوار أيت زعرور، بجماعة أغبالو التابعة لدائرة بومية بإقليم ميدلت.

ومع غياب التوضيحات الرسمية من الجهات القضائية حتى كتابة هذا التقرير، تستمر التساؤلات بشأن حيثيات وفاة الطفل، الذي لم يتجاوز عمره 15 سنة.

وفي هذا الصدد، طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان النيابة العامة بفتح تحقيق “نزيه وشفاف” في ملابسات ما اعتبرته “جريمة قتل تعرض لها الطفل الراعي محمد”.

وطالبت الجمعية، من خلال مكتبها الجهوي بدرعة تافيلالت، في بلاغ توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، بإبداء قدر من الحزم في التحقيق، مشيرة إلى أنها سجلت “فتوراً واستخفافاً في ظهور نتائج البحث وتقرير التشريح الطبي، رغم مرور ما يقارب ثلاثة أسابيع على الواقعة”.

كما دعت إلى التسريع بالكشف عن نتائج تقرير التشريح الطبي.

وفي السياق، يستبعد نائب رئيس المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بدرعة تافيلالت، إبراهيم رزقو، أن يكون الطفل قد فقد حياته جراء حادث انتحار. ويقول في حديث مع صحيفة “صوت المغرب” إن “الصورة معبّرة عمّا حدث، ولا تحتاج إلى أي شرح. لا يمكن بتاتاً أن ينتحر الطفل وهو جالس على ركبتيه”.

ويرى رزقو أنه “من غير المعقول أن يمر أكثر من أسبوع على الحادث ولا تزال القضية غامضة”، معبّراً عن استغرابه من تأخر صدور نتيجة التشريح الطبي، وأضاف: “لو تعلق الأمر بإرسالها إلى دولة أخرى، لكانت النتائج قد صدرت منذ وقت طويل وعادت إلى المغرب”، متسائلاً عن سبب هذا التأخير.

وسجّل الحقوقي “وجود تعامل باستخفاف كبير من طرف السلطات، سواء الدرك الملكي أو النيابة العامة أو حتى السلطات المحلية”.

كما أعرب عن إدانته لوسائل إعلام محلية نشرت على منصاتها خبراً “يدّعي وجود بلاغ يفيد بانتحار الطفل استناداً إلى نتائج التشريح الطبي”، مؤكداً أن هذه الأخبار زائفة، “لأن التقرير الطبي لم يصدر إلى حدود اليوم”.

وقال رزقو: “من المؤلم جداً أن تعيش أسرته هذه المحنة لأكثر من 15 يوماً، وسط خيوط وملابسات لا تزال غامضة”. وأعرب عن أمله في “تحقيق نزيه ومحايد من أجل الوصول إلى الحقيقة، وإنصاف عائلة الطفل المكلومة”.

وفي هذا الإطار، أعلنت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عزمها تنظيم قوافل تضامنية إلى مكان الجريمة بالتنسيق مع الفروع الجهوية القريبة للمنطقة، وندوة صحافية في العاصمة الرباط لتسليط الضوء على هذا الملف “الذي تحاول جهات طيه والإبقاء عليه في منطقة الظل”.

وقالت الجمعية إن أسرة الطفل ازدادت “آلاماها قساوة بسبب تعامل السلطات المحلية والدرك الملكي بنوع من البرود والاستخفاف في ملف ابنها، والذي خلف استياء في نفوس سكان المنطقة”، وذلك بعد ألم العثور على طفلها “وهو جثه هامدة ملفوف بحبل على عنقه”.

وأشارت الجمعية بجهة درعة تافيلالت إلى أن هذه الواقعة المؤلمة “خلفت إحساساً كبيراً بالحكرة والتهميش والإقصاء من جراء هكذا تعامل”، مقابل تحرك الأطياف الحقوقية والسياسية في واقعة مقتل الطفل عدنان بطنجة، وهو ما يعد تمييزاً ملحوظاً بين المراكز والهامش، وترسيخاً لمقولة المغرب النافع والمغرب غير النافع”.

وترى الجمعية أنه “بدل أن تتعامل الأجهزة الأمنية بالجهة مع هذه القضايا بحزم وتفك ألغاز هذا الجريمة البشعة، للضرب بيد حديد على يد القتلة، “صارت تصرف اهتمامها بأمور أخرى كاصطياد الأخطاء البسيطة للمواطنين المغلوبين على أمرهم في الشارع العام واستخلاص غرامات مالية منهم”.

وفي هذا السياق، طالبت الهيئة الحقوقية ذاتها، السلطات المحلية بالجهة بتوجيه مقاربتها “في اتجاه معالجة الظواهر الغريبة والبشعة بدل متابعة المواطنين بالشارع العام لأسباب شكلية”.

وتعود خيوط الحادث المأساوي لوفاة الطفل محمد بويسليخن إلى يوم الاثنين 16 يونيو 2025، حين تم العثور عليه جثة هامدة، معلقة بطريقة غريبة بين عمودين خشبيين مشدودين، في منطقة خلاء بجماعة أغبالو، التابعة لإقليم ميدلت.

ووجد الطفل، الذي يعمل راعياً للغنم، جاثيا على ركبتيه، ورأسه متدلٍ حسب الصورة المتداولة للضحية، في وضع وصفه العديد من المتابعين والساكنة المحلية بـ”غير المفهوم” و”المثير للريبة”.

وأثارت الصورة المسربة من مسرح الحادث جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر كثيرون أن طريقة الوفاة لا تتماشى مع فرضية الانتحار، مُتسائلين: “كيف يعقل أن يُقدم طفل في هذا العمر على الانتحار بهذه الطريقة الهادئة، دون أي آثار للمقاومة، أو محاولة للتخلص من الحبل؟”.

وزادت طريقة الحبل الملفوف حول عنق الضحية من غموض الحادث، وأعطى الانطباع بوجود “إخراج مدبّر” خلف الواقعة، يوحي بمحاولة إظهار الحادثة كأنها عملية انتحار.

وبعد مرور أكثر من أسبوعين على الواقعة، لا تزال الأبحاث جارية تحت إشراف النيابة العامة، في محاولة لفك لغز هذه الوفاة الغامضة، وسط مطالب حقوقية بضرورة التعامل الجدي والشفاف مع الملف، وكشف الحقيقة للرأي العام.

وقد تم نقل جثة الطفل إلى مستودع الأموات قصد إخضاعها لتشريح طبي دقيق، من المرتقب أن يوضح ما إذا كانت الوفاة ناتجة فعلاً عن الخنق بالحبل، أو أن هناك تدخلاً خارجياً أدى إلى مقتل الطفل قبل تعليق الجثة.