حقوقيون: القوانين الحالية تقمع الإعلام المستقل وتقيد حق الوصول إلى المعلومة
حذرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من استمرار تراجع حرية الصحافة والرأي بالمغرب، مؤكدة أن القوانين الحالية، وخاصة المتعلقة بالصحافة الإلكترونية، تشكل تهديدا حقيقيا لهذه الحريات الأساسية.
وأوضحت الجمعية في تصريح لها بمناسبة الذكرى 77 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف الـ من 10 دجنبر من كل سنة، أن الضمانات القانونية لممارسة الحق في الوصول السلس إلى المعلومة ما تزال ضعيفة، في حين يفرض قانون الصحافة والنشر عراقيل متعددة أمام الصحافيين والصحافيات والناشطين على الإنترنت، بما يتعارض مع المعايير الدولية.
وأشارت المصدر إلى استمرار الدولة في توظيف القانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر لمتابعة الصحافيين، والمدونين، والناشطين، والمثقفين، والفنانين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، معددة أمثلة، من بينها محاكمة الصحافي حميد المهداوي، والأكاديمي المعطي منجب، والنقيب محمد زيان، حيث تعرضوا لما وصفته الجمعية بـ”أحكام جائرة وقاسية” وتهديد مباشر للحق في التعبير.
ولفتت الهيأة الحقوقية إلى تواتر استنطاقات وتهديدات أمنية، بالإضافة إلى متابعات قضائية استهدفت عدد من المدونين ومدونات الرأي، نتيجة نشر تدوينات وفيديوهات للتعبير عن آرائهم، حيث صدرت بعض الأحكام السالبة للحرية في حقهم.
وذكرت الجمعية أن “السلطة تسعى لإحكام قبضتها على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال الزج بالمناضلين في السجون بسبب تدوينات على هذه المواقع وتجريم أي رأي ينتقد السياسات العمومية”، في مسعى لفرض مجلس وطني للصحافة يتحكم في المجال الإعلامي ويقيد حرية النشر والتعبير.
وفي هذا السياق طالبت الجمعية الحقوقية، بإلغاء كل الإجراءات والفصول القانونية المقيدة للحرية، وإسقاط الغرامات والتعويضات الباهظة التي قد تؤدي إلى إقبار الصحافة المستقلة، مع ضرورة سحب مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم “المجلس الوطني للصحافة”، وإطلاق حوار جاد مع المهنيين لإقرار قانون يحترم استقلالية المجلس ويعزز حرية الصحافة والنشر.
كما دعت أيضا إلى وضع حد للتحكم في المجال الصحافي، واعتماد الشفافية والنزاهة في تمويل الإعلام، مع كف الدولة عن تشجيع صحافة التشهير التي تمس بأخلاقيات المهنة.
و من جهة أخرى نبهت الهيئة ذاتها إلى احتكار الدولة المغربية لوسائل الإعلام العمومية، واستعمالها لخدمة سياساتها الخاصة بعيدا عن تطلعات المواطنين، “في وقت يفترض أن تعمل هذه الوسائل على نشر ثقافة حقوق الإنسان وقيمها”.
ونبهت في غضون ذلك، إلى أن احترام حرية الصحافة والرأي والحق في الوصول إلى المعلومة لا يمكن التهاون فيها، مبرزة “أن ضمان هذه الحقوق يمثل حجر الزاوية لأي مجتمع ديمقراطي يحترم الإنسان ويصون كرامته”.
وفي نفس السياق، ما فتئت العديد من الهيئات والمنظمات المهنية والنقابية تطالب بسحب مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، من مجلس المستشارين، وإطلاق حوار مع مهنيي القطاع من أجل إرساء وضع قانوني قادر على إخراج قطاع الصحافة والنشر من الوضعية الصعبة التي دخلها منذ سنوات.
وفي هذا الإطار، جددت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال/ UMT، النقابة الوطنية للإعلام والصحافة/ CDT، والكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني، (جددت) مطالبتها بتأجيل النقاش التفصيلي لمواد مشروع قانون 25/26 بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، مؤكدة ضرورة إعادته لطاولة الحوار الاجتماعي القطاعي من أجل التفاوض والتوافق حول مضامينه.
جاء ذلك خلال لقاء عقده مسؤولو هذه الهيئات مع الأمين العام لحزب الحركة الشعبية محمد أوزين وأعضاء من المكتب السياسي للحزب، يوم الجمعة 07 نونبر 2025 بالرباط.
ويرى مسؤولو الهيئات النقابية والمهنية أم مشروع القانون، “جاء خارج السياق الدستوري، وخارج الاشراك الجمعي، ناهيك عن كونه يقوض الركن الأساس للتنظيم الذاتي للمهنة (الاستقلالية، والديمقراطية)، ويكرس مقاربة رأسمالية، ويشرعن آليات الضبط، ويجهز على التنظيمات النقابية وعلى التعددية والعدالة التمثيلية، وعلى المناصفة والشفافية”، من خلال اعتماد نمطين من الاقتراع، الانتخاب الفردي للصحافيين، والتعيين عبر الانتداب لفائدة الناشرين.
إلى جانب ذلك، اعتبرت هذه التنظيمات خلال اللقاء مع القيادة السياسية للحزب، أن “المشروع يمس جوهر العمل الصحافي وروح الديمقراطية وفلسفة التنظيم الذاتي؛ ويتعارض ومقتضيات الدستور ومدونة الصحافة والنشر وأعراف وتقاليد المهنة واخلاقياتها، ومع التزامات المغرب الدولية في مجال الحريات النقابية والتمثيل المهني وحقوق الإنسان، علاوة على أنه لا يرتبط في سياقه مع إصلاح باقي قوانين الصحافة والنشر”.
كما وقف العرض الذي قدمته الهيئات النقابية والمهنية خلال اللقاء، عند خلاصات وتوصيات رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول مشروع القانون واعتبرتها مرجعا وسندا قانونيا في الدعوة إلى إنتاج نص تشريعي ينسجم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومع روح الدستور ومقتضياته ذات الصلة بحقوق الإنسان، ومع مدونة الصحافة والنشر، والتزامات المغرب الوطنية والدولية.