حريق غابة هوارة.. دعوات لتطبيق صارم للعقوبات ضد مفتعلي الحرائق

نبه خبراء بيئيون إلى ضرورة تشديد العقوبات القانونية بحق كل من يثبت تورطه في إشعال حرائق الغابات، سواء بشكل مباشر أو نتيجة سلوكيات مهملة، وذلك على خلفية الحريق المهول الذي اندلع بغابة هوارة بين طنجة وأصيلة، والتهم أزيد من 60 هكتاراً من الغطاء النباتي.
وقد كشفت تحقيقات النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بطنجة عن توقيف مشتبه به كان يتواجد بالقرب من مكان اندلاع الحريق بحوزته عشر ولاعات وسكين وغليون يستعمل لاستهلاك المخدرات.
وفي هذا السياق، اعتبر الخبير البيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ مصطفى بنرامل، أن هذه السلوكات باتت جريمة في حق الغابة، وبالتالي في حق الإنسانية جمعاء، مشدداً على “ضرورة تفعيل القوانين المغربية الواضحة في هذا الشأن، والتي تنص على غرامات مالية قد تتجاوز 5000 درهم، إضافة إلى العقوبات الحبسية، مع توسيع نطاق تطبيقها لردع المخالفين”.
وأوضح بنرامل، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن السلوكيات البشرية الخاطئة تُعد من أبرز الأسباب المباشرة في اندلاع الحرائق، مشيراً إلى أن رمي أعقاب السجائر في الطبيعة، أو إشعال النيران دون إطفائها بشكل جيد، وترك القنينات الزجاجية أو البلاستيكية وسط الغطاء النباتي، كلها عوامل تؤدي إلى اشتعال النيران بشكل مفاجئ وسريع، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
واعتبر أن هذه الحرائق تمثل جريمة بيئية كبرى، لما لها من تأثير سلبي مباشر على الغابات التي تؤدي دوراً أساسياً في امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأوكسجين، محذرا من أن تدمير الغطاء الغابوي يسرّع من وتيرة تغيّر المناخ، ويزيد من انبعاث الغازات الدفيئة.
ومن جهة أخرى، أشار الخبير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة هذه السنة، تزامناً مع تراجع نسبة التساقطات، ساهم في جفاف الغطاء النباتي، ما جعل الغابات أكثر هشاشة وقابلية للاشتعال، مؤكدا أن هذه الظاهرة ليست محصورة في شمال المغرب فحسب، بل تهدد مختلف المناطق، خاصة مع توالي موجات الحر.
وأضاف أن سرعة انتشار الحرائق يعود أيضاً إلى الرياح القوية التي تهب على المناطق الغابوية، مما يجعل السيطرة عليها أكثر صعوبة، ويطيل من أمد جهود الإطفاء رغم تدخل فرق الوقاية المدنية والسلطات المحلية.
وفي غضون ذلك، انتقد بنرامل ضعف ثقافة الوقاية لدى المواطنين، مبرزاً أن سلوك الإنسان المغربي لم يتكيف بعد مع التحديات المناخية الجديدة، كما أن الاحتياطات المتخذة سواء في الحقول أو الغابات أو الواحات تظل غير كافية، داعياً إلى اعتماد سلوكيات أكثر مسؤولية.
وفي سياق متصل، اعتبر المتحدث أن الحملات التحسيسية التي نظمتها الوكالة الوطنية للمياه والغابات والسلطات المختصة، بمناسبة اليوم الوطني للتوعية بمخاطر حرائق الغابات، تبقى غير كافية ما لم تُرفق بخطط عملية ومستمرة، مشدداً على ضرورة تعزيز التوعية البيئية في المدارس والإعلام.
كما دعا إلى تعزيز الاستعمال الذكي للتكنولوجيا في مواجهة هذه الكوارث، عبر تطوير خرائط رقمية لمخاطر الحرائق، تستند إلى معطيات الطقس والرياح والرطوبة، وتُحدث باستمرار من خلال الذكاء الاصطناعي، مما يُمكن من اتخاذ قرارات وقائية قبل وقوع الكارثة.
وإضافة إلى ذلك، دعا مصطفى بنرامل السلطات إلى تنظيم مناورات محاكاتية ميدانية، بمشاركة الجماعات الترابية والوقاية المدنية والمجتمع المدني، بهدف الرفع من جاهزية التدخل الأولي عند اندلاع الحرائق، والحد من الخسائر في الأرواح والممتلكات والغطاء الغابوي.