“جيل Z” في أسبوعه الثاني من الغضب.. إلى أين تتجه الاحتجاجات؟

تدخل احتجاجات “جيل Z” يومها العاشر منذ اندلاعها في 29 شتنبر الماضي، مطالبةً بإقالة الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش، وإجراء إصلاحات اجتماعية واقتصادية تمسّ قطاعات حيوية في البلاد، على رأسها التعليم والصحة.
ويتمسك شباب “جيل Z” بمطالبهم للأسبوع الثاني على التوالي، غير أن المشهد لم يعد كما كان في الأيام الأولى للاحتجاجات؛ إذ سادت خلال الأسبوع الماضي لغة القمع والاعتقالات، وما تلاها من انفلات أمني في عدد من المدن، قبل أن تبدأ السلطات في السماح بتنظيم التظاهرات، في وقتٍ تأثر فيه زخم الحراك على مستوى الشارع.
وفي حين يصرّ الشباب، في بياناتهم الموجهة إلى الملك محمد السادس، على مطلب إقالة حكومة أخنوش، تواصل هذه الأخيرة دعوتهم إلى الحوار، وتنظم لقاءات عبر القنوات العمومية، في محاولة للتواصل مع الحركة الشبابية بشكل مباشر أو غير مباشر.
ورغم أن الاحتجاج مرشح لمزيد من التصعيد ما لم تُعالج الأسباب التي فجّرته، بحسب مصطفى ابن الرضي، يعدد الكاتب الصحافي مجموعة من العوامل التي أثّرت في ديناميتها، من بينها المقاربة الأمنية في الأيام الأولى، وضعف الخبرة التنظيمية والسياسية لدى الشباب، فضلًا عن محدودية الموارد البشرية للحراك في ظل عدم نجاحه في استقطاب فئات جديدة من خارجه.
ويوضح الصحافي مصطفى ابن الرضي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن المقاربة الأمنية التي اعتمدتها السلطات في الأيام الأولى، “والتي سعت من خلالها إلى فرض نوع من السيطرة على الشارع”، أثّرت على زخم احتجاجات “جيل Z”.
كما أشار إلى أن “أعمال العنف التي شهدتها بعض المناطق انعكست سلبًا على الحراك”، بعدما استحوذت على الصورة العامة، وحوّلت النقاش المجتمعي نحو جدوى الاستمرار في الاحتجاج في ظل سقوط قتلى وحدوث تخريب ونهب واعتداءات على القوات العمومية.
وأضاف أن الحملة الإعلامية التي أطلقتها الحكومة وائتلاف الأغلبية عبر القنوات العمومية “قد تؤدي غرض احتواء الحراك”.
ولفت الصحافي إلى وجود عوامل ذاتية داخل الحركة الشبابية نفسها، أبرزها غياب وجوه قيادية قادرة على إيصال صوتها بوضوح، دون الحاجة إلى وسائط أو متحدثين سرعان ما يجري “التبرؤ” منهم. كما أن عزل الشباب عن باقي الفاعلين المجتمعيين من أحزاب ونقابات ومؤسسات مدنية حرمهم من حزام سياسي ومن موارد بشرية وخبرة في تدبير الأشكال الاحتجاجية.
ويرى ابن الرضي أن “محدودية الخبرة السياسية والتنظيمية لدى هؤلاء الشباب ظهرت بوضوح، على الأقل في مستوى إنضاج الجواب السياسي، ما يسهل مهمة احتوائهم وتحويل احتجاجهم إلى أشكال روتينية تُستهلك في التظاهر اليومي”.
وأضاف أن بعض مطالب الحركة “غير متناسبة مع حجم الاحتجاج”، وتجاوزت أحيانًا الإطار الاجتماعي، خاصة بعد صدور لائحة مطالب وصفها وسيط المملكة في نقاش تلفزيوني بأنها “شعبوية”، فيما اعتبر آخرون سقف المطالب الحالية “نكوصيًا” مقارنة بديناميات احتجاجية سابقة ركزت بوضوح على المدخل السياسي للإصلاح.
وانطلاقًا من معطيات اللحظة، يرى ابن الرضي أن هناك توجّهًا نحو احتواء الاحتجاجات، مشيرًا إلى أن الدعوات إلى الاحتجاج اليومي قد تسهم في إنهاك الحركة، “خاصة وأن نقاط الاحتجاج تتحرّك باستمرار، في حين تبدو مواردها البشرية محدودة، ما لم تنجح في استقطاب فئات جديدة للانخراط في ديناميتها”.
وفي المقابل، نبّه الصحافي إلى بروز مؤشرات على المزايدة والتوظيف السياسي لحراك شباب “جيل Z”، حتى من داخل الائتلاف الحكومي نفسه.
ويظل أفق تصاعد الغضب الشعبي واردًا، بحسب ابن الرضي، “ما لم تنتفِ الأسباب التي دفعت إلى الاحتجاج”، مؤكدًا أن الأوضاع قد تتخذ أشكالًا أكثر حدة واتساعًا، سواء من خلال دينامية جيل Z أو عبر فئات اجتماعية أخرى.
وأوضح أن “العوامل التي أدت إلى خروج الاحتجاجات لا تزال قائمة، وأن استمرارها يوفّر أسباب الغضب الاجتماعي”، مشيرًا إلى أن هذه الوضعية “لا تُعالج بالوعود والخطابات السياسية التي قد توفر جوابًا آنيًا للتعامل مع الدينامية الجديدة، لكنها لا تُنهي تراكم المشاكل في القطاعات الاجتماعية، إلا بوجود إرادة سياسية حقيقية للإصلاح”.
وخلص ابن الرضي إلى أن الحل لن يتحقق إلا عبر إعادة ترتيب أولويات تدبير موارد الدولة، مشيرًا إلى أن احتجاجات “جيل Z” تبقى رسالة من المجتمع تدعو إلى رفع احتياجات المواطنين إلى صدارة اهتمامات الدولة.