توجيهات جديدة من أجل التنزيل السليم لقانون العقوبات البديلة

دعا المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى ضمان التنزيل السليم لقانون العقوبات البديلة ومرسومه التطبيقي، مشدداً على أن المرحلة الأولى من التنفيذ تستلزم توحيد المعايير والإجراءات مع احترام استقلال القضاة.
وفي هذا السياق، دعا المجلس في دورية وجهها إلى الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية، إلى ضرورة الدقة في تحرير منطوق الأحكام والمقررات التنفيذية، حتى تكون واضحة ودقيقة وتشمل العقوبة الأصلية وجميع البيانات المتعلقة بالعقوبة البديلة من نوعها ومدتها وشروط تنفيذها، مشددا على أهمية تضمين هذه المقررات كافة المعلومات الجوهرية الخاصة بالمحكوم عليه والعقوبة والجهة المكلفة بالتنفيذ.
وأكد المجلس ضرورة التنصيص الواضح على الجزاءات المترتبة عن الإخلال بتنفيذ العقوبة البديلة، وذلك بتنفيذ العقوبة الحبسية الأصلية أو ما تبقى منها في حالة التوقف أو الإخلال، مشيرا إلى ضرورة تبليغ النيابة العامة والمحكوم عليه والهيئة المستقبلة، وفق ما ينص عليه قانون المسطرة الجنائية.
ولفتت الدورية إلى أن البيانات الخاصة تختلف باختلاف نوع العقوبة البديلة، بحيث دعت بالنسبة لعقوبة العمل لأجل المنفعة العامة إلى تحديد طبيعة العمل، المؤسسة المستقبلة، العنوان الكامل، المدة الإجمالية، البرنامج الزمني، وضوابط العمل والتزامات المحكوم عليه، كما أشارت إلى أن أجل التنفيذ محدد في ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة.
وبالنسبة لعقوبة المراقبة الإلكترونية، دعا المجلس إلى التنصيص على نوع النظام المطبق، سواء ثابت أو متحرك، وتحديد العنوان الدقيق لمكان الإقامة أو الأماكن المسموح بها، كما شدد على ضرورة ضبط القيود الزمنية والجغرافية، ومدة العقوبة، وأرقام التواصل الفوري مع الأشخاص المرجعيين.
أما بخصوص عقوبة الغرامة اليومية، فقد دعا المصدر إلى تضمين المقررات عدد أيام العقوبة الأصلية، والمبلغ المحدد لكل يوم، والمبلغ الإجمالي الواجب أداؤه، مع تحديد آجال الأداء أو إمكانيات التقسيط، وأكد ضرورة إثبات التعويض أو الصلح أو التنازل عند الاقتضاء، مع الالتزام بأجل التنفيذ المحدد في ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة.
كما أكد المجلس على ضبط التدابير الرقابية أو العلاجية أو التأهيلية بدقة، من خلال تحديد النشاط أو البرنامج المهني أو التكويني، والعنوان وأوقات الحضور، والأماكن الممنوع ارتيادها، والسلطات الواجب المثول أمامها، مُرَكزا على ضرورة تحديد نوع العلاج ومدته، وكيفية إصلاح الضرر والتعويضات، بما يمكن من متابعة دقيقة للتنفيذ.
ومن جانب آخر، دعا المصدر إلى إحالة المقررات القضائية على المؤسسات السجنية في انتظار إرساء نظام معلوماتي مندمج من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون، موضحا أن إحالة هذه المقررات تعتبر خطوة أساسية لضمان سلامة التنفيذ وتسهيل مهام الجهات المختصة.
كما شدد على احترام مختلف الآجال القانونية المرتبطة بتنفيذ العقوبات البديلة، لافتا إلى أن فعالية هذا النظام رهينة بضبط هذه الآجال بدقة، بحيث أوضح أن الآجال تشمل إصدار المقررات، التبليغات، المنازعات، وتنفيذ العقوبات، وكلها تشكل ضمانات أساسية للأطراف المعنية.
وفي هذا الإطار، دعا المجلس إلى إصدار المقررات التنفيذية داخل أجل عشرة أيام من تاريخ الإحالة، والمنازعة في القرارات داخل آجال محددة تتراوح بين ثلاثة وخمسة أيام، كما شدد على ضرورة البت في منازعات التنفيذ داخل أجل خمسة عشر يوماً من تاريخ الإحالة الفورية على المحكمة.
ولتعزيز فعالية التنفيذ، طالب المجلس بتخصيص قاض لتطبيق العقوبات البديلة على مستوى كل محكمة، بما يضمن التنسيق مع المؤسسات السجنية وتتبع التنفيذ بدقة، مبرزا أن تخصيص قاض لهذا الغرض يساهم في تعزيز الرقابة وضمان احترام الإجراءات القانونية والتنظيمية.
وفي غضون ذلك، دعا المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى تعزيز التنسيق بين قضاة الحكم وقضاة تطبيق العقوبات والنيابة العامة والمؤسسات المستقبلة للعقوبات البديلة، كما شدد على ضرورة استكمال الملفات بالوثائق الضرورية لتفادي أي لبس، مذكراً بأن “هذه التوجيهات تهدف إلى تكريس الثقة في العدالة وضمان نجاح نظام العقوبات البديلة”.
وخلص المصدر إلى أن هذه التوجيهات تروم تحقيق الأهداف الكبرى للنظام الجديد الخاص بالعقوبات البديلة، وفي مقدمتها تخفيف الاكتظاظ السجني وتعزيز الطابع الإصلاحي للعقوبة.