تواجه اتهامات بالمغرب.. أوروبا تعاقب “غلوفو” بسبب ممارسات منافية لقواعد المنافسة

فرضت المفوضية الأوروبية في بروكسل غرامة قدرها 329 مليون يورو ( ما يعادل تقريبا 3.2 مليار درهم) على كل من شركتي “دليفري هيرو” (Delivery Hero) و”غلوفو” (Glovo)، التي تواجه في الوقت ذاته اتهامات في المغرب بخصوص ممارسات منافية لقواعد المنافسة.
وتأتي العقوبة الأوروبية التي صدرت، يوم الإثنين 2 يناير 2025، على خلفية تشكيل الشركتين اتفاقاً غير قانوني في قطاع توصيل الطعام والمنتجات الأخرى، استمر لأربع سنوات.
ووفقًا لقرار بروكسل، فإن الشركتين تابدلتا معلومات حساسة، وتقاسمتا المناطق الجغرافية، واتفقتا على عدم تعيين موظفين من بعضهما البعض، مما يُعد انتهاكاً لقواعد المنافسة في الاتحاد الأوروبي.
وستدفع شركة “غلوفو”، وفقاً لوكالة الأنباء الإسبانية (إيفي) غرامة قدرها 105.7 ملايين يورو (حوالي 1 مليار درهم)، بينما ستتحمل الشركة الألمانية “دليفري هيرو” عقوبة قدرها 223.3 مليون يورو (حوالي 2.2 مليار درهم).
وتشمل هذه الأرقام خصماً بنسبة 10% نتيجة اعتراف الشركتين بالوقائع خلال التحقيق، بحسب ما أوضحته المفوضية في بيان رسمي.
امتد هذا السلوك غير القانوني في الفترة بين يوليوز 2018 ويوليوز 2022، وخلالها تحولت “دليفري هيرو” من مساهم صغير في “غلوفو” إلى السيطرة الكاملة على الشركة.
وأشارت المفوضية إلى أنه رغم قانونية هذه الحصة، إلا أنها استُخدمت للحفاظ على علاقات غير تنافسية بين شركتين متنافستين في نفس القطاع.
وتؤثر “دليفري هيرو” على القرارات الإستراتيجية لشركة “غلوفو”، من خلال وجودها في مجلس إدارتها “غلوفو”، كما تسهل تبادل بيانات سرية، مثل استراتيجيات التسويق، وسياسات التسعير، والتكاليف، وخصائص المنتجات.
كما اتفقت الشركتان، بالإضافة إلى ذلك، على عدم التنافس في الأسواق التي تعملان بها بالفعل، وتنسيق الدخول أو عدم الدخول إلى مناطق جغرافية جديدة، مما أعاق التطور الطبيعي للسوق.
ومن بين السلوكات التي عاقبت المفوضية الشركتين من أجلها، الاتفاق على عدم تعيين موظفين من الطرف الآخر، وهي ممارسة تُعرف باتفاق “عدم الاستقطاب” (no poach agreement).
وقد بدأ هذا الاتفاق في البداية بتطبيقه على وظائف محددة، وفقاً لوكالة الأنباء الإسبانية، لكنه توسع لاحقاً ليشمل جميع العاملين، باستثناء سائقي التوصيل.
وفي هذا الصدد، قالت تيريزا ريبيرا، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية والمكلفة بشؤون المنافسة، إن “هذا الملف مهم لأنه يُظهر كيف تم استخدام حصة أقلية في شركة بطريقة منافية للمنافسة”، مشيرة إلى أن هذه المرة هي الأولى التي يُعاقب فيها الاتحاد الأوروبي على اتفاقية عدم استقطاب الموظفين.
وتؤدي هذه الممارسات، بحسب ريبيرا، إلى تقليص الفرص الوظيفية وتقييد المنافسة على استقطاب أفضل الكفاءات، مما ينعكس سلباً على العاملين والسوق ككل.
ومن جانبها، اعترفت شركة “دليفري هيرو” بتورطها في القضية، وذكرت أنها كانت قد خصصت مسبقاً مبلغ 400 مليون يورو (ما يعادل تقريبا 4 ملايير درهم) لتغطية هذه الغرامة المحتملة.
وبعد الإعلان عن قيمة العقوبة النهائية، أوضحت الشركة أن الغرامة “أقل بنسبة تقارب 20 في المائة مما كان متوقعاً”، مشددة على أن الأثر المالي سيتم احتواؤه دون التأثير على الأرباح التشغيلية المعدّلة للشركة.
غلوفو تحت المجهر
وفي السنوات الأخيرة، واجهت “غلوفو” عدة غرامات بسبب مخالفات في مجالي العمل وحماية البيانات. من بينها غرامة سنة 2022، فرضتها وزارة العمل الإسبانية على الشركة قدرها 79 مليون يورو (ما يعادل تقريبا 790 مليون درهم) بسبب توظيف أكثر من 10,600 سائق توصيل في برشلونة وفالنسيا بصفتهم “عاملين مستقلين زائفين”.
كما تلقت الشركة غرامة أخرى قدرها 8.5 ملايين يورو (ما يعادل تقريبا 85 مليون درهم) في إشبيلية عام 2021 بسبب عدم تصحيح أوضاع التوظيف.
وفي مجال الخصوصية، فرضت وكالة حماية البيانات الإسبانية (AEPD) على “غلوفو” غرامة قدرها 550,000 يورو (ما يعادل تقريبا 5 ملايين درهم) في عام 2024، بينما تعرض فرعها في إيطاليا “فودينيو” لغرامتين بإجمالي 7.6 ملايين يورو (ما يعادل تقريبا 76 مليون درهم) بسبب انتهاك اللائحة العامة لحماية البيانات، وتجاوزات في التعامل مع بيانات آلاف سائقي التوصيل.
أما في المغرب، فقد قام المقرر العام لمجلس المنافسة بإشعار شركة “غلوفو” التي تنشط في سوق المنصات الرقمية لطلب وتوصيل الوجبات، بمؤاخذات بخصوص ممارسات منافية لقواعد المنافسة. إذ تواجه الشركة اتهامات رسمية بإساءة استغلال وضعها المهيمن، واستغلال تعسفي لحالة التبعية الاقتصادية لشركائها، وممارسات تسعير منخفضة بشكل مفرط في السوقين الوطني والمحلي لمنصات الطلب والتوصيل الرقمي للوجبات.
وأعلن مجلس المنافسة، في بيان يوم الأربعاء 28 ماي 2025، فتح تحقيق، بمقتضى قراره عدد 20/ ق/ 2024 بتاريخ 19 فبراير 2024، في وجود محتمل لممارسات منافية للمنافسة في سوق المنصات الرقمية لطلب وتوصيل الوجبات على الصعيدين الوطني والمحلي.
وخلصت المصالح المختصة لمجلس المنافسة، تبعاً لإجراءات التحقيق والبحث المنجزة من طرفها، إلى وجود حجج وقرائن تفيد وجود ارتكاب ممارسات منافية لقواعد المنافسة، من طرف الشركة.
وتتعلق المآخذ بالاستغلال التعسفي لوضع مهيمن في السوق، والاستغلال التعسفي لحالة التبعية الاقتصادية التي قد يكون فيها بعض الشركاء التجاريين للشركة المعنية، بالإضافة إلى تطبيق سياسات تسعير منخفضة بشكل مفرط.
وقد تشكل هذه الأفعال مخالفات للمادة 7 من القانون رقم 104-12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، كما تم تعديله وتتميمه.
وتمنع المادة المذكورة، على وجه الخصوص، إساءة استغلال الوضع المهيمن، واستغلال حالة التبعية الاقتصادية، متى كانت هذه الممارسات تهدف أو تؤدي إلى الحد من أو تحريف أو عرقلة السير الطبيعي للمنافسة في السوق.
ويعد إشعار المآخذ بداية مرحلة إجرائية تقوم على مبدأ المواجهة، مع احترام حقوق الدفاع للشركة المعنية. ويبقى الحسم النهائي من اختصاص الهيئة الجماعية لمجلس المنافسة، بعد استكمال التحقيق وعقد جلسة مخصصة لذلك، في الوقت الذي يشكل فيه هذا الإشعار حكماً مسبقاً على نتيجة القضية.
ومن شأن هذه الإجراءات، بحسب المجلس، الحفاظ على التوازن التنافسي في السوق، بما يخدم مصلحة المستهلكين وحسن سير الاقتصاد، من خلال ضمان تنوع العروض، وجودة مناسبة للخدمات، وأسعار عادلة.